النكبات والآلام تتوالى على القدس والمسجد الأقصى المبارك، وتزداد بعد وعد (ترامب) المشؤوم في السادس من ديسمبر الجاري، الذي أعلن القدس عاصمة للكيان اليهودي، ونقل السفارة الأمريكية من (تل أبيب) إلى القدس المحتلة، هذه النكبات وغيرها تشتد على القدس، وبعد الضعف والهوان العربيين يتمادى الأمريكان في غيهم ليعلنوا في قرار جديد وخطير حائط البراق الإسلامي غربي المسجد الأقصى جزءًا من الكيان الصهيوني، لا يسمح للمسلمين بالوصول إليه.
هذا القرار الصهيوأمريكي الخطير إعلان حرب صليبية أمريكية جديدة على القدس والمسجد الأقصى وعلى المسلمين، وهو بمنزلة الدعم والمساندة للكيان في كل مشاريع التهويد والاستيطان في القدس وغيرها من أرضنا المحتلة.
لقد بلغ السيل الزبى وطفح الكيل من الإدارة الأمريكية التي لم تعد تحترم القرارات والعهود والمواثيق الدولية، وتقف علانية بجانب الكيان الصهيوني في كل جرائمه بحق الإنسان والأرض الفلسطينيين.
إن الإدارة الأمريكية لا تحسب حسابًا لمجلس الأمن والأمم المتحدة في قراراتها بحق القدس، فأين قرارات الأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن رقم (478) لعام 1980م لتبطل قرار (ترامب) بشأن حائط البراق، كما اعترفت الملكية البريطانية بإسلامية حائط البراق في أيار عام 1931م، ونحن هنا عندما نستعرض هذه القرارات الغربية لنشير فقط إلى جنون العظمة الذي يحياه (ترامب) وتحديه للمجتمع الدولي.
الهجمة الأمريكية الصهيونية تشتد على القدس والمسجد الأقصى، وسط سيل من القرارات الأمريكية الخطيرة بحق القدس والأقصى، وتواصل جنون الإدارة الأمريكية وتبجحها بحق القدس والمسلمين، عندما تستهدف قبلتهم الأولى، وعندما تستهدف مسرى الرسول (صلى الله عليه وسلم)، إذ تدعم الإدارة الأمريكية تكريس الاحتلال على أرضنا الفلسطينية، ومخططات الصهاينة للتقسيم الزماني والمكاني للقدس تمهيدًا للسيطرة الكاملة على القدس والمسجد الأقصى.
إن القرار الأمريكي عد حائط البراق ملكًا للصهاينة يستهدف استفزاز مشاعر مليار مسلم في العالم، والمس بمكانة حائط البراق لدى المسلمين، هذا الحائط معلم هام من معالم المسجد الأقصى التاريخية، وهو شاهد على إسلامية أرض فلسطين، ولا يوجد أية أثرة أو دليل لليهود في أرضنا المباركة.
إن شعبنا الفلسطيني وأحرار العالم انتفضوا وثاروا ضد القرارات الأمريكية بحق القدس والمسجد الأقصى، لكن ما زال الخبث في السلطات العليا في بلادنا العربية والأنظمة الحاكمة التي تربطها علاقات وطيدة بالإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني، ومازال الموقف العربي الرسمي هزيلًا وضعيفًا، ولم يخرج عن بيانات الشجب والإدانة والاستنكارات، وتشكيل اللجان الداعمة للقدس والأقصى، هذه البيانات واللجان كافة لا تساوي طلقة واحدة من بندقية عربية من أجل تحرير القدس والمسجد الأقصى، وتحرير أرض فلسطين من دنس المحتلين.
بعد القرارات الأمريكية الخطيرة بحق القدس وحائط البراق لم يتبق عذر للعرب والمسلمين للتخاذل في دعم ومساندة المرابطين بالقدس والمسجد الأقصى، ولم يتبق عذر لعدم النفير إلى أرض فلسطين وإعداد الجيوش لإنقاذ القدس والمسجد الأقصى من دنس المحتلين، وعلى أبناء أمتنا جميعًا أن ينتفضوا ويثوروا من أجل الأقصى والمسرى، ويكفي ما يحياه الكثير من أغنياء العرب من حياة البذخ والشهوات والارتماء في أحضان الغرب والصهيونية العالمية، لابد أن يصحو العرب من غفوتهم وغفلتهم، وأن يتحدوا وينهوا صراعاتهم الداخلية من أجل التفرغ لتحرير القدس والمسجد الأقصى، فهما البوصلة الحقيقية للجهاد في سبيل الله، ويوم أن يتحرر القدس والأقصى تتحرر بلادنا العربية من خبثها وفسادها.
رسالتي إلى السياسيين والمفاوضين الفلسطينيين والعرب، الذي يبكون على مشروع التسوية مع الكيان أنه لم يعد هناك سلام أو تسوية مع الكيان الصهيوني، وكفى تعويلًا على مشاريع السلام الكاذب، وجريًّا وراء اللقاءات مع الكيان، وتنسيقًا معه في عدد من القضايا تحت مسميات مختلفة؛ نقولها بأعلى الصوت: إن القدس والأقصى خط أحمر، وهما الكرامة والعزة لفلسطين والفلسطينيين والعرب والمسلمين، وكفانا ذلًا وهوانًا، ولتشرع رايات الجهاد، ولتبق المواجهات مع قوات الاحتلال متواصلة في الميادين والساحات كافة.
إن الشهيد إبراهيم أبو ثريا الذي خرج من منزله على كرسيه المتحرك متوجهًا إلى الحدود الشرقية لغزة، ليقف في مواجهة الجنود الصهاينة المختبئين خلف أكوام الرمل والمكعبات الأسمنتية، رافعًا علم فلسطين يطلق رسالة إلى الجميع أنْ ثوروا في وجه الأمريكان والصهيونيين، واحفظوا عهد القدس، هذا الحدث هو رسالة موجهة إلى كل العرب والمسلمين وأحرار العالم أن انتفضوا وثوروا من أجل القدس والمسجد الأقصى المبارك.