تلميحات أمريكية منذ إعلان فوز الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، بشأن نقل السفارة الأمريكية من (تل أبيب) إلى مدينة القدس المحتلة، في ظل الحديث عن تسريبات إعلامية تتحدث عن وجود مندوبين أمريكيين متواجدين في القدس لبحث مكان مناسب لنقل السفارة إليه.
الاعتراف الأمريكي بالقدس المحتلة كعاصة لدولة الاحتلال يعتبر مخالفة صريحة للقانون الدولي، وسيجر الشرق الأوسط لمزيد من التوترات وستكون له مآلات لن تفوق مصالح الولايات المتحدة في الأولوية، فهل تجازف الولايات المتحدة وتقوم بنقل السفارة فعلاً؟
سياسة انسحاب
ويرى المختص بالشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر، أنه "إذا صحت هذه الأنباء فهذا يعني أن الحكومة الأمريكية وتحديدا رئيسها الجديد ترامب قد اتخذا قراراً بالتحرك الجدي في المنطقة".
وقال أبو عامر لصحيفة "فلسطين": "إن التلويح بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة هو ديدن كل المرشحين الأمريكيين للرئاسة لكن أياً منهم لم يجرؤ على اتخاذ هذه الخطوة"، مشيراً إلى أن هذه الخطوة هي تحدٍ كبير قد ينتج عنه "عداء" للولايات المتحدة خاصة وأن المنطقة تعيش على فوهة بركان.
وأوضح أن ترامب سبق وأن أعلن رفضه لصداقة العرب، وها هو يتخذ خطوات جديدة بهذا الاتجاه، مفسراً القيام بنقل السفارة بأنه يأتي بسبب رغبة ترامب في الحصول على أصوات اليمين المتطرف في حكومة الاحتلال.
ولم يستبعد المختص بالشأن الإسرائيلي، أن يعمل الكونجرس -الذي يدعم (إسرائيل) بشكل كبير- على منع هذه الخطوة كما فعل في السابق، مستبعداً أن تلقى هذه الخطوة موقفا فلسطينيا بشكل مباشر وقال:" الأمر لن يتعدى درجة الاحتجاج".
وعلق على تصريحات مستشارة ترامب، كليان كنوي والتي قالت لصحيفة "معاريف" العبرية إن نقل السفارة الأمريكية هو أولوية لترامب، بقوله: "ربما آن الأوان لنسمع الكلمة الفصل من ترامب نفسه، والذي لا بد أن يستمع لتقارير الاستخبارات الأمريكية في المنطقة، والنية لا تعني التنفيذ الفعلي".
وتوقع أبو عامر أن "رجلا اقتصاديا مثل ترامب يريد أن لا يدخل حروباً بل إنه يتبع سياسة الانسحاب مثل سلفه باراك أوباما، وسيحاول الدخول في صفقات تجارية بدلاً من رفع حدة التوتر التي يتوقعها الجميع منه".
الرد العربي
ويرى الناشط المقدسي ناصر الهرمي، أن نوايا نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، أمر ليس جديدا، وقد سبق ترامب إليها رؤساء سابقون أثناء فترة ترشحهم وخاصة جورج بوش الابن، والذي تحدث عن نيته نقلها في بداية ولايته.
وقال الهرمي لصحيفة "فلسطين": "إن الولايات المتحدة تعمل على تأجيل قرار نقل السفارة مرة واحدة كل ستة أشهر ليس بسبب علاقتها مع الاحتلال الإسرائيلي، وإنما بسبب مصالحها في المنطقة".
وأوضح أن الولايات المتحدة لن تترك وسيلة لتحقيق مصالحها بالضغط على العرب والفلسطينيين من خلال سياسة العصا والجزرة، أو على الإسرائيليين، مشيراً إلى أن القانون الدولي يعتبر القدس مدينة محتلة منفصلة ككيان مستقل عما ورد في قرار التقسيم.
وأكد أن القانون الدولي يعتبر كل ما يحصل في القدس المحتلة غير شرعي لأنه يصدر عن قوة احتلال، مستدركاً باعتراف السلطة الفلسطينية بغربي القدس كعاصمة لدولة الاحتلال دون أن تبادر الأخيرة باعتراف مقابل، بل إنها تتحدث عن القدس موحدة عاصمة لـ(إسرائيل).
"لو وُجدت الإرادة السياسية سيمكننا تجريم الاحتلال على كل أفعاله في القدس المحتلة سيما الجزء الشرقي منها، ونقل السفارة الأمريكية سيعتبر بمثابة اعتراف دولة عظمى بالقدس كعاصمة للاحتلال، وهذا كفيل بإلغاء ما بقي فيها من معالم عربية وإسلامية" والقول للهرمي.
واستبعد الهرمي أن يتم نقل السفارة بالفعل وأن الحديث ليس كالتنفيذ وذلك بسبب حالة الاضطراب الموجودة في العالم العربي ككل، مشيراً إلى أنه منذ سن قانون نقل السفارة الأمريكية عام 1995، وحتى يومنا هذا لم يتم تطبيقه.
وختم حديثه بالقول: "نقل السفارة يعتمد على ردود الفعل العربية والفلسطينية، وإن كانت ردات الفعل قوية بالتأكيد سوف تعزف الولايات المتحدة عن القيام بهذه الخطوة".