فلسطين أون لاين

​حينما تستعيد شتات روحك

حينما ينطفئ القلب، كل شيء ينطفئ معه، والملامح تتعب وتبدو شاحبةً، وتلك اللمعة في العيون تختفي، المناعة للمرض تضعف وقابليتنا للحياة تقل، حتى تلك الضحكة تصبح باهتة وتشعر بالبرد يتسلل لأعمق نقطة في الروح ولو كنت في عز الصيف، وتغدو أيامك نسخًا من بعضها البعض، تفقد شهيتك للحديث، ينفضّ من حولك أصحاب المصالح وأصحاب الوجوه، والذين لطالما رافقوك في عنفوانك وإنجازاتك، فأنت الآن بالنسبة لهم مجرد روح خاوية تنفث بؤسًا ولا تصلح لشيء.. عبثًا تحاول أن تلملم شتات نفسك، تحاول أن تستعيد رباطة جأشك فتسقط دمعة خائنة وتستفزك رائحة ما وصوت أحدهم ينكث جُرحًا غائرًا في الفؤاد، أنت الآن في أوهن لحظاتك، في عز انكسارك، قُل لي كم مرة حاولت جاهدًا أن تبدو متماسكًا وتفضحك تنهيدتك المكتومة، ذهنك الشارد في صخب من حولك كم وكم.. وما بينَ ذلك وذاك تغلبك الحيرة.

صدقًا لا شيء يستطيع أن يتحايل على قلب مجروح وإقناعه بالنسيان، ذلك أشبه باقتلاع روحه من أعماقها، وكل محاولة في سبيل ترميم ذلك عقيمة جدًا! إنّ القلب بإمكانه أن يُسامح، ولكنّه لا ينسى أبدًا باستطاعته أن يُرمم نفسه مع الوقت، الوقت كفيلٌ بكل شيء ولكنه لا يعود كما كان على سابق عهده.. على الإطلاق.

تذكّر أنّ الصبر لا يؤتى إلّا من عند الله، ولأننا ضعفاء جدًا أمام هذا الكم الهائل من الصخب من حولنا، فاسأله أن يكون عونًا لك ولي.

حاول أن تكون أنانيًا يا صديقي ولو مرة، نعم كنْ أنانيًا، كي تستعيد نفسك، بعدما أنستك تفاصيل الحياة إيّاها وأضعتها.. رُبما أنكرتك كُل الأصوات من حولك والوجوه، حتى أنكرت نفسك؛ لذا تغيّر للأفضل لأجلك لا لسواك.. الشخص الذي يتغير عليك بلا سبب وبلا أعذار أخرجه من حياتك وبلا عودة.. اليد التي أمسكتَ بها في وقت الشدة ثم أنكرتك اكسرها إنْ امتدت إليكَ مرة أخرى! الأشخاص الذين لا ترتاح معهم وإليهم اهجرهم! الجمع الذي يتناقض معك ومع راحة قلبك عليك أن تتجنبه! الأحاديث التي لا تروق لك، تلوث مسمعك، أغلق عنها أذنيك وقلبك كي لا تضرك.

الأشياء التي لا تريحك.. لا تفعلها.. افعل ما يرضي ضميرك ونفسك! أحِب من يُحبك.. ومن يحفظ معروفك، من يقف معك حتى النهاية.. رغم كل شيء؛ رغم طباعك السيئة.. ومزاجك السيء، افعل كل شيء كما تحب وكما تحب أن تكون ولا تنسى أنّ الله يرى.

ابتعد عن كلّ الأشياء التي لا تُضيف شيئًا ومعنى، واهرب بعيدًا عن تفاهات هذا العالم، وعن العقول الخاوية، وعن المظاهر الخدّاعة، والنفاق المستشري في كل مكان، وترفعًا عن صغائره!