فلسطين أون لاين

​عمليات المقاومة بالضفة.. تطور نوعي يحمل رسائل مرعبة للاحتلال

...
جنود الاحتلال يعاينون مكان إحدى العمليات بالضفة المحتلة (أرشيف)
رام الله / غزة - يحيى اليعقوبي

تعيش قوات الاحتلال الإسرائيلي وقطاع كبير من المستوطنين حالة خوف متزايدة، بعد أن شهدت عمليات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية "تطورًا نوعيًا" في الفترة الأخيرة، وباتت بحسب مراقبين "أكثر تنظيمًا" من سابقاتها.

ورصد موقع "حصاد الانتفاضة" الإلكتروني تنفيذ 30 عملية فدائية، خلال الشهر الماضي، توزعت ما بين عملية طعن واحدة وعملية دهس و5 عمليات إطلاق نار، إضافة لـ16 عملية رشق حجارة، وتفجير 7 عبوات ناسفة.

وتعد عملية إطلاق النار التي وقعت في 9 يناير/ كانون ثاني الماضي، قرب مستوطنة "حفات جلعاد" في مدينة نابلس، والتي قُتل فيها حاخام إسرائيلي، وانسحب المنفذون من المكان، من أبرز عمليات الشهر الماضي، وبعد أسابيع من المطاردة عقب العملية استشهد أحمد نصر جرار من بلدة برقين، بعد اقتحام جيش الاحتلال لبلدة اليامون غرب جنين ومحاصرة المكان الذي تحصن فيه.

قبل ذلك برز الاشتباك المسلح الذي خاضه الشهيد أحمد إسماعيل جرار مع قوات الاحتلال في مدينة جنين، وأسفر عن إصابة جنديين إسرائيليين بجراح أحدهما خطيرة.

وفي 5 فبراير/ شباط الجاري، قتل مستوطن إسرائيلي بالقرب من مستوطنة "أرئيل" المقامة على أراضي مدينة سلفيت، بعد طعنه من قبل الفدائي عبد الكريم عادل عاصي، والذي نجح في الانسحاب عقب تنفيذه العملية.

هذه العمليات دفعت أوساطا إسرائيلية للتساؤل حول إذا ما كانت العمليات الفردية العشوائية انتهت ودخل عهد العمليات المنظمة، كما كان عليه الحال في الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى).

ويرى الخبير في الشأن الإسرائيلي فرحان علقم أن آثار عمليات المقاومة في الضفة متعددة من حيث تطورها النوعي والعددي.

وقال علقم لصحيفة "فلسطين": "الأمر الآخر أن استمرار العمليات يشكل إلهامًا لأبناء الشعب الفلسطيني، من حيث رغبتهم بمحاكاة العمليات الأكثر تطورًا وإيلامًا للاحتلال، ومحاولة تنفيذ عمليات أكثر دقة من العمليات السابقة التي شهدتها انتفاضة القدس منذ انطلاقتها في الأول من أكتوبر/ تشرين أول عام 2015م، وإن كان الأمر لا يخلو من العمليات النمطية السابقة".

وأضاف: "أصبح هناك أمثلة من أبطال المقاومة ملهمين للشباب الفلسطينيين كالشهيد أحمد نصر جرار، وإن استمرار وجود هذه النماذج القدوات يبشر باستمرار هذه العمليات وتصاعدها".

وفي المجمل تشكل عمليات المقاومة بأشكالها كافة، هاجسًا لدى الاحتلال لأن الشعب الفلسطيني لا ينسى المقاومة وحقوقه، والهاجس الأكبر أن نمط الحياة لدى الفلسطينيين مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمقاومة واستمرار المقاومة ضد جيش الاحتلال والمستوطنين، بحسب علقم.

وتابع: "الاحتلال لا ينظر إلى هذه العمليات نظرة عابرة، بل ينظر بعمق حول دوافع إقدام الشباب الفلسطيني على هذه العمليات، وخاصة أنهم في مقتبل العمر"، معتقدا بأن تصاعد واستمرارية عمليات المقاومة مرتبط بعوامل عديدة تغذي مشاعر الفلسطينيين وتتعلق باعتداءات الاحتلال ومستوطنيه.

وتوقع علقم أن يكون العام الحالي أكثر الأعوام سخونة مما سبقه فيما يتعلق بتصاعد عمليات المقاومة.

وحول انعكاس هذه العمليات على المستوطنين، أوضح أنه حينما تخف وتيرة عمليات المقاومة بالضفة فإنهم يتغولون على الشعب الفلسطيني وترتفع حدة جرائمهم، أما حينما يكون هنالك عمليات نوعية فإن وتيرة اعتداءاتهم تنخفض، وهذا يعطي مؤشرا على مدى الخوف والإرباك لدى المستوطنين.

بيئة مؤهلة

مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي علاء الريماوي يوافق كلام علقم، ويرى أن واقع الضفة الغربية اليوم مؤهل لاستمرار المواجهة سواء على صعيد البيئة السياسية أم الغضب الفلسطيني، مشيرا إلى أن الضفة شهدت مؤخرا ست محاولات لعمليات طعن و3 عمليات إطلاق نار، وهذا يشير إلى موجة من العمليات يمكن أن تكون متصاعدة.

وقال الريماوي لصحيفة "فلسطين": "إن حركة المواجهة الشعبية على الأرض وصلت الجمعة الماضية إلى 36 نقطة اشتباك بالضفة، مما يعني أننا أمام حالة مواجهة متواصلة، وأن الاحتلال لا يستطيع إخمادها".

ورأى أن هناك حراكًا بالضفة يحاول فرض وجود المقاومة، لكن هذا الأمر بحاجة إلى جهد إضافي، في ظل ضعف العمل التنظيمي في المقاومة، مشيرا إلى أن هناك قراءة إسرائيلية للواقع الفلسطيني بالضفة بأن هناك مؤشرات على زيادة المواجهة، و"أننا أمام قاب قوسين أو أدنى من حركة المقاومة المتواصلة".

وبشأن تأثير عمليات المقاومة على المستوطنين، أوضح أنه من الباكر الحديث عن أن تقوم هذه العمليات بالحد من تزايد أعداد المستوطنين بالضفة، لكن العمليات تعطي إشارات للاحتلال أن بيئة الضفة غير ملائمة لسكن المستوطنين.

وبين أن المستوطنين سيفكرون كثيرا في مصير أبنائهم، وبعضهم بات يفضل السكن بالمستوطنات وراء الجدار باتجاه البلدات المحتلة، لكن هذا الأمر منوط بحركة انتفاضة مستمرة على غرار انتفاضة الأقصى التي اندلعت عام 2000م.