أجمع سياسيون فلسطينيون ومفكرون عرب على ضرورة استمرار خيار المقاومة، وتشكيل جيش وطني فلسطيني من أجل مواجهة قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لـ "إسرائيل"، والعمل على حماية المقدسات الفلسطينية.
وأكد هؤلاء خلال المؤتمر الوطني الذي نظمته حركة الجهاد الإسلامي في مدينة غزة الثلاثاء بعنوان "القدس عاصمتنا الأبدية"، ضرورة استعادة الوحدة الوطنية وتحقيق المصالحة والشراكة الكاملة، والاتفاق على استراتيجية عمل موحدة لمواجهة كافة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية.
وشددوا على أن القدس عاصمة فلسطين الأبدية وكافة الدول العربية والإسلامية، وهي تشكل طوق نجاة في مواجهة كل الضغوط الأمريكية والإسرائيلية الرامية لتصفية القضية الفلسطينية.
وطالبوا السلطة الفلسطينية بوقف التنسيق الأمني وكافة أشكال التعاون والتفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي، وسحب الاعتراف بـ "إسرائيل"، وإعلان فشل عملية التسوية، مؤكدين على مركزية القضية الفلسطينية وضرورة الدفاع عنها.
وأكدوا على أهمية مقاومة التطبيع مع الاحتلال، وإسقاط كل الحجج التي تشرع هذا التطبيع، داعين إلى استمرار حركات المقاومة في دورها على أرض فلسطين، ومواصلة الدفاع عن المقدسات في القدس بما فيها المسجد الأقصى المبارك.
بدوره، أكد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي نافذ عزام في كلمته أن القدس هي جزء من الهوية والثقافة والحضارة والحياة بالنسبة لنا، وأن السلاح الأمريكي لن يرهب أصحاب الحق، وأنه واهم من يطن أنه سيخضع الشعب الفلسطيني والأمة.
وقال إن السلطة اليوم أمام موقف تاريخي، وعليها أن تدرك أن أمريكا لن تستطيع أبدًا أن تفعل لها شيئًا، وأن الفرصة الآن سانحة أمامها لتصحيح الأوضاع واتخاذ جملة من المواقف التي تزيد التلاحم الداخلي.
وطالب عزام السلطة بأن تعلن إعلانًا صريحًا فشل اتفاق أوسلو، ووقف الاتصالات مع أمريكا وعدم الرهان على أي دور أمريكي، وعليها ترسيخ التوافق الداخلي والمصالحة، مضيفًا أن منطق القوة والابتزاز الذي تمارسه أمريكا لا يمكن أن ينجح في فرض الوقائع على الأرض، ولن يحقق أي أنجاز.
وحث الشعوب العربية والإسلامية على استمرار حراكها المساند لانتفاضة القدس، والرافض لأي مساس بمكانتها وهويتها، مشدداً على أن الطريق لا يزال طويلًا والانتفاضة تقرب المسافات والأهداف، واستمرار هذه الانتفاضة مسؤولية الشعب الفلسطيني كله بفصائله وقواه ومختلف شرائحه.
ووجه رسالة للدول العربية والإسلامية، قائلًا "لقد جد الجد، إن أمريكا لن تحترم صديقًا ولن تحترم أحدًا منكم، لقد تحدى ترمب كل العرب الذين يعتبرها أصدقائه بقراره الأحمق، وعلى هؤلاء جميعًا أن يعيدوا النظر في مصالحهم وعلاقاتهم مع أمريكا، وسحب سفاراتهم".
من جهته، قال رئيس التجمع الآسيوي لاتحاد علماء المسلمين، رئيس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين-فرع ماليزيا عبد الغني شمس الدين إن الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى من الواجبات، ليس فقط لأهل فلسطين بل لكل العرب والمسلمين.
وأكد أنه من أجل تحرير القدس والأقصى وسائر أرض فلسطين يجب علينا مقاومة التطبيع مع الاحتلال، فهو واجب شرعي ومسؤولية تقع على عاتق كافة شرائح المجتمعات العربية والإسلامية ومؤسساتها وتجمعاتها، فكل واحد له دوره الخاص والفاعل في دحر هذا التطبيع.
وطالب شمس الدين كافة الحكام والحكومات العربية والإسلامية بالوقوف ضد المشروع الصهيوني، حفاظًا على عقيدة وشرعية الأمة ومقدساتها.
واعتبر استخدام أمريكا للفيتو في مجلس الأمن الدولي ضد قرار الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال بأنه يشكل استمرارًا للعنجهية والغطرسة الأمريكية المتحجرة إزاء حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه.
وشدد على ضرورة حشد كل الطاقات وتوحيد الجهود والصفوف من أجل عزل الاحتلال وكشف زيفه وفضح ممارسته على كافة الصعد وبمختلف الوسائل المتاحة.
وطالب بتحقيق المصالحة الفلسطينية، وبذل الجهد الحثيث من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية لمواكبة انتفاضة القدس.
ودعا السلطة إلى تحديد أولويات الصراع مع الاحتلال ووقف كل أشكال التعاون والتفاوض والتنسيق الأمني معه، والعودة لخيار المقاومة وتبني هذا المشروع، كونه الوحيد الذي يحرر فلسطين من دنس الاحتلال.
من جهته، قال عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) محمود الزهار في كلمته إن" القدس كانت نهاية معجزة ربانية انتهت عندها رحلة الإسراء والمعراج، فهي رحلة الربط بين السماء والأرض وبين الإنسان وعقيدته وبين خالقه وبين الحاضر والمستقبل الموعود".
