فلسطين أون لاين

​مصابة بمرض "تكيس الكلى"

الطفلة "إنعام" تصارع الموت منذ 11 عامًا وتنتظر متبرعًا "قانونيًا"

...
الطفلة إنعام العطار (تصوير / رمضان الأغا)
غزة - جمال غيث

على فراش المرض، تجلس الطفلة إنعام العطار (12 عامًا) ذات العينين الخضراوين، في مستشفى الشهيد عبد العزيز الرنتيسي غرب مدينة غزة، تعاني من الفشل الكلوي.

تحاول العطار، التي اخترقت جسدها الهزيل، أنابيب موصلة بجهاز الغسيل الكلوي، مغالبة آلامها، بانتظار انتهاء العملية التي تستغرق قرابة أربع ساعات.

وتتمنى العطار العودة إلى أصدقائها في المدرسة التي انقطعت عنها بسبب المرض. تقول بابتسامة عابرة ارتسمت على محياها "من حقي أن أعيش زي بقية الأطفال، نفسي أروح على المدرسة وأكمل دراستي وألعب مع الأطفال، بطلع من الدار للمستشفى ومن المستشفى للدار".

وتتوجه إنعام، يوماً بعد آخر إلى مستشفى الرنتيسي، لإجراء عملية غسيل كلى، تستغرق أربع ساعات.

ويصاب مرضى الكلى بحالة إعياء وإجهاد شديدين عقب إجراء جلسة الغسيل، وقد تحدثت لصحيفة "فلسطين" وهي تئن من شدة الألم الذي لم تعتد عليه.

ومؤخرًا، عجت مواقع التواصل الاجتماعي بصورة الطفلة العطار، وهي تجري عملية الغسيل المعتادة، وسط مطالبات بتوفير العلاج لها، نظرًا لمعاناتها الطويلة من هذا المرض، التي بدأت قبل نحو (11 عامًا).

وبالقرب من بوابة قسم غسيل الكلى تجمع عدد من الشبان، الذين أعربوا لصحيفة "فلسطين" عن تضامنهم مع "إنعام"، فيما أبدى عدد منهم نيته التبرع بكليته للطفلة في حال وافقت العائلة ووزارة الصحة عليهم وتطابقت أنسجتهم معها، بعد الفحص.

وتناشد الطفلة رئيس السلطة محمود عباس وزارة الصحة للعمل على إنهاء معاناتها والسماح لها بالسفر للخارج وتغطية نفقات زراعة كلية لها".

التكيس الكلوي

وعلى مقربة منها وقفت والدتها "سلوى"، وقد لمعت الدموع في عينيها خشية أن تفقد ابنتها بفعل المرض الذي أنهك جسدها الغض، متمنية الإسراع في إصدار تحويلة علاج لمستشفيات الداخل المحتل، وتغطية نفقات زراعة "كلية".

وتقول لصحيفة "فلسطين": "تم اكتشاف مرض إنعام بعد عام ونصف من ولادتها، عقب مرورها بوعكة صحية أدت لارتفاع درجة حرارتها وإصابتها بجفاف، وكنا نعتقد أنها إنفلونزا بسيطة.. لكن تفاقم حالتها بشكل كبير ما دفع الأطباء لإجراء العديد من الفحوصات الطبية لها ليكتشفوا إصابتها بمرض "التكيس الكلوي"، النادر، وفق قولها.

ويعرف مرض التكيس الكلوي بأنه مرض وراثي يؤدي إلى نشوء العديد من الأكياس المستديرة غير السرطانية على الكلى، تكون الأكياس مليئة بسائل مشابه للماء. وتختلف هذه الأكياس في أحجامها، كما أن أحجامها تزداد مع الوقت بسبب تراكم السائل داخلها، وفقاً لمجموعة Mayo Clinic الأمريكية للبحوث الطبية.

وتشير الأم سلوى، إلى أنه تم تحويل طفلتها للعلاج في مستشفيات الداخل المحتل.. لكن الأطباء هناك لم ينجحوا في علاجها، فعادت لغزة لتصبح أسيرة المرض".

وتكمل بحزن: "بعد أشهر تفاقمت حالتها الصحية بسبب تراكم المياه في جسدها، الأمر الذي تطلب استئصال كليتها اليسرى، بعد توقفها عن العمل، وهو ما أدى إلى تحسن حالتها قليلا".

وتضيف العطار "فيما بعد قال الأطباء إنه بالإمكان زراعة كلية لها من متبرع تتطابق أنسجته معها".

توقفت الأم عن الحديث لثوانٍ معدودة في محاولة منها لإخفاء دموعها عن طفلتها: "حاولت أنا ووالدها وأعمامها وعماتها التبرع لها بكلية.. ولكن بعد الفحص تبين أننا نعاني من مرض ولا فائدة من العملية التي ستنتهي بالفشل".

وتناشد الأم الرئيسَ محمود عباس ووزير الصحة للتدخل الفوري والعاجل لإنقاذ حياة طفلتها وأن يتم إجراء تحويلة لمستشفيات الخارج لإنقاذ حياتها، وتغطية نفقات زراعة "كلية" لها.

وقد أكدت وزارة الصحة، في وقت سابق، استعدادها لتغطية نفقات العملية والعلاج للطفلة العطار شريطة توفر "متبرع قانوني".

وتتوفر في قطاع غزة خمسة مراكز لعمليات غسيل الكلى في خمس مستشفيات من بين 13 مستشفى تتبع وزارة الصحة بغزة.

ويتردد مرضى الكلى بواقع مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعياً على أقسام غسل الكلى الحكومية، التي يتوفر فيها 117 جهازا فقط، طبقاً لمعطيات وزارة الصحة.

ويواجه أكثر من ستمائة مريض في قطاع غزة مصابين بـ"الفشل الكلوي" المزمن، بينهم أكثر من 20 طفلاً، الموت المحقق، مع تراجع مستوى الخدمة الطبية المقدمة نتيجة أزمة الكهرباء بعد رفض حكومة رامي الحمد الله رفع الضريبة المفروضة على السولار الخاص بمحطة التوليد، أو إعادة كميات الكهرباء المستقطعة من الخطوط الإسرائيلية.

ويعاني قطاع غزة من تلوث خطير في المياه نتيجة التراجع السريع في مخزون المياه الجوفية، إذ ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة فإن نسبة التلوث في مياه القطاع تصل إلى 95%، مما أدى إلى تفشي أمراض خطيرة أبرزها الفشل الكلوي.