فلسطين أون لاين

​الاحتلال يعرقل تعلم الأطفال المقدسيين بالترهيب والتفتيش والحواجز

...
القدس المحتلة-غزة/ أسماء صرصور

"التعليم في القدس المحتلة" لم يسلم من شرّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي، فالطالب حينما يذهب إلى مدرسته يحمل حقيبته على ظهره، وروحه على كفه، ولا يعلم إن كان سيعود إلى بيته على قيد الحياة بعد انتهاء يومه الدراسي، أم محمولًا على أعناق زملائه.

أم عزام التي طلبت عدم كشف اسمها كاملًا نظرًا لتربص الاحتلال بالمقدسيين، لديها أربعة أطفال، تقول لصحيفة "فلسطين": "تبدأ معاناتي مع أطفالي منذ الصباح الباكر، بأزمة المواصلات ومتى يصل الأطفال للمدرسة (...) فلا باصات خاصة للطلبة ذهابًا وإيابًا، مما يسبب عبئًا ماديًّا على الأهالي لتوفير المواصلات خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وغلاء المعيشة التي تمر به المدينة".

وتنتقل للحديث عن المعاناة في قلة عدد الفصول الدراسية في المدارس، مما يزيد عدد الطلبة في الصف الواحد إلى 40 طالبًا، مشيرة إلى أن كثيرا من الصفوف غير صحية، ينقصها نوافذ التهوية صيفًا ومكيفات التدفئة شتاءً.

وبسؤالها عن المعاناة التي يتعرض لها أطفالها من قوات الاحتلال الإسرائيلي، تقول: "الخوف يزداد على أبنائي، فأولادي في طريقهم للمدرسة في المواصلات يصادفهم الكثير من جنود الاحتلال".

وتشير أم عزام إلى أن الوضع ازداد سوءًا لا سيما خلال الشهر الماضي عندما اعترف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس المحتلة "عاصمة" مزعومة لكيان الاحتلال، مبينة أن الاحتلال يتذرع للاعتداء على أطفالها.

وتسرد موقفًا حدث لقريب لها: "كانت هناك فعالية عن الزيتون، ووضع في زيتونًا في جيب بنطاله، اشتبه الاحتلال به فأوقفوه وقاموا بتفتيشه"، مدللة بذلك على هوس الجنود غير الطبيعي وخوفهم الدائم.

من جانبه، يبين رئيس لجنة أولياء أمور الطلبة في القدس المحتلة، زياد الشمالي أن قوات الاحتلال تتواجد باستمرار أمام بوابات المدارس، وفي شوارع وأزقة وأحياء المدينة، وكل ميادين المدينة، ومداخل البلدة القديمة، موضحًا أن هذه القوات ترهب الأطفال الذين لا تزيد أعمارهم على أربع سنوات إلى 10 سنوات.

ويقول الشمالي لصحيفة "فلسطين": "تفتش قوات الاحتلال الأطفال بطريقة وحشية، وتعمد إلى استفزاز الأطفال بتوقيفهم وتأخيرهم عن مدراسهم"، مؤكدًا أن مثل هذه الإجراءات التعسفية ترهب الطلبة من الذهاب إلى المدارس.

ويلفت إلى أن الاحتلال يعتقل بشكل مستمر العديد من الطلبة القاصرين، مشيرًا إلى اعتقال ما يزيد على 500 طفل قاصر لا تزيد أعمارهم على 15 سنة خلال العام الماضي مما يسبب عرقلة المسيرة التعليمية في القدس المحتلة ويعزز تسرب الأطفال من المدارس خوفًا من الاحتلال والاعتقال.

كما يقول: "كل هذه التصرفات جعلتنا نتحد كأولياء أمور ونكون لجنة لمخاطبة الجهات الرسمية، ونرفع الشكوى لهم، ونتوجه باستمرار إلى الخيارات الصعبة كخوض الإضرابات والاعتصامات وهي ليست أمور في صالح المسيرة التعليمية".

ويضيف: "اللجنة تطالب بحقوق الطلبة وتخفيف المعاناة، ولكننا نتعرض لهجمة ممنهجة لتغيير نظام التعليم في القدس واستبدال التعليم الفلسطيني بالمنهاج الإسرائيلي، متابعًا: "المؤسسات التعليمية الموجودة حاليا تفتقر إلى الأمن والأمان، والمكونات الأساسية للتعليم لذلك كان اتحاد أولياء الأمور للمطالبة بحقوق الطلاب".

