في ظل التطور الهائل والسريع في التكنولوجيا، وخاصة الهواتف النقالة، أصبح من الصعب إبعاد الأطفال عنها وعن التأثير السلبي لها، ويصل الأمر أحيانا لاقتنائهم أجهزة خاصة بهم، دون الاكتفاء باستخدام أجهزة الكبار في العائلة، وإن كان ذلك من مستجدات العصر التي لا خلاص منها، فهل يمكن منع الأطفال من استخدامها؟
هل تقتنيه؟
"رجاء موسى" أم لطفلتين، لا تستطيع فرض سيطرتها عليهما فيما يتعلق باستخدامهما لهاتفها الذكي، سواء باستخدام الألعاب المثبّتة عليه، أو مشاهدة بعض الفيديو عبر موقع "يوتيوب".
وتقول: "استيقظ من النوم لأجد ابنتاي قد أخذتا جوالي وبدأتا بمشاهدة مقاطع فيديو عبر (يوتيوب)، والتي تكون في غالب الوقت لا تناسب عمريهما".
وتضيف: "هذا الأمر يقلقني، فأنا لا أعرف كيف يمكنني منعهما من التصفح أو تحديد محتوى آمن لهما، كما أن محاولاتي لإغلاق الجوال بكلمة سر باءت بالفشل، فالطفلة الكبرى قادرة على معرفتها من خلال حركة أصابعي أثناء فتحه".
وتشير إلى ابنتها الكبرى تطالب دائماً باقتناء هاتف خاص بها، ما يجعلها تتساءل: "هل يمكن لطفلة في عمر الست سنوات أن تقتني هاتفا ذكيا؟، أم أن الأمر لا يزال مبكراً؟".
منع تام
على النقيض، نجد "ريما عدنان" الأم لطفلين، تمنع تماماً وجود الهاتف الذكي في يدي طفليها.
وتقول لـ"فلسطين": "رغم الإيجابيات الكبيرة التي ألمسها من عدم تعرض طفْلَي للتكنولوجيا، فأنا أيضاً لا أستطيع أن أمنعهم من محاولات اللعب بهواتف الأقارب".
وتضيف: "أقرأ دائماً عن سلبيات الهواتف الذكية والتكنولوجيا على الأطفال، وربما وضعي المادي مكنني من حماية طفليَّ من هذه السلبيات، وجعلهم يعيشون حياة طبيعية بعيداً عن الحياة التي لا تخرج عن نطاق شاشة صغيرة، وكأن العالم أصبح كله موجوداً فيها".
للتواصل
من جانبها، تسمح الأم "سماح حاتم" لأبنائها، بامتلاك هواتف خاصة بهم، مبررةً ذلك بأنها تحتاج للتواصل الدائم معهم عند خروجهم من المنزل بعد المدرسة والاطمئنان عليهم.
وتقول لـ"فلسطين" لا أجد مانعًا في أن يمتلك ثلاثة من أبنائي الخمسة هواتف، فهم يحتاجونها للتواصل مع أصدقائهم في المدرسة أو لمتابعة الإنترنت وغيرها من الأمور التي أصبحت محطّ اهتمام الكثير من أصدقائهم".
وتضيف: "لا أقبل أن ينظر أبنائي بحسرة إلى أصدقائهم في المدرسة الذين يتحدثون عن الجولات والإنترنت وأجعلهم يشعرون بالحرمان والنقص، وبالتالي أجتهد لتوفير جوال خاص بهم مع مراعاة وجود بعض الرقابة التي تكون على البنات فقط".
جزء أساسي
الأخصائية التربوية سالي ياغي تؤكد أن التكنولوجيا أصبحت جزءًا أساسيًا من الحياة ولا يمكن لأي طرف أن يستغني عن معظم الأجهزة الإلكترونية، سواء كان تلفازاً أو هاتفا نقالا، أو غير ذلك من مستجدات التكنولوجيا التي تظهر كل يوم.
وتقول لـ"فلسطين" إن: "تحديد سن معين لتعرض فئة الأطفال للهواتف الذكية أمر مستحيل، وغير منطقي، رغم وجود عدد من الدراسات التي تنصح بتحديد سن معين لاستخدام الأطفال للهواتف وامتلاكها".
وتضيف: "ما ننصح به في ظل عدم القدرة على منع الأطفال من التعرض للتكنولوجيا هو أن نقلل من ضررها عليهم، وكلما كان عمر الطفل أكبر عند اقتنائه للهاتف، كلما كان أفضل له من الناحية التربوية والنفسية".
وتوضح أنه يجب على الأهالي بذل الجهد في البداية لتدريب أطفالهم على استخدام الأجهزة التكنولوجية، فالهاتف الذكي الذي أصبح بديلاً للتلفاز والحاسوب يمكن أن يتم تحديد ساعات معينه لاستخدامه، وتحديد المهام التي سيقوم بها الطفل بواسطته.
وتبين: "فمثلاً يتم تحديد وقت لمشاهدة مقاطع الفيديو المفضلة لديه ضمن البرامج المسموح بها وبرقابة ذويه عليها، أو السماح له باللعب بألعاب هادفة ذات بعد تربوي لتعليمي بعيدا عن ألعاب الرعب".
وتؤكد ياغي أن تحديد ساعات معينة لاستخدام الأطفال للهواتف بغرض أهداف معينة أفضل من منعهم بالكامل، خاصة أننا نعيش في مجتمع مفتوح ولا يمكن أن يتم عزل التكنولوجيا عن الأطفال بغرض حمايتهم من آثارها السلبية.