فلسطين أون لاين

​مكافأة الطفل أسلوبٌ مهم لتقدير الإنجازات لا الواجبات

...
صورة تعبيرية
غزة - هدى الدلو

تُعد المكافأة من الأساليب التربوية التي يتم قد يستخدمها الوالدان لتحرز أهدافًا في مرمى تربية الأبناء، فهي وسيلة ذات مفعول سحري لتشجيع الطفل، وهي حافزٌ قوي لدفع الطفل للقيام بأي عمل أو ممارسة أي سلوك، ولكن ما يستوجب المكافأة يختلف حوله الآباء، فبعضهم يعتبر أن ما يقدمونه لأبنائهم لا بد أن يكون مقرونًا بإنجازات تتطلب من الطفل بذل جهد إضافي، والبعض الآخر يقرنها بواجبات أسياسية مثل الصلاة وطاعة الوالدين وغيرها.. فما هي توجيهات المختصين لاستخدام الأسلوب التربوي؟

تحت وقع التهديد

اعتادت والدة الطفل "معاذ" ذي الخمسة أعوام أن تكافئه بعد قيامه بواجباته وما تأمره بفعله، كترتيب ألعابه بعد الانتهاء من اللعب بها.

وقالت: "طفلي بطبيعته عنيد وسلبي بعض الشيء، استخدم أساليب تربوية متعددة في التعامل معه، ولكنها لم تجدِ معه نفعًا، باستثناء أسلوب المكافأة وتقديم الهدايا، هو الأسلوب الوحيد الذي انعكس إيجابا على تربيته".

وأضافت: "ولكن واجهتني مشكلة بسبب هذا الأسلوب، وهي أنه يضعني تحت طائلة تهديده بعدم تنفيذ ما أطلبه منه إذا لم يكن مقرونا بمكافأة، خاصة عندما نكون أمام الآخرين، إذ يتعمد أن يثير الفوضى حتى أقدم له وعدا بتقديم هدية أو مكافأة له لأشتري سكوته وهدوئه أمام الناس، بدلًا من أن يسبب لي الإحراج".

وأشارت إلى أن طفلها اعتاد على هذا الأسلوب في أي عمل يقوم به، ولا يفرق بين الإنجازات والواجبات الملقاة عليه، والمهم بالنسبة له هو الحصول على هدية مهما كانت.

استخدام خاطئ

أما والد الطفل فارس أبو حسنين (8 أعوام) فقد وجد أن أسلوب المكافأة والهدية له أثر إيجابي في تحسين مستوى طفله الدراسي، وتحفيزه على الاجتهاد والمثابرة، ولكن ما لم يعجبه أن طفله أسقط هذا الأسلوب على مختلف مناحي الحياة.

وأوضح: "أتابعه دوما في أداء الواجبات الدينية كتعلّم الصلاة، وأشدد عليه في طاعة والدته والالتزام بأوامرها، ولذا فإنه إذا أدى الفروض الخمسة ولم يغضب والدته فهو ينتظر مكافأة في نهاية اليوم، ويعتبرها أمرا واجبا علي".

الثواب والعقاب

وقالت الأخصائية النفسية عايدة صالح: "تُعد المكافأة من الأساليب التربوية الناجحة، والضرورية للقيام بعملية تربوية سليمة، فهي تزيد من دافعية الطفل لتعلم السلوكيات الجديدة، وتوجهه نحو القيام بواجباته بطريقة متقنة لأنها تعزز الأعمال الايجابية التي يقوم بها".

وأضافت لـ"فلسطين": "إذا كانت كل الملاحظات التي يتلقاها الطفل من والديه تركز على أخطائه، فإن انطباعه سيكوّن انطباعًا عن نفسه بأنه سلبي وفاشل، وستضعف ثقته بنفسه، وسيصبح غير قادر على القيام بأي عمل، لذا فلا بد من انتباه الأهل للأعمال الجيدة التي يقوم بها الطفل ومكافأته عليها، لأن المكافأة في هذه الحالة لها دور مهم في تعزيز سلوكه الحسن".

وتابعت: "المهم في هذا الأسلوب معرفة الطريقة السليمة لاستخدامه مع الأطفال، ولذا يجب عدم ربط المكافأة بالسلوكيات الخاطئة، كأن تطلب الأم من ابنها السكوت وعدم إثارة الفوضى أمام الآخرين لتقدم لها هدية، فهذا أسلوب سلبي يجب معاقبته عليه لا تقديم الهدايا عند التوقف عنه، وإلا سيتم تعويد الطفل على القيام بأساليب سلبية، وستكون المكافأة في هذه الحالة سببا في تحفيز الطفل على الاستمرار في الرفض والعناد واستجداء المكافأة، وسيكرر موقفه هذا للحصول على مكافأة جديدة".

وأكدت صالح على أن انتهاج الوالدين للأساليب التربوية المتعددة ضروري، فكما يستخدمون المكافآت والهدايا لتعزيز التصرفات الايجابية لابنهم، لا بد من استخدام أسلوب العقاب على ممارساته السيئة.

وأوضحت: "الأجدر أن يقدم الأهل المكافأة لابنهم بعد قيامه بإنجازات ليس بواجبات، فالطفل بعد عمر أربع سنوات يستطيع أن يفهم ما عليه من واجبات، ويفرق بينها وبين الانجازات، وذلك يأتي من خلال دور الأهل في تعليمه واجباته بما يتناسب مع مستوى فهمه".

وبينت أن تقديم الجائزة للطفل تعني تقديرا لإنجازه، كما أنها محفز قوي ولها مردود إيجابي في زيادة ثقته بنفسه والآخرين، وتساهم في تعزيز السلوك الإيجابي عنده وتدفعه للاستمرار في الأداء الإيجابي.

ونوّهت صالح إلى أنه يمكن للأهل، في بعض الأحيان، أن يقدموا المكافآت لأبنائهم في مقابل القيام بواجبات وليس إنجازات، من أجل تعويدهم على فعل معين، أو لغرس قيمة ما فيهم، ولكن دون مواصلة فعل ذلك، بحيث يتم تقليل قيمة المكافأة على الواجبات تدريجيا إلى أن تصل إلى مرحلة المكافأة المعنوية.