لا تقتصر الإدارة كعلم وأسلوب على الأعمال المادية, بل تمتد لتشمل إدارة الذات والعلاقات الاجتماعية، وكذلك المشكلات التي تنتج عن فقدان السيطرة على الذات أو عدم التمكن من التواصل الاجتماعي الصحي, وهنا نكون بحاجة لتعلم إدارة المشاكل، بل نحن بحاجة ماسة في خضم العالم المزدحم الذي ندور في فلكه أن نتعلم كيف ندير مشاكلنا الشخصية والاجتماعية والمادية.
لماذا تحدث المشاكل؟
المشاكل هي جزء من ديناميكية الحياة, فبمجرد حدوثها يعني أن العالم الخارجي بكل مكوناته يتحاور معنا, موصلاً رسائل الاختلاف كبيراً كان أم صغيراً, ويطالبنا بالتكيف والتعامل معه.
ونحن كبشر نسعى فوراً للتخلص من هذه المشكلات ومحاولة إزالتها ورفض وجودها دون فهم ماذا وراءها وكيفية الاستفادة من وجودها، وبالتالي نغفل عن طرق التخلص منها بشكل آمن وسليم.
لذلك عندما يخطئ الإنسان في التعامل مع مشاكله والتي تعتبر شكل من أشكال التواصل بينه وبين المحيط من حوله, تنهال عليه المزيد من المشاكل.
افهم مشكلتك
كل سوء في التفسير والفهم للمشكلة التي تطرأ في حياتك يضر بتفاعلك معها وبالتالي يجلب كل عنفوانها وقوتها ضدك, وأنت لن تكون قادرا على مستوياتها المتقدمة والصعبة, وأي ظرف تمر به مهما كان دقيقاً وصعباً فالله يجعل له دوما مخرجا, فانتبه لأوائل المشكلات التي ظهرت وتعامل معها بشكل جيد، وإلا لن تكن قادرا على التوقف أمام سيل المشكلات التي تحدثها أول مشكلة تم إنكارها أو تجاهلها أو عدم حلها بشكل صحيح.
وعليك أن تحدد المشكلة إن كانت نابعة من فكرك وسلوكك أم من العالم الخارجي كالمجتمع والبيئة.
اعترف أن لديك مشكلة
إن أصعب المشكلات التي تواجه أحدنا هي إنكار وجود المشكلة نفسها ومحاولة العيش دون الالتفات لها, وتجنب مناقشتها مع الآخرين أو السعي لإيجاد حلول لها، وكذلك عدم تطبيق الحلول المقترحة لحل هذه المشكلة.
وبعد أن تعترف أن لديك مشكلة تأتي الخطوة التطبيقية لحلها, فبداية توقف عن عرضها كمشكلة على من حولك في قالب شكوى مستمرة, وتقبل الاقتراحات المنطقية لحلها وابدأ بالتنفيذ ثم تحاور مجددا في نتائج الحلول المقترحة، واستمر في تطبيق الطرق الإيجابية في الحل وتجنب الأخرى السلبية، وابحث عن سبل متنوعة لحل المشكلة.
لكل مشكلة مخرج
إن المخرج للمشكلة قد لا يتمثل في حلها بل في حل لك أنت, فالمشكلة قد تكون متعلقة بالمجتمع وبالتالي لن تستطيع تغيير المجتمع فيكون حل المشكلة هنا هو المسلك الخطأ والذي يزيد المشكلة تفاقما, وهنا يجب أن تجد حلا يتلاءم معك أنت ومشكلتك مع هذا المجتمع والحل يكون مخصصا لك, حلا فرديا. فتخرج من المشكلة دون العودة لها.
ومن أهم الحلول للمشاكل التي يتسبب بها المجتمع أن تصنع لنفسك درعا ضد المنظومة المجتمعية وتتحلى بالقوة الكافية لتجاهل المجتمع الذي يتعارض مع قيمك وأفكارك التي تكون على يقين أنها صائبة.
التواصل الاجتماعي يحدث مشاكل
إن الحياة الزوجية نوع من التواصل الاجتماعي في المقام الأول فما أن يعيش الثنائي المتزوج تحت سقف واحد حتى تكثر الخلافات بينهما على أبسط الأمور وأسخفها, والرجل والمرأة بطبيعتهما لا يتفقان على العديد من المسائل الحياتية بسبب طريقة تفكيرهما المتناقضة واختلافاتهما الكبيرة من حيث الطبع والشخصية التي تعود للاختلاف في تركيب الجينات لدى كل منهما, وعلى كل إنسان أن يدرك أن التواصل مع الآخر يحدث صداماً، وهذا أمر طبيعي وارد, والمشكلة لا تكمن في التواصل مع المجتمع أو الانعزال عنه بقدر امتلاك الذكاء الاجتماعي الذي يسهل التعامل مع الآخرين وتجنب الصدام، وحل المشكلات إن وجدت.
كلمات سحرية لحل المشكلات
من الضروري أن يعلم الوالدان أبناءهم الطرق السحرية السريعة لحل المشكلات, فمثلا يجب أن نربي أبناءنا على الاعتراف بالخطأ وقول "أعتذر" دون جدال، وذلك من خلال إعطائهم الأمان بالمسامحة والصفح عند الاعتراف بالخطأ وتقديم الاعتذار, وهذا الأمر لا يقتصر على الأطفال، فالراشدون أيضاً يستطيعون حل العديد من المشكلات عند الاعتراف بالخطأ وتقديم الاعتذار.
"أنت محق في غضبك", من الكلمات السحرية التي تحل الخلاف سريعاً فما أن يقولها أي طرف للطرف الغاضب مثلا إلا وتنطفئ جذوة الغضب ويسود السلام بعدها, فقد تنازل أحد الطرفين عن كبريائه وتقبل غضب الآخر بهدوء، وبهذا لا يعود للغضب لزوم وتنتهي المشكلة بالاعتذار والتحاور.