على أبواب القدس وفي قلبها حكاية لكل طفل فلسطيني، يحمل ببراءة أحلامه التي يتمنى أن يحققها، دون أن يكون وجود لتلك القوات الاحتلالية التي تتمترس خلف الحواجز، وتستبيح مخيلته ومقدساته.
يستخدم الاحتلال الإسرائيلي أساليب متعددة ضد الأطفال للاعتداء عليهم والتنكيل بهم، منها: التجويع، والضرب، والصراخ، والتهديد والتخويف، واعتقال ذويهم، لكن هذا هو فقط بعض الانتهاكات الاحتلالية، فللقصة بقية، تتمثل فصولها فيما يلقونه عند اعتقالهم من منازلهم، واقتيادهم إلى مراكز التحقيق، ثم احتجازهم في زنازين.
ويواصل الاحتلال إجراءاته التعسفية وانتهاكاته بحق الأطفال الفلسطينيين، لاسيما في القدس المحتلة، في تعدٍّ على القوانين الدولية.
يؤكد رئيس لجنة أسرى القدس أمجد أبو عصب أن الاحتلال الإسرائيلي صعد "تصعيدًا كبيرًا وملحوظًا" الاعتداء على الأطفال والتنكيل بهم، تحديدًا منذ جريمة اغتيال الطفل محمد أبو خضير سنة 2014م.
ويقول أبو عصب لصحيفة "فلسطين": "إن أطفال القدس اندفعوا بكل حمية من أجل الانتقام لدماء الشهيد أبو خضير".
يضيف: "رافق ذلك تصريحات سياسية صارمة لقادة الاحتلال بمطالبة نيابتهم العامة بإيقاع عقوبات شديدة على الأطفال المقدسيين، وسيلة من أجل الحد من رشق الحجارة على الجنود والمركبات الاحتلالية".
ويبين أن الاحتلال سعى سعيًا كبيرًا خلال السنوات الماضية إلى "تهويد عقول" الأطفال والفتية بإقامة مشاريع ومتنزهات، محاولًا إبعادهم عن فحوى قضيتهم.
ومن سلسلة انتهاكات الاحتلال التنكيل بالأطفال على يد المستعربين وقوات خاصة، يقتادونهم في ساعات متأخرة من الليل ويكبلونهم دون أي ذنب، ويتركون مدة طويلة في انتظار التحقيق معهم، ولا يسمح لهم بالاتصال بذويهم أو محام، ويستمر ذلك أيامًا أو أسابيع، فضلًا عن الضرب والصراخ والشتم، وتخويفهم وابتزازهم والتحرش بهم جنسيًّا، بحسب إفادة "أبو عصب".
ويتابع: "إن الاحتلال يتعمد استدعاء والدة أو شقيقة الطفل لابتزازه، فضلًا عن تجويعه"، مبينًا أن هذه الإجراءات ترمي إلى "تحطيم شخصية الطفل، وإعادة السيطرة على حياته لاحقًا، وإدخال الخوف إلى قلبه".
ويكمل: "هذه الاعتداءات والاعتقالات وغيرها تعارض القانون الدولي والاتفاقيات التي وقعها الاحتلال قبل ما يقارب 20 عامًا"، لافتًا إلى أن الاحتلال لا يحترم الاتفاقيات، فقد يختطف الطفل أمام والده ويضربه كذلك، أو يعتدي على ذويه ليحطم ثقته بهم.
يقول أبو عصب: "إن عملية اعتقال الأطفال تشبه عندهم "فيلمًا بوليسيًّا مرعبًا"، إذ يقوم بها جنود مدججون بالسلاح، يتمتعون ببنى ضخمة".
ويرمي الاحتلال من فرض الحبس المنزلي على الأطفال إلى حرمانهم التعليم، ما يؤثر على أوضاعهم النفسية، ويؤخر مسيرتهم الدراسية.
ويرى أبو عصب أن معظم الجهات التي تعنى بحقوق الطفل وشؤونه "متواطئة" بسكوتها عن جرائم الاحتلال بحق الأطفال خاصة، كما حصل مع أطفال عائلتي الدوابشة وأبو خضير، وحملة الاعتقالات الشرسة التي يقودها الاحتلال ضد الأطفال، مفسرًا: "هذه المؤسسات عاجزة ومتواطئة، لعدم رفضها واستنكارها ما يحدث، ولعدم مراجعة الاحتلال وتجريمه بصورة واضحة للجميع".
والطفل الدوابشة استشهد، بعدما اقتحمت مجموعة من المستوطنين المتطرفين من عصابات ما يسمى "دفع الثمن" قريته قرب الثالثة فجرًا، يوم 31 تموز (يوليو) 2015م، وحرقوا منزلين لعائلته باستخدام عبوات (مولوتوف) شديدة الاشتعال ألقوها داخلهما.
في السياق يذكر أبو عصب أن لجنته قدمت ملفًّا شاملًا عن كل الاعتقالات والاعتداءات التي طالت أطفال القدس سنتي 2015م و2016م، مضيفًا: "نظمت اللجنة ورش عمل للمؤسسات الحقوقية والأجنبية، لكنها وجدت التوصيات والنتائج "متخاذلة"، إذ رأت أن المخرج من أزمة اعتداءات الاحتلال هو إبعاد الأطفال عن مواطن الاحتكاك به، ولم تتطرق إلى أن الاحتلال هو نفسه سبب الأزمة".
وبحسب إفادة رئيس لجنة أسرى القدس إن عدد الأطفال المقدسيين الذين اعتدى عليهم الاحتلال أو اعتقلهم خلال 2017م يبلغ 720 طفلًا.
لكن الأطفال مع استهدافهم بالاعتقال، والأحكام العالية، وفرض الغرامات العالية عليهم، والحبس المنزلي (والكلام لا يزال لـ"أبو عصب") مرغوا أنف الاحتلال بالتراب.
انتهاك القانون
من جهته يقول محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين المحامي المقدسي محمد محمود: "إن الاحتلال الإسرائيلي ينتهك القوانين، لاسيما في تعامله مع القاصرين، إذ إن من بنود القانون ما ينص على أن التحقيق معهم يجب أن يكون مصورًا ومسجلًا".
ويضيف محمود لصحيفة "فلسطين": "إن الاحتلال الإسرائيلي لا يتعامل مع الشكاوى التي يقدمها أطفال ضد جنوده جديًّا، كون هؤلاء الأطفال فلسطينيين".
ويزعم الاحتلال الإسرائيلي أن الأطفال رشقوه بالحجارة، أو الزجاجات الحارقة، ليتخذ ذلك ذريعة للاعتداء عليهم يوميًّا.
ويتمم: "الاعتداء على الأطفال لا يكون فقط بالضرب بل أيضًا بالصراخ والشتم والتهديد واعتقال ذويهم، فضلًا عن الاعتداءات الجسدية، وكل ذلك يؤثر نفسيًّا على القاصر"، متسائلًا: "الاحتلال لا يطبق قانون القاصرين الذي وضعه بيديه، فكيف يطبق الاتفاقيات والقوانين الدولية؟!".