فلسطين أون لاين

​خطوات واشنطن تهدد "عصب" عمل أونروا بـ"شلل نصفي"

...
بيروت / غزة - نبيل سنونو

تتصاعد التحذيرات من تجميد الولايات المتحدة الأمريكية مساهمتها في التمويل المقدم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وسط مطالبات للدول العربية بالتحرك.

ويأتي ذلك مع تأكيد موقع "أكسيوس" الإخباري الإلكتروني، الجمعة الماضية، أن الولايات المتحدة جمدت 125 مليون دولار من التمويل الذي تقدمه لـ"أونروا" إلى حين انتهاء إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من مراجعة المساعدات الأميركية للسلطة الفلسطينية.

وكان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، دعا إلى إنهاء وجود الأونروا "إلى الأبد" بدعوى أنها تبقي قضية اللاجئين الفلسطينيين حية.

وتعد الولايات المتحدة أكبر مانحي الوكالة، إذ تقدم نحو 370 مليون دولار من إجمالي نحو 874 مليون دولار تحصل عليها الأونروا كمنح.

وهذه الخطوة الأمريكية ليست بعيدة عن قرار ترامب في السادس من الشهر الماضي الاعتراف بالقدس المحتلة "عاصمة" مزعومة لـ(إسرائيل).

وسبق أن هدد ترامب في تغريدة على "توتير"، بوقف المساعدات المالية للسلطة؛ بزعم أن "الفلسطينيين لا يريدون الحديث (عما أسماه) السلام"؛ على حد قوله.

وقبل ذلك، صرحت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نكي هيلي بأن الولايات المتحدة ستوقف مساهماتها المالية لأونروا "لإجبار" الفلسطينيين على العودة إلى طاولة المفاوضات مع (إسرائيل).

وتأسست الأونروا كوكالة تابعة للأمم المتحدة بقرار من الجمعية العامة في عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية لحوالي خمسة ملايين لاجئ من فلسطين مسجلين لديها. وتقتضي مهمتها "بتقديم المساعدة للاجئي فلسطين في الأردن وسورية ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة ليتمكنوا من تحقيق كامل إمكاناتهم في مجال التنمية البشرية وذلك إلى أن يتم التوصل لحل عادل ودائم لمحنتهم"؛ بحسب الموقع الإلكتروني للوكالة.

وتشتمل خدمات "أونروا" على التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية وتحسين المخيمات والحماية والإقراض الصغير.

وتقول الأونروا، إنها تواجه طلبا متزايدا على خدماتها بسبب "زيادة عدد لاجئي فلسطين المسجلين ودرجة هشاشة الأوضاع التي يعيشونها وفقرهم المتفاقم".

ولطالما تحدثت الوكالة عن أنها تعاني من "عجز" في موازنتها.

ووفقا للموقع الإلكتروني للأونروا، فهي تعتمد على الدعم من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والحكومات الإقليمية، وتمثل هذه المصادر مجتمعة أكثر من 92% من المساهمات المالية للوكالة.

وتقدم "أونروا" خدماتها لنحو 5.3 ملايين فلسطيني في الأراضي الفلسطينية والأردن ولبنان وسوريا، وحتى نهاية 2014 بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين 5.9 ملايين لاجئ، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي)، منهم حوالي 5.3 ملايين لاجئ مسجلين لدى الوكالة.

لكن الناطق الرسمي باسم أونروا، سامي مشعشع، كان قد رد على تصريحات نتنياهو، قائلا إن مهام الوكالة تحددها الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشددا على أن وكالته مكلفة من الأخيرة بمواصلة خدماتها حتى يتم التوصل إلى "حل عادل ودائم لقضية لاجئي فلسطين".

"في الصميم"

ويقول مدير مؤسسة شاهد المعنية بأوضاع اللاجئين، محمود الحنفي، إن موازنة "أونروا" موزعة على مناطق عملها الخمسة: الضفة والقطاع والأردن وسوريا ولبنان، بما يتناسب مع عدد اللاجئين في كل منطقة.

ويضيف الحنفي، لصحيفة "فلسطين"، أن ميزانية أونروا ليست مرتبطة بميزانية الأمم المتحدة، بل بتعهدات دول تقدم ما ينسجم مع ظروفها المالية، فضلا عن ظروف سياسية.

ويوضح أن ربط ميزانية أونروا بالدول المانحة بدلا من ميزانية الأمم المتحدة "مشكلة كبيرة".

ويتحدث الحنفي عن عجز بحوالي 100 مليون دولار في ميزانية أونروا تراكمت عبر السنوات، مبينا أن الولايات المتحدة من أكثر الدول التي تساهم في ميزانية الوكالة بنسبة تقدر بنحو 40%.

ويعرب عن أسفه، لكون مساهمات الدول العربية مجتمعة لا تقدم في أحسن حالاتها أكثر من 3%، وفق قوله.

ويحذر الحنفي من أن تجميد مساهمة الولايات المتحدة لن يترك أثرا فحسب، بل سيصيب عمل الأونروا "في الصميم".

وعن القطاعات المهددة، يشير إلى قطاع الصحة والتعليم والمنح الجامعية والتوظيف.

ويتابع: "القطاعات الحيوية ستصاب إذا ما أقدمت الولايات المتحدة على تنفيذ تهديداتها"، مبينا فيما يتعلق بقطاع التعليم، أن مئات آلاف الطلبة الفلسطينيين في مناطق عمل الأونروا الخمسة "قد لا يجدون مقعدا للدراسة وقد لا يجدون مدرسا، وبعض المباني مستأجرة وهناك موظفون ومصاريف تشغيلية.. هناك خطر جدي".

كما أن الأونروا –والكلام لا يزال للحنفي- تشكل "الرئة" التي يتنفس منها اللاجئون في المجال الصحي، قائلا: "رغم ملاحظاتنا على الخدمات الصحية المقدمة فإنها غاية في الأهمية".

ويبين أن قطاعات أخرى كالصحة البيئية ونظافة المخيمات والبنى التحتية والمشاريع الكبرى المتعلقة مثلا بإعادة الإعمار ستتأثر أيضًا.

ويرى الحنفي أن ثمة أهمية لربط ميزانية أونروا بميزانية الأمم المتحدة، ليكون هناك التزام إجباري من كل دول العالم للمساهمة فيها حسب الدخل القومي لكل بلد.

ويطالب الدول العربية برفع مساهمتها في ميزانية وكالة الغوث، والتحرك دبلوماسيا على الصعيد الدولي.

وفيما تتفاقم الأزمات التي يتعرض لها اللاجئون الفلسطينيون، لاسيما مع حديث الأونروا عن عجز مالي، وتهديدات واشنطن وسلطات الاحتلال الإسرائيلي، فإن عيون هؤلاء اللاجئين لا تزال متجهة نحو العودة إلى ديارهم في فلسطين المحتلة.