كشفت النتائج النهائية "للتعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان"، أول من أمس، أن تعداد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يبلغ 174 ألف و422 نسمة.
ونفذ التعداد "لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني" بالشراكة مع إدارة الإحصاء المركزي اللبناني، والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وبتمويل من منظمة "اليونيسف" وسفارة اليابان في لبنان.
وبحسب نتائج الإحصاء، فإن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، موزعين على 12 مخيمًا ونحو 162 تجمعًا فلسطينيًا، مع إسقاط 10% على أبعد تقدير لم يتم شملهم بالإحصاء لأسباب مختلفة، منها أمنية أو عدم الوصول إليهم، أو عدم حماستهم للمشاركة فيه.
ووفق الإحصاء فإن قوة العمل بين التعداد الكلي بلغت 60 ألفا، نصفهم في المخيمات، ويعملون لدى أرباب عمل فلسطينيين، بينما بلغ عدد المتزوجات اللبنانيات من فلسطينيين نحو 4 آلاف فقط، وهو عدد ضئيل جدا، ما يمكن فتح الباب أمام إعادة طرح حصول الفلسطيني من أم لبنانية على الجنسية اللبنانية.
بينما بلغ عدد النازحين الفلسطينيين من سوريا نحو 20 ألفا، فيما تقدر وكالة "أونروا" أن يصل العدد لـ32 ألفا، والسبب أن هؤلاء يتحركون بين المناطق بشكل دائم وغير مستقرين في المكان ذاته.
ومن اللافت في النتائج، أن أكثر من الثلثين من الفلسطينيين يتمركزون في مدينة صيدا ومنطقتها وصولا إلى وادي الزينة، حيث بلغ عدد الفلسطينيين في عين الحلوة نحو 67 ألفا، بينما في منطقة صيدا 51 ألفا، ليبلغا معا 118 ألف نسمة أي ما يوازي الثلثين، وإذا أضيف عليهم مخيمات الجنوب (الرشيدية، البص، برج الشمالي وبعض التجمعات)، فإن العدد الأكبر يكون في الجنوب، فيما بلغ العدد الأقل في مخيم "شاتيلا"، وفي مخيم "نهر البارد" نحو النصف من عدد سكانه الأصليين، بينما المخيمات الأخرى لا تشكل ثقلا سكانيا لافتا.
وترجع مصادر مختلفة أسباب تراجع عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، إلى هجرة عائلات بكاملها إلى الدول الغربيّة خلال الأحداث الأمنيّة التي حصلت في سوريا وفتح باب الهجرة، ناهيك عن الاشتباكات التي دارت رحاها في مخيم عين الحلوة أكبر المخيمات الفلسطينية، بعدما كانت تقتصر موجة الهجرة على جيل الشباب، وذلك بسبب ضنك العيش، والأزمة الاقتصادية الخانقة التي تترنح تحت وطأتها المخيمات.
وقال عضو الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي لفلسطيني الخارج، ياسر علي، إنه "من المخزي" أن يكون عدد الفلسطينيين في لبنان 174 ألف نسمة، وهم الذين كانوا حوالي 130 ألف نسمة عندما وصلوا إلى لبنان منذ سبعين عامًا.
وأضاف علي لصحيفة "فلسطين"، أن الزيادة للاجئين منذ وصولهم للبنان وفقا للإحصائية الجديدة لم تتجاوز 30%، في حين أن العدد نفسه بقي في فلسطين المحتلة، تضاعف عددهم نحو 10 مرات وتجاوزوا المليون و300 ألف نسمة (بزيادة تناهز 1000%).
ونبه إلى أن عدد فلسطينيي لبنان تضاعف عدة مرات، غير أن الحروب والهجرات والتجنيس والوضع الاقتصادي (نسبة الفقر 66.4%)، جعلت العدد يتناقص إلى هذا الحد، مضيفًا: "تخفيض الأعداد يضرّ باللاجئين الفلسطينيين سياسيًا، ويفيدهم حقوقيًا".
وأشار إلى أن العدد المذكور لأعداد اللاجئين كان متوقعا، وقدّره البعض بـ190 ألفًا، وفق دراسة سابقة.
وتابع: "وما يثير الاستغراب في هذا الرقم، أنه رغم قناعة اللجنة أنها لم تستطِع إحصاء الجميع، وأن بعض الأرقام التي وثقوها لم تتمّ بالتعداد، بل بالتوقّع، ورغم ذلك حددت اللجنة هذه الأرقام بدقة وجرأة مستغربة 174422 نسمة).
ولفت علي إلى أن لجنة الإحصاء على قناعة أنها لم تستطِع الوصول إلى عدد كبير من المعنيين بالتعداد، وخصوصًا في المدن، حيث إنها أكدت أن التعداد شمل المخيمات والتجمعات، كما أن الإحصاء لم يشمل كثيرًا من المقيمين في الخارج، والذين يحملون الوثيقة اللبنانية، وقد يكون خروجهم من البلد مؤقتًا، وسيعودون.
وأكد خطورة إعلان هذا الرقم المنخفض نسبيًا، تكمن بأنه يزيد من احتمال تنفيذ المشاريع الدولية، كالتجنيس والتوطين على اعتبار أن هذا الرقم يسهل تذويبه أو ابتلاعه أو توزيعه، عوضا عن كونه يحيّد فئة كبيرة من رافضي التوطين الخائفين من التغيير الديمغرافي.
وشدد على أن من خطورته أيضا الحديث عن أن نسبة الفلسطينيين في مخيم شاتيلا هو 19%، ونسبتهم في مخيم برج البراجنة هو 44%، وهو ما يمكن أن يجعل مخيم شاتيلا عرضة للاقتلاع كونه يقع بين طريقي المطار ومشروع اليسار المزمع تنفيذه لاحقًا.
ونبه إلى أن من النتائج السلبية لهذا الإعلان أن الدول الأوروبية المانحة لأونروا (وفق بعض السفراء الأوروبيين)، ستعتمد الأرقام التي أعلنتها الحكومة اللبنانية، وليس الأرقام التي أعلنتها أونروا، في قيمة التبرعات والمنح التي ستدفعها.