فلسطين أون لاين

​"التعلق" بالتكنولوجيا يتسبب في خسائر لأعمق العلاقات

...
غزة - صفاء عاشور

كثيراً ما يقارن كبار السن طفولتهم بطفولة أبنائهم الذين أصبحوا الآن آباء ولديهم أطفال، ليجدوا أن منظور المقارنة كلما تقدم العمر يختلف بشكلٍ كبير، حتى أن ملامح كل جيلٍ تجعله يختلف عن سابقه بكثير من المتغيرات.

فوفق رؤيتهم أن هذا التغير جعلَ أطفال الجيل الحديث "ضحية" للتكنولوجيا ولحداثة العصر، وإلى درجة أنهم يتخوفون من أن يكون الجيل الحالي هو الجيل الأول لها الذي سيحمل آثار التكنولوجيا الإيجابية والسلبية للأجيال القادمة.

ويبدو أشرف الهور (19 عام) متذمراً من أسلوب والده في التعامل معه فيما يتعلق بارتباطه بــ "الجّوال" الخاص به، مُعتبراً أن ذلك تدخلاً فيما يقوم به ومحاولةً من والده لتغييره وفرض آرائه وأسلوب حياته عليه.

ويقول لـ"فلسطين": "والدي لا يستطيع أن يفهم ماذا تعني "التكنولوجيا" للجيل الحالي، فهو يريدني دائماً متواجد في المناسبات العائلية والزيارات التي يقوم بها إلى أقاربه وأصدقائه"، لافتاً إلى أنه لا يحب هذه الأمور ويفضل أن يبقى بمفرده يتصفح الإنترنت ويلعب الألعاب الإلكترونية على "اللاب توب" الخاص به.

وأوضح الهور أنه منذ أن امتلكَ هاتفاً خاصاً به أصبح لديه العديد من الأصدقاء في دولٍ مختلفة يتواصل معهم ويطلع على أخبارهم وأسلوب حياتهم، متابعاً: "والدي يرى أن تواصلي مع الأقارب أولى من الأغراب.. لا أستطيع بأي حال أن أغير وجهة نظره".

ويرى أنه ليس في الأمر غرابة أن يتعلق بالجوال، فهو يمارس حياته بشكل طبيعي أي أنه يذهب للجامعة للدراسة، ويلتقي بأفراد أسرته لكنه لا يحب الجلوس معهم، ويفضل أن يتواصل مع أصدقائه عبر الإنترنت.

وعن آثار التعلق بالتكنولوجيا، تُحدثنا الأخصائية التربوية سالي ياغي بالقول، إن التكنولوجيا أثرّت على حياة الإنسان بأشكالها كافة خاصةً الشخصية، والاجتماعية، والسلوكية، والنفسية وغيرها من الأنماط التي بدأت تظهر في حياتنا اليومية.

وقالت في حديث لـ"فلسطين": "إن تأثير التكنولوجيا الملحوظ حالياً والذي يتم رصده، غالباً ما يتحدث عن آثار سلبية وسيئة على مجتمعاتنا، خاصة فيما يتعلق بموضوع التواصل والمشاركة مع الآخرين".

وأضافت ياغي: "إن حياة, الكبار والصغار المرتبطين بشكلٍ كبير مع الأجهزة التكنولوجية, صارت مرتبطة بها بشكلٍ كامل، وكأن الحياة غير موجودة خارج شاشة اللاب توب أو أجهزة الجوالات الحديثة".

وأكدت أن كثير من الآثار السلبية التي نجدها في أطفال الجيل الحالي يكون سببها الأب والأم، اللذان يرغبان في أخذ قسطٍ من الراحة لبعض الوقت من أطفالهم، فيعطونهم الجوالات ليتصفحوا ما يشاؤون على الإنترنت دون أي رقابة ليصبحوا بعد ذلك معتادين عليها بشكلٍ لا يمكن مفارقته.

وأشارت إلى أن بقاء الأطفال أو حتى الكبار على الهواتف الحديثة والأجهزة التكنولوجية يمكن أن يجعلهم يعزفون عن التواصل مع الآخرين؛ وبالتالي يصبحون أسرى لبعض الآلات التي ربما يأتي بها الزمن وتتحكم بشكلٍ فعلي بالإنسان البشري.

وشددت ياغي على أن موضوع التواصل وفقدانه عند كثير من الأطفال من شأنه أن ينتج جيلاً غير قادر على التواصل؛ وبالتالي جيل فاقد للثقة بالنفس وفاقد للقدرة على الابتداع والتطوير في أي مجال.

وأوصت الأم على وجه الخصوص بضرورة الجلوس مع أطفالها والتحدث معهم بعيداً عن وجود الهواتف الذكية والإنترنت، وتعليمهم بعض الصفات والأخلاق التي من شأنها أن تميزهم عن سائر الأطفال الآخرين.