أكد مختصون في الشأن الاقتصادي أن مقاطعة المنتجات الأمريكية، تعد وسيلة اقتصادية مهمة للرد على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القدس، مشددين في الوقت ذاته على أن تأثير المقاطعة مرهون بمدى حجم المشاركين، ونطاقها، واستمراريتها، والعمل الشمولي.
والسوق العربية والإسلامية هي ثالث أكبر سوق استهلاكي، بعد الولايات المتحدة والصين، وقوامها 1.7 مليار نسمة، ويقترب عددهم من ربع سكان العالم.
هذه الدول وإن لم تكن دولًا منتجة لسوء حظها، إلا أنهم يستوردون معظم غذائهم وحاجاتهم من خارج بلادهم، ويستوردون من الولايات المتحدة سلعًا بلغت قيمتها في العام الماضي وحده 105 مليارات دولار، ما يجعل مقاطعتها تهديدًا حقيقيًّا لمصالحها في بلادهم.
وذكر رئيس "اتحاد جمعيات حماية المستهلك" عزمي الشيوخي، أن "الاتحاد العربي لحماية المستهلك" أطلق دعوات لمقاطعة كافة البضائع الأمريكية بجانب البضائع الإسرائيلية في الدول العربية، رداً على قرار الرئيس "دونالد ترمب" الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال.
وأوضح الشيوخي لصحيفة "فلسطين" أن مقاطعة البضائع سلاح فاعل، أثبت نجاعته في مقاطعة البضائع الإسرائيلية ليس في فلسطين فحسب بل في الخارج، وبما أن الدول العربية تعد سوقاً كبيراً للمنتجات الأمريكية فلا بد من استخدام هذا السلاح أيضاً".
وشدد على أن واشنطن لا تفهم سوى لغة المصالح، وفي مقاطعة منتجاتها ضرب لاقتصادها الذي خلاله تستند في قراراتها السياسية وهيمنتها الدولية.
عمل تراكمي
وأكد على أن نجاح المقاطعة يجب أن يتوسع إلى العمل الجماعي، والتنسيق والانسجام بين الكتل والأجسام المنفذة والداعية، حتى تؤتي ثمارها.
وأشار إلى ضرورة اعداد قائمة بالمنتجات الأمريكية والإسرائيلية المشهورة لدعوة الشعوب العربية لمقاطعتها مثل ماكدونالدز، كوكا كولا، بيبسي، هاينز، بيتزاهت، مسحوق إيريال، حفاضات الأطفال بامبرز، سجائر مارلبورو، ومنتجات التجميل جونسون آند جونسون وغيرها.
ونوه إلى ضرورة أن تقدم الشركات العربية والفلسطينية المنتجة البديل عن البضائع الأمريكية والإسرائيلية في الأسواق، حتى لا تترك فراعاً في احتياجات المستهلك، وتقوض فعالية حملات المقاطعة.
من جانبه، أكد المختص في الشأن الاقتصادي د.فاروق دواس، أن حملات المقاطعة تحتاج إلى وقت لكي تظهر نتائجها "لا تتم بين عشية وضحاها" مما يعني أنه يتطلب من الداعين إليها الاتسام بـ "طول النفس" وصولاً لتحقيق الأهداف.
وفي الوقت الذي يستبعد فيه المختص أن تأخذ المقاطعة الطابع الرسمي نظراً للعلاقات بين الدول العربية وواشنطن، يؤكد على أهمية أن تأخذ اللجان الشعبية، والنقابات، والمؤسسات الأهلية ذلك الدور لتشكل جماعة ضغط على البرلمانات العربية لأخذ قرار المقاطعة.
وأشار إلى أن دول الخليج ، الأردن، مصر، أندونسيا وتركيا، بالإضافة إلى فلسطين تعتبر مناطق خصبة لإنجاح حملات المقاطعة وتفعيلها.
ووصل حجم التبادل التجاري بين تركيا والولايات المتحدة 17.5 مليار دولار في عام 2016، وهى سوق استهلاكي والمقاطعة ستكون إضرارًا بالمصالح الأميركية .
منهج
فيما قال المختص في الشأن الاقتصادي د. معين رجب: إن المقاطعة حتى يكون لها مفعول، ينبغي أن تأخذ نهجاً له أنصاره، وانتشاره، باستخدام مختلف السبل للوصول إلى المقاطعة.
وأضاف لصحيفة "فلسطين": الأصل أن تبدأ المقاطعة بأيدٍ فلسطينية لأننا أصحاب القضية، ويحبذ أن تأخذ الزخم الحكومي ، لتفعيل نشاطها في الخارج وحشد الجهات المناصرة.
وكانت شركات أمريكية كبيرة تكبدت خسائر مالية قاسية أدت إلى خروج بعضها من السوق العربية نتيجة حملات مقاطعة شعبية لمنتجاتها بعد احتلال أميركا احتلال العراق .
وشدد رجب على أهمية الاستفادة من الحملة الدولية المقاطعة للاحتلال لنجاحها، وإحداثها قلقا لصناع القرار السياسي والاقتصادي الإسرائيلي.
وقبل عام قررت المفوضية الأوروبية إلزام الشركات الاسرائيلية بوضع علامات بارزة على منتجات المستوطنات الإسرائيلية وكتابة عبارة "تم إنتاجها في الضفة الغربية- مستوطنة إسرائيلية" على جميع البضائع من الخضروات والفواكه، والخمور، والعسل، والزيوت، والبيض، وغيرها.
وباعتراف ديفد ألحياني رئيس مجلس مستوطنات الاحتلال في غور الأردن وهي المنطقة الاستيطانية الأكثر تصديرا للمنتجات الزراعية إلى أوروبا، فقد قال: إن أوروبا تستورد 80% من منتجات الاحتلال الزراعية، وأن هذه النسبة تراجعت بسبب القرار الأوروبي بمعدل 20%، ما أدى لإغلاق كثير من المصانع في هذه المستوطنات، وأغضب نتنياهو، رئيس الوزراء، الذي اتهم المفوضية بالنازية بسبب خطورة القرار.
صفقات الأسلحة
ويرى اقتصاديون آخرون أن الدول العربية تمتلك عدة آليات مهمة لمواجهة قرار ترمب منها النفط والغاز وصفقات الأسلحة والطيران وتجميد الاستثمارات المباشرة الجديدة، وسحب الاحتياطيات العربية من البنوك الأميركية.
وتعتبر الدول العربية ضمن أكبر 10 دول مستوردة للسلاح من أميركا، حيث جاءت السعودية في المقدمة بواردات أسلحة تعادل 13% من مجمل صادرات الولايات المتحدة للأسلحة، أي ما يعادل 6.5 مليارات دولار، ثم الإمارات 8.72% بما يعادل 5 مليارات دولار، والعراق 5.44% بما يعادل 3 مليارات دولار، ثم مصر التي اشترت 3.57% من صادرات الأسلحة الأميركية بما يعادل 1.8 مليار دولار.
يجدر الإشارة إلى رفض شعبي ورسمي متواصل لقرار اعتراف الرئيس الأميركي بمدينة القدس عاصمة (إسرائيل) يوم الأربعاء 6 كانون الأول/ ديسمبر ونقل سفارة بلاده إليها.