"إن لم يسلم نفسه، سأقتلع عينه الثانية.." كلمات ما زالت سناء صلاح تتذكرها جيدًا يوم أن صاح بها أحد ضباط جيش الاحتلال كان قد اقتحم منزلها في قرية العيساوية بالقدس المحتلة، بحثًا عن نجلها علاء.
كان علاء (20 عامًا) قد فقئت عينه اليسرى إثر إصابته برصاصة أطلقها جنود الاحتلال خلال مواجهات اندلعت في العيساوية، في 17 أكتوبر/ تشرين الثاني من عام 2015.
ولم تكتفِ قوات الاحتلال بإصابته آنذاك، بل سعت لاعتقاله والزج به خلف قضبان السجون.
وهذا ما حاولت تنفيذه من خلال اقتحام منزل عائلة الأسير، أكثر من مرة بعد فقئ عينه.
وتقول والدته لصحيفة "فلسطين"، "اقتحم الجنود بيتنا عدة مرات، وهددني أحد الضباط باقتلاع عينه الثانية إن لم يسلم نفسه".
ليس ذلك فحسب، فقد وصل الأمر للاتصال بوالدته عبر الهاتف وتهديدها باعتقالها ونجلها الآخر معتصم (17 عامًا)، حتى يسلم علاء نفسه.
كانوا يقولون لها، إن ابنك مطلوب لنا، وسنعتقله في أقرب وقت.
في غضون ذلك، كان علاء يتلقى العلاج في مستشفى العيون بالقدس المحتلة، ولا يذهب لبيته أبدًا خشية اعتقاله.
وتضيف والدته: "كان يأمل علاجه بعد الإصابة، ولم نكن نعلم أن الطلقة التي أصابته فقأت عينه، وتسببت بإزالتها كاملة".
ومع ذلك، تسلل اليأس لدى علاء من العلاج والشفاء من الإعاقة التي تسبب بها الاحتلال، فقرر تسليم نفسه، حتى ينأى بعائلته عن أي إجراءات عقابية قد يلجأ إليها الاحتلال لامتناعه عن تسليم نفسه.
وما أن أصبح معتقلاً لدى الاحتلال بعد إصابته بشهرين، وتحديدًا في 14 يناير/ كانون الثاني لعام 2016، حتى خضع لإجراءات المحاكم والسجون، والتي لم تراع حالته الصحية على إثر الإعاقة التي لحقت به.
وتقول والدته، إن نيابة الاحتلال وجهت له لائحة اتهام تتضمن عددا كبييرا من التهم التي لم يقم بها من قبل.
إلا أنها لا تحفي أن نجلها كان من الفتية الذين يتصدون دومًا لاقتحامات وانتهاكات الاحتلال في العيساوية والقدس.
وتشير إلى أن محاكم الاحتلال أصدرت حكمًا أوليا بحق علاء بالسجن لمدة 10 سنوات، وأثار هذا الحكم غضبه وذويه، حتى أنه في إحدى جلسات المحاكمة: وقف من مكانه، وضرب بيده على الطاولة سائلاً قاضي محكمة الاحتلال، لماذا هذا الحكم وقد فقأ جنودكم عيني؟.
ولاحقًا، استأنفت محامية الأسير على الحكم الأول، وقد تم تخفيض مدة السجن إلى 5 سنوات ونصف السنة.
وتشير الوالدة إلى أنه من خلال محامي ومؤسسات حقوق الإنسان، عملت على استئناف الحكم مرة أخرى، فصدر حكم نهائي بحقه بالسجن لمدة 4 سنوات ونصف.
ونجحت مؤخرًا في الضغط على سلطات الاحتلال، لإجراء عملية له وتركيب عين صناعية من الزجاج.
وتعيش والدة الأسير على أمل إطلاق سراح نجلها علاء، وقد ازدادت معاناتها بعد أن اقتصرت زيارتها له كل شهر مرة ولمدة نصف ساعة فقط في سجن النقب الصحراوي؛ بدل زيارتين في الشهر الواحد عندما كان أسيرًا في سجني "ايشل" و"ريمون".
أما بالنسبة لعلاء، فهو يحتفظ بمعنويات عالية رغم ما حل به من إعاقة دائمة تسبب بها جنود الاحتلال، وقد أفدا عينه للقدس والوطن، كما تقول والدته.