يعيش الأطفال المقدسيون المبعدون عن مدينتهم، أوضاعًا نفسية صعبة للغاية، جراء تواصل إجراءات الاحتلال الإسرائيلي بحقهم، والحيلولة دون الانتظام بمقاعدهم الدراسية، وممارسة حياتهم الاجتماعية.
وتفرض سلطات الاحتلال، عقوبة الإبعاد عن مدينة القدس، بحق أهلها (كبارًا وصغارًا) من كلا الجنسين، لفترات زمنية متفاوتة؛ لثنيهم عن مواصلة مقاومة الاحتلال، والوقوف ضد إجراءاته وقوانينه العنصرية.
وقال الطفل المقدسي إبراهيم البيك (12 عاما) من منطقة راس العامود، القريبة من المسجد الأقصى: "عندما كنت في منطقة باب العامود في فعالية لنصرة القدس كانت هناك هتافات ضد قرار الرئيس الأمريكي الأخير بشأن القدس، وإذا بضابط إسرائيلي يعتقلني فجأة".
وأضاف البيك: "الضابط الإسرائيلي اقتادني من رقبتي وجرحني، وفتح معي تحقيقًا ميدانيًا، ونتيجة التهديد اعترفت بأنني كنت أهتف للقدس، ثم نقلوني لمركز شرطة الاحتلال في المدينة".
وأكد أن قوات الاحتلال فرضت عليه عقوبة الإبعاد عن منزله، لمدة 15 يوما، وأنه إذا وُجِد في منطقة باب العامود سيتعرض للعقاب والاعتقال.
وتابع الطفل المبعد: "الكثير من زملائي يتعرضون للإبعاد والغرامة والحبس المنزلي وتتم مراقبتنا من قبل شرطة الاحتلال التي تقتحم البيوت للتأكد من تنفيذ قرار الإبعاد والحبس المنزلي".
فيما قالت والدة الطفل المقدسي شادي فراح (14 عاما): إن "اعتقال الأطفال المقدسيين مأساة مزدوجة، فابني تم اعتقاله وعمره أقل من 14 عامًا، وتم تحويله إلى مركز عسكري، وبعد تمديد اعتقاله عدة مرات مع زميل له صدر بحقه هذا الحكم القاسي لمدة ثلاث سنوات، من قبل محكمة عسكرية".
وأضافت الوالدة فريهان فراح: "اعتقال طفلي شادي دفعني للدفاع عن الطفولة الفلسطينية وذهبت إلى أمريكا، وألقيت عدة محاضرات في عدة جامعات أمريكية عن مأساة اعتقال الأطفال ومحاكمتهم في محاكم عسكرية ظالمة".
وأشارت فراح إلى أن جولاتها الخارجية تخللها المشاركة في فعاليات نصرة للأسرى والأسيرات، بالإضافة إلى مشاركتها في مؤتمر لاهاي عن الأسرى وخصوصا الأطفال والأحكام التي تصدر بحقهم.
واتهمت المقدسية، قوات الاحتلال بالتعامل بشكل عنصري وعنيف مع نجلها الطفل، مستدركة: "خلال زيارتي لأمريكا، التقيت الأمين العام للأمم المتحدة وشرحت له عن مأساتي الشخصية ومأساة ابني في الاعتقال، ووجهت له دعوة لزيارة غرفة ابني شادي منزلنا بالقدس الخالية من الألعاب والمقتنيات الشخصية".
من جهته، قال المقدسي أبو علي العباسي (46 عاما): إن "قوات الاحتلال تفرض التحقيق بحق أطفالنا بشكل كبير ولافت.. فالاستدعاءات الأمنية للأطفال المقدسيين لا تتوقف، ويتم إحضار قوة شرطية كبيرة من أجل استدعاء أمني لطفل لا يتجاوز عمره 10 أعوام".
وأضاف العباسي: "لا يقتصر الأمر على الاعتقال أبو الإبعاد فقط، بل يتم تهويل القضية من قبل أجهزة الاحتلال حتى يكون هناك وقع نفسي كبير على الطفل ومحيطه".
وتابع: "إرعاب الأطفال في القدس؛ له أهداف إسرائيلية خبيثة منها: إيجاد جيل مقدسي مهووس من الجانب الأمني، بحيث يتصور الاحتلال في كل حياته مع عقاب مؤلم".
عقوبة مزدوجة
بدوره، أكد محامي الحركة العالمية للدفع عن الأطفال -فرع فلسطين، خالد قزمار، أن الاحتلال الإسرائيلي يتعامل مع الطفولة الفلسطينية بطريقة وحشية، وعنصرية، مشيرًا إلى أن هذه العنصرية والوحشية تزداد عبر الإجراءات والعقوبات في القدس.
وأوضح قزمار، أن هذه الإجراءات العنصرية تستهدف الحالة النفسية للطفل، وواقعه التعليمي، ومحيطه الاجتماعي.
وقال: "محاكم الاحتلال في القدس وضباط التحقيق يتعاملون مع الأطفال المقدسيين بطريقة عنصرية مليئة بالكراهية والانتقام، وتتم الملاحقة بشكل مستمر حتى الطفل يقضي عقوبة الإبعاد أو الحبس المنزلي، وفي داخل المحاكم تكون الأحكام عالية جدًا لا تتناسب مع لائحة الاتهام".
وأضاف: "محاولة قذف حجر أو المشاركة في مسيرة سلمية أو الوجود داخل تجمع سلمي يعني أن يقضي الطفل عقوبة السجن لأكثر من عام، وحبس منزلي لعدة أشهر ودفع غرامة مالية باهظة، فالعقوبة مركبة ومزدوجة كي تكون النتائج مؤلمة جدًا".