وأضاف "احذروا صلاح الدين وسيفه في صورة حجر وسكين وبندقية المقاومين الذين ينتظرون ساعة تحقيق وعد الآخرة، إن أعدائنا اليهود والصهاينة ينتظرهم الوعد الحق والمحتوم".
من ناحيته، قال نائب رئيس حركة فتح محمود العالول "نحن ندرك أن أمريكا لن تقدم لنا وللأمة أي شيء، لأن همها الأساسي هو تقديم المزيد من الدعم والمساندة للاحتلال وعلى كافة الأصعدة، وكذلك مزيدًا من الضغط على الفلسطينيين".
وأوضح أن الإدارة الأمريكية لم تعد مؤهلة للعب أي دور بشأن القضية الفلسطينية، مضيفًا "نحن أمامنا فرصة لمواجهة هذا التحدي الكبير، وذلك من خلال إعداد البيت الفلسطيني وتحقيق الوحدة حتى نكون مؤهلين لمواجهة هذا التحدي وحماية القدس".
وأكد قائلًا "لا يمكن لأحد أن يتنازل عن القدس، فهي مسرى نبينا محمد صلي الله عليه وسلم، ولابد من حمايتها والاستعداد الدائم للتضحية من أجلها".
وأشار العالول إلى أن الحراك الشعبي الذي يعبر عن الغضب الفلسطيني الرافض لقرار ترمب نراه في كل شارع من الأرض العربية والعالم وعواصمه، هذا الحراك يعبر عن عزلة أمريكا وعن وقوف العالم أجمع إلى جانب الحق الفلسطيني.
وتابع "نحن نعد أنفسنا دائمًا ونحشد قوانا وإمكانياتنا في ميزان القوى من أجل معركة القدس، ويجب علينا ألا ننسى أهل المدينة الذين يتعرضون لضغط هائل من أجل حماية القدس، وأن ندرك أن معركتنا ضخمة وكبيرة، ومع أعتى قوة في العالم وهي أمريكا، إضافة إلى عدونا الرئيس وهو الاحتلال".
تحريرها مسؤولية
بدوره، أكد عضو الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة المقدسات الأب مانويل مسلم أن القدس هي وطن لكل الشعب الفلسطيني وعاصمتها الأبدية، وهي أولًا قبل اللد والرملة والخليل ونابلس ورام الله، وأن تحريرها واجب ومسؤولية الجميع.
وقال إن "اعتراف ترمب بالقدس عاصمة للاحتلال جعل النظام العالمي ينهار"، متسائلًا "أين هي الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن واتفاقات أوسلو وغيرها من القرارات الكاذبة، إن أمريكا داست على كل هذه القرارات والمواثيق الدولية.
وتحدث مسلم عن مشروع التسوية، قائلًا إن" هذا المشروع انتهى وكان في الماضي، فكل الفلسطينيين لا يثقون بأحد أبدًا ولا في جميع بلدان العالم، بل يثقون فقط في سلاحهم ومقاومتهم وبسواعدهم وبدمهم".
وأكد أن الشعب الفلسطيني هو القوة الوحيدة وصاحب القرار الأول، فلا يوجد حل أو أفق سياسي، الحل الوحيد هو المقاومة والعصيان المدني، لافتًا إلى أن الأقصى وفلسطين جزء من عقيدتنا الإسلامية.
وطالب مسلم الشعوب العربية الثائرة بأن تجبر قادتها على دفع جزية السلاح للشعب الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين والقدس ومقدساتها.
ودعا قادة الفصائل إلى فتح باب التجنيد الإجباري لبناء جيش فلسطيني يكون قادرًا على دوس كرامة أمريكا و"إسرائيل"، مؤكدًا أن بندقية المقاومة هي شرف القدس وفلسطين
من جانبه، قال رئيس هيئة الإغاثة الإنسانية التركية (İHH) بولند يلدرم إن على جميع الدول العربية والإسلامية أن تحترم خيارات وقرارات الفلسطينيين بشأن القدس، فهم لا ولن يفرطوا بالقدس لا بشرقها ولا بغربها.
وطالب جميع الفصائل بأن يكونوا موحدين اتجاه قضية القدس، وأن يضعوا خلافاتهم الحزبية جانبًا من أجل مواجهة قرار ترمب، مؤكدًا أن الفلسطينيين أقوياء ويستطيعون الدفاع عن القدس والأقصى، ويجب أن تبقى ثقتهم بأنفسهم قوية.
بدوره، أكد الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي خلال المؤتمر أن القدس عربية إسلامية وعاصمة لدولة فلسطين، وأن القضية الفلسطينية عادت إلى الصدارة، وأنها ستبقى حية.
فيما قال المفكر الإيراني الباحث بالقضية الفلسطينية محمد صادق الحسيني إن من يدافع عن القدس يدافع عن نفسه وكرامته وشعبة ووطنه، باعتبارها الطريق للتحرر والتحرير، والقضاء على كل الفتن، وهي طريق الوحدة لكل المسلمين.
وأضاف "أيها الصامدون في القدس وفلسطين عليهم الثبات والبقاء، فنحن معكم وكل أحرار العالم في جبهة واحدة من أجل الدفاع عن القدس وكافة المقدسات، فهي واجب ديني يتحمل الجميع مسؤوليته".