في كل زمان وعبر كل العصور احتاج الإنسان لتغيير بعض الأمور في حياته إما بحثا عن الراحة وإما اقتضاء لضرورات الحياة, أو تكيفا مع ظروفها, والإنسان بطبيعته قابل للتغيير, لكن المهمة الصعبة التي يواجهها هي تحديد الشيء أو الصفة أو السلوك المراد تغييره وانتقاء الطريقة الأفضل للتغيير.
وإذا ما أمعنا النظر لحياتنا الآن سيجد كل منا شيئا بحاجة للتغيير سواء في أنفسنا أو في من حولنا. أما إن كان الشيء المراد تغييره في أنفسنا فهو أقرب للتغيير, وإن كان في من حولنا فإننا بحاجة لجهد أكبر ووقت أطول.
توقف عن التفكير فيما لا تريد
كثيراً ما نقع في خطأ التفكير فيما لا نريد, وهذا الذي لا نريد, يشغل بالنا وتفكيرنا, ويستهلك طاقتنا وقوتنا, دون أن ننتبه أن ما نفعله لا يفيدنا بل يضرنا, ويحرف بوصلتنا عن الطريق الصحيح الذي يجب علينا أن نسلكه, حيث يستنفذ طاقتنا التي يجب استغلالها في تحقيق ما نريد.
عندما نتنبه لهذه المرحلة علينا التوقف فوراً وبدلاً من إضاعة وقتنا في التفكير في أمور تسحب طاقتنا الإيجابية وتمنحنا طاقة سلبية, يجب التركيز على ما نريد فقط, وطرد التفكير في الأمور التي لا نريدها فور ظهورها أمامنا, تماما كصرف النظر عن نصف الكأس الفارغ والتركيز على النصف الآخر الممتلئ.
ابتعد عما لا تريد
في مرحلة الابتعاد نحتاج لجهد مضاعف، فأولا يجب تحديد الأشياء التي لا نريدها, أيا كانت مادية أو معنوية, ومن ثم نبتعد عنها وعن مثيراتها, فإن كنت تريد تغيير وضع ديونك ابتعد عن أي شيء يزيد منها وحاصرها, وفكر في كيفية قضائها ولا تسرف طاقتك في ندب حظك لتراكمها, عندها ستفتح أمامك طرق سحرية لحل المشكلة التي لا تريد بقاءها.
أما إن كنت تعاني من صفة معينة في الشريك فتوقف عن التفكير في تلك الصفة وسلبياتها وبدلا من ذلك فكر كيف تغيرها لضدها أو القضاء عليها, جند كل فكرك وطاقتك للتخلص من هذه الصفة وأول خطوة لتحقيق ذلك, توقف عن ذكرها أمام نفسك والشكوى منها أمام الآخرين.
وعليك أن تحول كل شكوى إلى رغبة قوية في الشيء المضاد, فبدلا من التفكير في المشاكل فكر في حلول لها, فمثلا بدلا من التفكير في الشكوى من ضيق العيش ارغب بقوة في الحياة الموسرة وبدلا من التفكير في التعاسة اجعل رغبتك في السعادة شديدة وقوية.
لماذا نفكر فيما لا نريد؟
يعود السبب لتفكير معظم الناس فيما لا يريدون إلى مخاوفهم من ناحية وإلى عدم إدراكهم لخطورة ما يقومون به وعدم معرفتهم بطريقة التفكير الصحية من ناحية أخرى.
إن الإنسان لو ترك لنفسه فإن غريزة حب البقاء هي التي ستسيطر عليه, وتجند عقله الباطن من أجل هدف واحد وهو البقاء على قيد الحياة فقط لا غير. وسيعرقلان طريق الإنسان إن فكر في الإقدام على شيء جديد, أو مختلف يكون فيه تقدم أو اختلاف, لذلك يجد الإنسان نفسه على الدوام في صراع مع عقله الباطن الذي يحبط محاولات بذل الجهد للتغيير, ولذلك عليه أن يجعل السيطرة الكاملة للعقل الواعي والذي بدوره سيلقن عقلك الباطن البرنامج الصحيح الذي يجب أن يسير عليه, وإن نجح في هذه المهمة لن يكون هنالك سيطرة لغريزة حب البقاء على تقدمه.
أنت قادر على التغيير
اعلم أنك قادر على تغيير ما لا يعجبك في نفسك وفي ظروفك وفي مسار حياتك, وأنك من تملك البوصلة لتغيير الاتجاه وقادر على تحقيق كل ما تطمح له, وما عليك إلا أن تغير وجهة تفكيرك وأن تدرك أنك مسئول عن حياتك, وعن خياراتك, وعما آلت إليه ظروفك, وعليك أن تبدأ في تطبيق التغيير على نفسك أولا, وتجند طاقتك في الاتجاه الصحيح لتغير كل ما لا تريد.
وتذكر أن الله جعل للتغير شرطاً وهو تغيير النفس حيث يقول تعالى ) إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ) الرعد:11.