"سوف نبقى هنا".. كلمات هتف بها الطفل عمرو عبد الحميد، وأراد من خلالها إيصال رسالة الصمود التي يعيشها، رغم ظروف القهر والظلم التي يمر بها قطاع غزة، وانعكست تأثيراتها السلبية على واقع حياتهم.
الطفل عبد الحميد في الثانية عشرة من عمره، يجسّد صورة أطفال قطاع غزة المقهورين الذين حرمهم الحصار المفروض عليه، من الحصول على أبسط حقوقه في حياة كريمة كباقي أطفال العالم.
وكان عمرو، وهو ابن الشهيد درويش الذي ارتقى خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، (2008-2009م)، واحدًا من بين قرابة 6 آلاف طفل جُلهم من الأيتام، شاركوا في الاعتصام الذي نظمه تجمع المؤسسات الخيرية، اليوم، في ساحة السرايا وسط مدينة غزة.
ورفع هؤلاء المشاركون لافتات تؤكد خطورة الأوضاع الإنسانية داخل غزة، وحقهم في الحصول على أبسط مقومات حياتهم "الحصار اغتال بسمتي وسرق أحلامي، لماذا نحاصر ونُقتل ونحرم من حقوقنا؟ غزة تنهار".
ويقول عبد الحميد، وعلامات القهر تجتاح تقاسيم وجهه البريء: "أنا من أطفال غزة الذين يعانون من اضطرابات نفسية بسبب الحروب التي يشنها علينا الاحتلال".
"أنقذوا غزة"، هي رسالة أراد عبد الحميد إيصالها للعالم العربي، خلال حديثه مع "فلسطين"، لا سيما أن غزة تعيش حالة صعبة من الفقر والانهيار في القطاع الصحي، وإغلاق المعابر وعدم السماح للمرضى بالسفر لتلقي العلاج.
وأعرب عن أمله بأن تستجيب الدول العربية لصرخاته، عبر توفير الدعم النفسي والمعنوي والمادي لأطفال غزة.
الطفل الآخر محمد أبو شملة ( 13 عاما) تجرّع من كأس القهر والحرمان ذاته، الأمر الذي دفعه للمشاركة في الاعتصام، قائلاً "جئت هنا للاعتصام نصرةً لأطفال غزة، الذين يعانون من الأمراض والفقر والظلم".
ويضيف أبو شملة ذو البشرة البيضاء، والذي استشهد والده سالم في ذات العدوان السابق: "أتمنى من العالم التدخل وفتح المعابر لإنقاذ غزة وأطفالها، خاصة أن هناك من هم بلا طعام أو مأوى".
ويستصرخ كل أحرار العالم والضمائر الحية فيه، لضرورة إغاثة غزة وأطفالها قبل فوات الأوان، "فهناك أطفال مرضى يموتون ولا مُجيب لهم".
وتُشاطر الطفلة حنان بدران (13 عاما) الطفلين السابقين، لا سيما أن علامات القوة بدت واضحة على ملامحها حيث رددت "جئت للمشاركة في الاعتصام لأوصل رسالة للعالم أن غزة صامدة مهما اشتد حصارها".
وتؤكد بدران خلال حديثها مع "فلسطين" أن غزة ستبقى صامدة مهما حوصرت، وأن القدس هي عاصمة دولة فلسطين الأبدية.
وتطالب بدران وهي طفلة الشهيد نضال الذي ارتقى في العدوان الإسرائيلي، صيف 2014، خلال قصف مسجد القسام في النصيرات وسط القطاع، بتوفير أدنى متطلبات الحياة الكريمة مثل التعليم والصحة والسفر لأهالي غزة.
أما الطفلة جيلانة وشاح (10 أعوام) جاءت للمشاركة في الاعتصام وهي ترتدي ثوبا برتقالي اللون، تتوسطه عبارة "القدس لنا" تأكيداً على أن القدس هي عاصمة فلسطين الأبدية.
وبصوتها البريء تطالب الطفلة وشاح الذي استشهد والدها إبراهيم في حرب 2008، بإعادة الكفالة المالية التي حُرمت منها، وطالبت السلطة بالسماح بتحويل الكفالات المالية لغزة.
أزمات غزة
من جانبه، قال مدير حملة "أنقذوا غزة" نزيه البنا، إن الفعالية جاءت نتيجة الأوضاع والأزمات الانسانية التي يعيشها قطاع غزة، والتي طالت شتى القطاعات الحياتية.
وأوضح البنا لـ "فلسطين"، أن قطاع غزة بات منطقة منكوبة، مستدركاً "لكن لن نموت بصمت، وسنواصل فعالياتنا ونطالب العالم أجمع برفع الحصار عن غزة".
وأشار إلى أن الفعالية جاءت أيضا ليسمع أطفال غزة، العالم أنه من حقهم العلاج والتعليم وحرية السفر والعيش حياة كريمة كباقي أطفال العالم.
ولفت إلى أن معظم الأطفال المشاركين في الفعالية هم من الأيتام وكفالاتهم المالية متوقفة وحساباتهم معطلة، مناشداً لضرورة تحييد الأوضاع الإنسانية في القطاع عن التجاذبات السياسية.
وكان تجمّع المؤسسات الخيرية في قطاع غزة أعلن، أخيرا، أن قطاع غزة بات منطقة منكوبة إنسانيًا، داعياً السلطة للتحرك العاجل لإنقاذ "الوضع الكارثي"، ورفع العقوبات عن غزة.