منذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سدة الحكم في الولايات المتحدة يسير بخطى وسياسات أمريكية حمقاء هوجاء، تقوم على خدمة المصالح الصهيونية في المنطقة، والإيفاء لليهود بالوعود التي قطعها على نفسه خلال حملته الانتخابية وتحقيق أحلامهم في السيطرة الكاملة على أرضنا الفلسطينية، وبث الفرقة والنزاع والشقاق في وطننا العربي.
لقد ظهر أخيرًا كتاب "نار وغضب" للمؤلف الأمريكي (مايكل وولف)، الذي أمضى 18 شهرًا برفقة ترامب منذ حملته الانتخابية، خلال عامه الأول في البيت الأبيض، واطلع على الكثير من خبايا الأمور داخل أروقة البيت الأبيض، وكان شاهدًا على الكثير من القرارات والاتصالات التي تجرى في البيت الأبيض، وقد أجرى (وولف) في كتابه (200) مقابلة صحفية مع المقربين من ترامب، وما إن ظهر هذا الكتاب حتى أحدث ضجة سياسية كبرى هزت الرئاسة الأمريكية، إذ كشف الكتاب فضائح الإدارة الأمريكية وسياساتها نحو"الشرق الأوسط"، ومخططات ما يسمى "صفقة القرن" بخصوص القضية الفلسطينية، إذ تتوافق الصفقة مع التصورات الإسرائيلية، وتعمل لجعل القدس العاصمة الأبدية للكيان.
ما كشفه كتاب "نار وغضب" من أمور وقضايا خطيرة جعل ترامب يعيش في حالة من الغضب والجنون، لأن فضائح هذا الكتاب قد تطيح به، وأشبه فضائح "نار وغضب" بفضيحة (ووتر غيت) في عام 1968م، التي أثرت كثيرًا على موقف الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في معركة التجديد عام 1972م.
إن كتاب "نار وغضب" كشف ما يدور في خلد الإدارة الأمريكية، وسياساتها الإجرامية تجاه العالم، وخصوصًا "الشرق الأوسط"، وكشف الفوضى الكبيرة والتخبط داخل أروقة البيت الأبيض في اتخاذ القرارات الهامة التي تحكم العالم و"الشرق الأوسط"، وكشف الكثير من القرارات الفوضوية التي اتخذها ترامب، منها إقالة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، وقرارات تتعلق بالعلاقات مع روسيا، وكشف الدور الروسي في فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية، والانسحاب من اتفاقية المناخ، والدعم والمساندة الكبيرين للكيان في الأمم المتحدة، والوقوف في وجه أي قرار أممي ضد الكيان، وغيرها من القرارات الساخنة في العالم، ووصف ترامب نفسه أنه الرئيس الأمريكي الذي سيعمل على التغيير في "الشرق الأوسط"، وسيعمل على إحداث اختراق كبير في القضية الفلسطينية وصراع الفلسطينيين مع اليهود، وكشف الكتاب التحديات التي تواجه الإدارة الأمريكية، وتحديدًا علاقتها بالصين وكوريا الشمالية، والاتفاقية النووية مع الدول الكبرى وإيران، وغيرها من قضايا هامة في العالم.
وكشف الكتاب تصريحات لمستشار البيت الأبيض السابق (ستيف بانون)، تحدث فيها عن "صفقة القرن"، معلنًا أن الرئيس ترامب أبدى موافقته الكاملة على الصفقة، وأن الضفة الغربية ستكون للأردن وقطاع غزة لمصر، وقال (بانون) في الكتاب: "إن الرئيس ترامب قال حرفيًّا: (دع الأردن تأخذ الضفة الغربية، ودع مصر تأخذ غزة، دعمها يتعاملان معهما، أو يغرقان في محاولتهما التعامل معهما)".
وتحدث مستشار البيت الأبيض في الكتاب عن الطريقة الجديدة التي سيعمل ترامب بها على إعادة صناعة الشرق الأوسط وتشكيل دولة جديدة تعتمد على الطائفيات والإثنيات ليبقى الشرق الأوسط في صراع دائم وتخبط دائم وانهيار وفرقة ونزاعات مستمرة.
كتاب "نار وغضب" كشف المستور في تفكير الإدارة الأمريكية وتصوراتها لقضايا الشرق الأوسط وتصفية القضية الفلسطينية، وإنهاء الحلول الأممية ما يسمى حل الدولتين.
إن ما كشفه الكتاب عبارة عن مؤامرات خطيرة تتطلب من العرب والمفاوض الفلسطيني مواجهتها وعدم الرهان على الإدارة الأمريكية، ووقف الاتصال والتنسيق مع إدارة ترامب، وفضح هذه السياسات الأمريكية الرامية إلى تصفية القضية وتصفية قضية اللاجئين وشطب حق العودة، ودعم الكيان في استمرار سرقة وتهويد أرضنا، ومواصلة تهجير الفلسطينيين من أرضهم، ووقف المساعدات المقدمة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا).
إذًا الفلسطينيون أمام مؤامرة أمريكية إسرائيلية كبرى تستهدف الأرض والإنسان الفلسطينيين، تستهدف الوجود والهوية والكيان الفلسطينية، والعمل على إنهاء التاريخ والجغرافية لأرضنا المباركة وتسليمها لليهود الصهاينة بمباركة دولية، وقد انكشف المستور في كتاب "النار والغضب"، وفضحت الخطط الأمريكية الصهيونية المتآمرة على فلسطين، والمطلوب من العرب جميعًا عدم التعويل على الإدارة الأمريكية، وعدم التماشي مع المشاريع الأمريكية الرامية إلى تدمير وطننا العربي، وتمكين اليهود الصهاينة من أرض فلسطين، بهدف تحقيق أحلامهم وتدمير المسجد الأقصى وبناء هيكلهم المزعوم.