فلسطين أون لاين

​نساءٌ برعن في تزيين الأطباق بـ"أعواد الشواء" وقشور الخضروات

...
غزة - نسمة حمتو

"العين تأكل قبل الفم" مثل قديم لطالما ردده أجدادنا، ولكننا اليوم بتنا نرى الكثير من السيدات يطبّقن هذا المثل في إعدادهن للطعام بشكل جذاب وألوان متناسقة جدًا، حتى بات البعض يعتقد أن هذه الأطباق لوحة فنية وليست مجرد طبق يُؤكل، فتزيين الطعام وتقديمه فنٌ نجحت فيه كثير من السيدات في قطاع غزة.

أطباق مختلفة

"علا الحاج"، التي يطلق عليها البعض لقب "الشيف علا"، برعت منذ فترة طويلة في إعداد الأطباق المختلفة بشكل جذاب وجميل يلفت الانتباه.

قالت لـ"فلسطين" عن بداية تعلمها لفن تزيين الطعام: "دفعني حبي للطعام وإعداده لإخراج الطبق على أنه لوحة جمالية، في البداية كنت أواجه بعض الصعوبات، ولكن بعد ذلك وصلت إلى الاحتراف في هذا المجال".

وعن أساسيات تزيين أطباقها، أضافت: "أولًا، يجب اختيار مواد التزيين بحيث تكون منسجمة مع مواد الأكلة التي نصنعها، وتنسيق الألوان مهم جدًا لخروج الطبق بالشكل المطلوب".

وتابعت: "كما أنني أحرص على أن يكون التزيين متناسبًا مع أصول الأكلة، إذا كانت تراثية كالحمصيص والسماقية، أو إذا كانت عصرية كالأكلات المعروفة في هذه الأيام، وكذلك فإن عملية التزيين لا بد وأن تتناسب مع التكلفة المادية للصنف، وهذا يعني أنني لا أزين طبق طعام مُعد من أشياء بسيطة بمكونات مكلفة جدا".

وأوضحت: "دائمًا أعتمد على مقولة أجدادنا (العين تأكل قبل الفم)، فأول ما يلاحظه الشخص هو المظهر الخارجي للطبق، فإذا كان مزيّنًا بطريقة جميلة، فهو يقبل عليه أكثر من الأطباق الأخرى".

تدير الحاج مجموعة على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) باسم "وصفات علا وصديقاتها"، وتنشر فيها صور ما تصنعه من أطعمة.

ولفتت إلى أن مواقع التواصل علمت الكثير من السيدات فن تزيين الطعام، حتى أنهن أصبحن يقبلن على شراء الأواني ذات الأشكال المميزة التي تساعدهن في ذلك.

بلا تكلفة

فن تزيين الطعام، احترفته أيضًا "ولاء يوسف"، بعد ممارسة هوايتها المفضلة وهي صناعة الطعام، قالت: "أميل بشدّة لتقديم الطعام بشكل جذاب، حتى ولو كانت الأكلة بسيطة للغاية مثل العدس أو المجدرة الفلسطينية"، مضيفة: "ما يشجعني على ذلك أن تزيين الأطباق لا يحتاج إلى وقت طويل، عندما أنهي إعداد الطعام أتفرغ لتزيينه بالطريقة المناسبة".

وتتابع حديثها لـ"فلسطين": "وجدت إقبالًا كبير من الناس على الأكلات التي أعرضها بعد تزيينها بشكل مناسب، حتى أن الكثير ممن يتابعونني عبر حسابي في (فيس بوك) يطبقون الوصفات التي أنشرها، ويقدمونها بنفس طريقة التزيين التي قدمتها".

وأشارت إلى أن تزيين الطعام لا يحتاج إلى تكلفة كبيرة، فقد يتم التزيين ببقايا الطعام التي استُخدمت قبل ذلك في أثناء الطهي، ومن الأشياء التي يمكن استخدامها في التزيين قشور البندورة أو الليمون أو أوراق البقدونس، فهي تمنح الأطباق ألوانًا جمالية بشكل مرتب.

وأوضحت ولاء أن الكثير من الفتيات هذه الأيام يقبلن على الالتحاق بدورات يتعلمن فيها تزيين الطعام، خاصة المتزوجات حديثًا أو المقبلات على الزواج، وحبّهن لتقديم الطعام بأشكال مميزة يدفعهن لشراء أطباق "البورسلان" والملاعق وأدوات التزيين الأخرى.

وبينت: "في تزيين الطعام، حققت جزءًا بسيطًا من أحلامي، وأتمنى أن أستمر في عالم الطهي حتى أصل لما أطمح إليه، بعد تخرجي من الجامعة لم أجد عملًا، فلجأت لهذه الهواية، والآن افتتحت مطبخًا صغيرًا لطلبيات الطعام، وأروج لعملي عبر موقع التواصل الاجتماعي، ونجحت بفضل الله".

أدوات التزيين

رغم صغر سنها، برعت "مشيرة منصور" في فن تزيين الطعام، حتى أصبحت معروفة لدى رواد مواقع التواصل الاجتماعي، فهي لا تكتفي بتزيين الطبق الذي تصنعه يداها بطريقة جذابة، وإنما تجعل من أطباقها لوحات فنية، إذ ترسم عليه بمكونات غذائية، مثل الكاتشب أو الفلفل الأسود.

قالت لـ"فلسطين": "منذ صغري أحب الرسم، وعندما كبرت تعلمت فن الرسم على رمل البحر، ومن ثم انتقلت إلى فن الطهي، واستفدت من مهارتي في الرسم في إعداد الطعام وتزيينه".

وأضافت: "بدأت بعد ذلك بعمل رسومات متنوعة من الطعام، ووجدت دعمًا كبيرًا في هذا المجال".

وعن أول لوحة رسمتها بالطعام، أوضحت: "كنت أتناول الرمان، فقررت أن أرسم على الطبق بحبات الرمان، وبعد ذلك تطور هذا الفن عندي فاستخدمت الخضروات والدقيق والبرغل والملح والسكر والصلصة لتزيين الأطباق، ثم تمكنت من موهبتي أكثر فأصبحت أرسم بكافة أنواع الطعام، وهناك الكثير من الرسومات استطعت عملها ووضعت لمساتي الخاصة عليها وكانت ناجحة تمامًا".

في عالم تزيين الطعام استطاعت مشيرة صناعة أدوات خاصة بها للرسم بدلًا من القلم والريشة، وهي أعواد الشواء الخشبية، و"نكاشات" الأسنان الصغيرة، والسكين، فهذه الأدوات مع الأطباق هي مكونات "مرسمها الخاص".

ما تتمناه مشيرة، من خلال هذه الموهبة، أن تشارك في دورات خارجية خاصة بتزيين أطباق الطعام لتطور موهبتها، وأن تتمكن من المشاركة في مسابقات عالمية في هذا المجال، وأن تصل رسالتها للعالم بأن هناك فتاة صغيرة من غزة لم يتجاوز عمرها العشرين تقوم بهذه الأعمال الفنية الجميلة.