فلسطين أون لاين

​ليس للحب عيد

تخيلوا لو أننا ندخر الحب، نداريه ونخفيه عن أحبتنا، ونودعه قارورة نحكم إغلاقها، ولا نفتحها إلا في الرابع عشر من شباط من كل عام، نختزل حب أيام العام الثلاثمائة وخمسة وستين في يوم واحد, نعبر به عن مشاعرنا, ونفضي بالحب لأحبتنا, ثم نعاود مداراته وإخفائه والإغلاق عليه بانتظار شباط آخر.

أي وهم نبيعه لأنفسنا بالإيمان أن للحب عيداً نمارس فيه طقوس عشق زائفة ونشتري هدايا مغلفة بالتبعية والجهالة ونفرح بتقديمها وتلقيها, ونغفل أننا كمسلمين جعل الله لنا الحب طريقا ونهج حياة, فلا يؤمن أحدنا حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. نقلد الغرب محتفلين بعيد الحب ونغض الطرف عن مدرسة الحب المتجسدة في سلوك نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الأولى بالاتباع والتطبيق.

فالمتأمل في سيرة رسول الله يجد أن رسول الإنسانية كانت حياته كلها حبن، ويومه مغلف بالمودة, حيث كان يوزع حبه على كل الناس بطرق مختلفة, وكان يخص نساءه بحب خاص, يدرس الآن كنهج في العلم الحديث للتعامل مع الأنثى وكسب ودها.

بدأ من عناق وتقبيل الزوجة عند كل صلاة, ومرورا بالشرب والأكل من موضع شربها وأكلها, التنزه معها, والضحك من نكاتها وفكاهتها, ومساعدتها في أعباء المنزل, والإهداء لأحبتها وسروره عند اجتماعها بصويحباتها، مدحها و إعلان الحب لها باستمرار, والتركيز على محاسنها والتغاضي عن عيوبها, حفظ خصوصيتها , التزين والتطيب لها , يراعي مشاعرها ويحتمل صدودها , لا يضرها , ويواسها عند بكائها, يرفع اللقمة إلى فمها , يثق بها ويبالغ في حديث المشاعر لها, يتفقدها على مدار الساعة, لا يهجرها أثناء الحيض , يتفكه من خصامها, يشاركها اللعب ويصطحبها في السفر , يروي لها القصص ويؤنسها , يشاركها المناسبات السعيدة , لا يستخدم الألفاظ الجارحة , يحترم هواياتها ولا يقلل من شأنها , يضفي روح المرح في جو الأسرة, لا ينتقص شأنها أثناء المشكلة , ويمهلها حتى تتزين له.

وكل تلك الممارسات لها دلائلها من حياة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام , ولو أن أي متبع للمناسبات الغربية الفارغة تأملها واتبعها كنهج لحياته وتعامله مع زوجته لامتلأت بيوتنا حبا ودفئا وحصانة, ولنشأ أبناؤنا في أجواء أسرية ودية, ولصلح المجتمع وامتلأ فراغ روحه محبة تنبع من الأسرة وتظلل المجتمع بأكمله, فلا يعود لشباط انتظار, ولا تتلون الدنيا باللون الأحمر يوما واحدا في العام, ثم ما يلبث أن يبهت الأحمر ويملأ الشحوب بقية الأيام.

إن من يتبع مدرسة الحب التي أسسها النبي سيعرف أن الحب يجب أن يكون في كل حين نمنحه ونستقبله وأنه ليس للحب عيد يُنتظر.