في محاولة إسرائيلية جديدة لاستهداف قطاع التعليم الفلسطيني في القدس المحتلة، لجأت بلدية الاحتلال مؤخرًا إلى تخيير أولياء أمور الطلبة المقدسيين بين دراسة المنهاج الإسرائيلي أو الفلسطيني بصورة مبهمة وغير واضحة، وذلك ضمن الخطط القاضية لـ"أسرلة" التعليم في المدارس المقدسيّة.
وفتحت بلدية الاحتلال أمام الطلبة الفلسطينيين في القدس باب التسجيل للسنة الدراسية الجديدة من خلال تعبئة طلب إلكتروني تضمّن سؤالًا مبهمًا: "هل ترغب بالتعليم الإسرائيلي أم التعليم الفلسطيني؟"، وذلك بهدف الإيقاع بأولياء الأمور ودفعهم بغير قصد إلى تسجيل أطفالهم بالمدارس التابعة بالكامل إلى وزارة المعارف الإسرائيلية.
وتختلف التبعيات الإدارية في مدارس القدس، فقسم منها يتبع لإدارة السلطة الفلسطينية ويعمل تحت مظلة الأوقاف الأردنية ويوجد تحت إدارته 42 مدرسة، أما القسم الثاني وهو الأكبر فيضم 56 مدرسة تتبع إداريا لبلدية الاحتلال ووزارة المعارف الإسرائيلية ولكن المنهج الفلسطيني يدرس في عدد منها.
ويوجد في القدس كذلك مدارس تتبع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" وأخرى خاصة للكنائس والجمعيات الخيرية والأفراد، وأيضا توجد مدارس المقاولات، وهي مدارس أسسها أفراد تقوم على استئجار مبان للدراسة بينما يتقاضى المدرسون رواتبهم من بلدية الاحتلال.
أبعاد خبيثة
مدير مديرية التربية والتعليم في القدس سمير جبريل أوضح أن بلدية الاحتلال بالقدس أقدمت أخيرا ولأول مرة على فتح باب التسجيل المحوسب أمام أولياء الأمور لتسجيل أبنائهم وتحديدا الذين يعتزمون دخول المدرسة للمرة الأولى "الصف الأول" وذلك من خلال طلب إلكتروني وضع على موقع البلدية.
وقال جبريل لصحيفة "فلسطين": "تضمنت الاستبانة أو طلب التسجيل عدة أسئلة وخيارات كان منها سؤال مبهم -هل ابنك سيدرس التعليم الإسرائيلي أم الفلسطيني؟- دون تقديم أي إيضاحات حول غايات السؤال، وماذا يقصد بالتعليم، هل هو طبيعة المنهاج الذي سيدرسه الطالب أم مكان المدرسة وتبعيتها؟!".
وأضاف: "اعتقد أولياء الأمور أن المقصد بالتعليم، وهو مكان المدرسة هل ستكون داخل القدس التي يعتبرها الاحتلال جزءًا من دولته أم في مدن الضفة الغربية، فاتجه غالبية أولياء أمور الطلبة نحو الخيار الأول (التعليم الإسرائيلي) كونه أقرب جغرافيًّا لمنازل الطلبة وبعيدًا عن حواجز الاحتلال".
وبين جبريل أن الغاية الأساسية من وراء السؤال هو دفع الطلبة لدراسة المنهاج الإسرائيلي بالكامل بناء على إجابتهم القائمة على سؤال مضلل يحمل أبعادًا خبيثة، معتبرا أن الخطوة الإسرائيلية السابقة تأتي في إطار سياسات أسرلة التعليم وتهويده في المدينة المقدسة لضرب مقومات الهوية الوطنية الفلسطينية.
تدارك الموقف
عضو مجلس أولياء الطلبة بمدارس القدس، راسم عبيدات أكد أن المجلس عمل منذ الساعات الأولى على تدارك الموقف وتشكيل حالة وطنية توعوية بهدف تحذير أولياء أمور الطلبة المقدسيين من حالة الغموض التي تكتنف أسئلة الاستبانة وإرشادهم إلى الإجابة التي تضمن تسجيل أبنائهم في المدارس التي تدرس المنهاج الفلسطيني وليس الإسرائيلي.
وقال عبيدات خلال حديثه لصحيفة "فلسطين": "إن عملية المعالجة تسير على ما يرام، وذلك من خلال لقاءات ميدانية مع أولياء الأمور وإطلاق حملة على جميع منصات التواصل الاجتماعي للتحذير من خطورة الانسياق وراء محاولة الاحتلال نشر وتعميم المنهاج الإسرائيلي في مدارس القدس بمختلف تباعاتها".
وأضاف: "إن المحاولة الإسرائيلية الأخيرة تأتي في سياق سياسات جديدة قديمة لاستهداف المنهاج الوطني، وعلى إثر ذلك كان هناك استصدار لفتوى شرعية من الشيخ عكرمة صبري والمفتي محمد حسين لتحريم دراسة المنهج الإسرائيلي، والذي يستهدف بشكل أساسي وواضح كي الوعي والقضاء على الهوية الفلسطينية في عقول الأجيال الناشئة".
وأشار عبيدات إلى تخيير الطلبة بين المنهاجين الإسرائيلي والفلسطيني بهذه الصورة المبهمة، يعد سابقة خطيرة هي الأولى من نوعها، بعدما كان ولي الأمر يصطحب ابنه إلى المدرسة لتسجيله ما يوفر له فرصة الاستفسار عن أي سؤال خلال تعبئة طلب التسجيل، دون أي يقع في أي "فخ مضلل" بواسطة طلب إلكتروني خال من أي إيضاحات.