في الوقت الذي حققت فيه بلدة بيتا جنوب نابلس نصرا بالنقاط، وكسبت جولة ضد الاحتلال بإزالة البؤرة الاستيطانية، تفاجأ البعض بتصريحات صائب عريقات، التي قال فيها إن "أفيغدور ليبرمان" هو الرئيس الفلسطيني.
تزامنت تصريحات عريقات، مع انتصار بلدة بيتا، وخطاب الرئيس عباس في مجلس الأمن، وهو ما يعني أن وضع البيضات كلها دفعة واحدة، في سلة المجتمع الدولي لا يصح، بل يجب العمل على جبهات عدة معا بشكل مدروس، وتطوير المقاومة مطلوب على نمط بلدة بيتا وتحسين أدائها يؤتي أكله لاحقا، فالاحتلال ليس قدرنا.
لو لم يجد المستوطنون احتجاجا من قبل أهالي بيتا والمتضامنين معهم لما أزال جيش الاحتلال وفكك بؤرة "افيتار" الاستيطانية بعد أقل من أسبوع من الاحتجاجات عليها، فالمقاومة تجدي نفعا بعكس من يقول بغير ذلك.
إن كان عريقات قد أقر بفشل التسوية، والتي بدأت بشكل غير صحيح من أصلها وجذورها، لعدم تكافؤ القوى، وهذا يؤكد أن العلاقة بين الاحتلال والشعب الفلسطيني، هي علاقة قوى، قوة احتلال تحاول إخماد قوة المقاومة الفلسطينية، خاصة في الضفة الغربية، بعدما فشلت في إخماد قوة المقاومة في غزة وطردتهم وجعلتهم يهدمون أكثر من 20 مستوطنة.
ما نجح به أهالي بيتا سيدفع لنجاحات أخرى، فكسر قرار إقامة البؤرة الاستيطانية يعني كسر قرارات أخرى للاحتلال لاحقا، وقد تم كسر قرار الاحتلال سابقا بوضع كاميرات على بوابات المسجد الأقصى، فالاحتلال ليس بتلك القوة في حالة إجادة الاستخدام الأمثل للمتاح من قوة، بتخطيط جيد ودقيق، حتى لو كانت مقاومة سلمية شعبية.
عندما قرر جيش الاحتلال إخلاء البؤرة، صرح بأنها تصرف منفرد، وهذا غير صحيح، فكل المستوطنات بدأت كبؤر وتحولت لمستوطنات لاحقا، وما دفع الجيش لإخلائها هو احتجاج الفلسطينيين القوي عليها، فسياسة "نتنياهو" تقوم على الضم الزاحف الهادئ البعيد عن العنف والاصطدام العنيف مع الفلسطينيين، فالاحتلال يريد احتلالا هادئا ورخيصا وغير مكلف لتحقيق أهدافه التوسعية، وهذا يعني أن المعركة لم تنته بعد، فقد يعاد وضع البؤرة في مكان آخر لاحقا، فالمستوطنون مدعومون وملؤوا الضفة مستوطنات وعربدات.
ما دام الاحتلال لا يريد أن يعطي الفلسطينيين حقوقهم وإقامة دولة فلسطينية، وما دام يفرض الوقائع على الأرض بالقوة، وما دام المجتمع الدولي لا يضغط على الاحتلال للجم الاستيطان ووقفه، فإن الجميع يدفع الفلسطينيين للواجهة.
ما العمل!؟ سؤال يحاول كتاب ومحللون وقادة فلسطينيون الإجابة عليه، خاصة بعد اعتراف ترامب بالقدس المحتلة عاصمة لكيان الاحتلال، لكن الإجابة أسهل من ذلك بكثير، فقوة الاحتلال مهما بلغت من كبر وتضخيم، هناك نقاط ضعف فيها، وسهل الدخول من خلالها، وما دروس جنوب لبنان وغزة ببعيدة.