ضغط نفسي

بدوره، يقول مدير مديرية التربية والتعليم في القدس المحتلة، سمير جبريل إن الوضع في المدينة المحتلة معقد ومركب بسبب الاحتلال الإسرائيلي، مبينًا أن منها ما هو خاضع لإدارة الاحتلال، والباقي هي مدارس خاصة ووقفية.

ويضيف جبريل، لصحيفة "فلسطين": "المدارس مقسمة حسب الجهة التي تتبع لها، فهناك مدارس تتبع إدارة الأوقاف الفلسطينية وهي إدارة فلسطينية كاملة وعددها 49 مدرسة، وأخرى خاصة تتبع جمعيات ومؤسسات وكنائس وقطاع خاص ويصل عددها إلى 86".

كما أن ثمة مدارس تتبع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" ويصل عددها إلى تسع مدارس، أمّا ما يعرف بمدارس "المعارف الإسرائيلية" يصل عددها إلى 70؛ بحسب جبريل.

ويشير إلى نقص في الغرف الصفية يصل إلى 2200 غرفة، مردفًا: "هذا النقص يؤدي إلى ارتباك الأهالي في إيجاد مقعد دراسي في القدس".

ويلفت إلى أن سلطات الاحتلال تشترط لتوفير أبنية جديدة للدراسة، أن يكون التعليم وفق المنهاج الإسرائيلي.

ويتحدث عن معاناة الأطفال في ذهابهم إلى مدارسهم وتنقلهم، بقوله: "هناك أكثر من حاجز يمر عليه الطفل في أثناء ذهابه للمدرسة، خاصة أطفال البلدة القديمة، الذي يتعرضون لعدة حواجز في طريقهم إلى مدارسهم تصل إلى خمسة حواجز في بعض الأحيان".

ويتابع: "هذه الحواجز تمثل ضغطًا نفسيًا على الطفل والمعلم، خاصة إذا ما قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بإيقاف الطلبة والمعلمين وتفتيش الحقائب وتعطيل أوقاتهم وحياتهم وتعريضهم للإهانة".

ومن ضمن الانتهاكات –كما يقول جبريل- التي يتعرض لها الأطفال الحبس المنزلي.

ويوضح أن 14% من عدد طلبة القدس -الذين يصل عددهم إلى ما يقارب 60 ألف طالب مقدسي– يتعرضون للإيقاف على حواجز قوات الاحتلال الإسرائيلي، إضافة للاقتحامات التي تتعرض لها المدارس مثل دار الأيتام الثانوية ومدرسة رياض الأقصى ومدارس الحرم داخل الحرم القدسي الشريف.

ويؤكد أن الطفل المقدسي يعاني في الحصول على التعليم، مبينًا أن الأبنية المدرسية المستخدمة حاليًا لا تتوافر فيها شروط المدارس التعليمية وهي عبارة عن بيوت سكنية ولا تتوافر فيها الساحات، مشددًا على أنه رغم كل هذه المعاناة إلا أن أبناء القدس يهتمون بتعليمهم ويصمدون في وجه المحتل.

وعن الخطوات التي تقوم بها مديرية التربية والتعليم، ينوه إلى أنه توجد العديد من القضايا في المحاكم ترفعها المديرية من أهمها ما يتعلق بالأبنية المدرسية ومخالفتها لشروط الاحتلال، فيقومون بمرافعات ودفع غرامات مالية باهظة من أجل المحافظة على الغرفة الصفية ولا يقوم الاحتلال بإغلاقها.

وتعمد المديرية إلى توجيه خطابات للجهات الدولية والقنصليات والسفارات ومؤسسات حقوق الإنسان واطلاعهم باستمرار على ما يتعرض له أطفال القدس من انتهاكات، بحسب جبريل.

ويطالب مدير مديرية التربية والتعليم، الأمة العربية والإسلامية وعموم الشعب الفلسطيني بتقديم يد العون والدعم المعنوي والمادي وتوفير المنح الدراسية وبناء الغرف الصفية وتأهيل مدارس جديدة لأبناء القدس المحتلة حتى يستمروا في تعليمهم لأن الاحتلال الإسرائيلي يدفعهم دفعًا إلى ترك الدارسة والانتقال إلى سوق العمل.