فلسطين أون لاين

​تغوّلٌ يفوق كل الحدود بعد قرار ترامب

الاحتلال يخاطب المقدسيين بـ"لغةٍ" لم تُشهد من قبل

...
قوات الاحتلال تعتدي على إحدى المتظاهرات في القدس (الأناضول)
القدس المحتلة - مصطفى صبري

تطول قائمة الممنوعات في الشارع المقدسي بعد قرار الرئيس الأمريكي الأخير، فقد صار يُمنع الاعتصام، وكذلك الجلوس أمام المقاهي، ويحظر السير بمجموعات في الشوارع، ناهيك عن اعتقال الأطفال من داخل المنازل، تلك الانتهاكات تتدحرج ككرة الثلج بمرور الوقت.

عيسى المغربي (67 عامًا)، مقدسي من أصولٍ مغربية، يقطن بالقرب من بوابة حائط البراق الإلكترونية، على وجه التحديد في الجزء الذي تبّقى من "حي المغاربة"، الذي هُدم في الساعات الأولى من احتلال المدينة العتيقة عام 1967م.

يتحدث المغربي لــ "فلسطين" عن مرارة الحياة بعد تصاعد وتيرة الانتهاكات قائلاً :"يحزنني أن أصف منطقة سكناي بــعش الدبابير، فحي المغاربة لم يبقَ منه إلا بعض البيوت في حوشٍ صغير يسمى حوش المغاربة، حيث نُمنع من الترميم في أجواءٍ من المداهمات".

كيف تسير الأمور بعد قرار ترامب؟.. يجيب بضيق شديد: " زادت شهية الشرطة والمخابرات الإسرائيلية في استفزازنا وانتهاك حياتنا الخاصة، جنود الاحتلال لا يتوقفون عن مداهمتنا بذريعة التفتيش، فهم يتلّقون بلاغات من المستوطنين الذين يقطنون فوقنا أننا نتسبب بإزعاج ومضايقات لهم".

ويضيف المغربي: "تحدثنا كثيراً مع الصحافة كي يتم فضح ممارساتهم، إلا أن الاحتلال لم يعد يأبه بما يُكتب عنه بعد قرار ترامب الأخير، مفارقة مؤلمة في زعمهم أن القدس عاصمتهم وهم أحرار فيها ونحن غرباء عنها، مع أننا نعيش هنا قبل أن يأتي اليهود، إذ أن أجدادي المغاربة سكنوا في القدس للدفاع عنها، وبعد رحيل الدولة العثمانية ومجيء الانتداب البريطاني هاجر من هاجر، وبقينا نحن هنا على الأرض نواجه أعتى احتلال في العالم".

ويتنهد الرجل المسن مواصلاً: "بعد مرور أكثر من خمسين عامًا على احتلال المدينة نعيش أصعب الأوقات خوفاً على مستقبلنا ووجودنا، فأطفالنا يُعتقلون من داخل غرف نومهم الضيقة، ويُحاكمون بذريعة أنهم أزعجوا مستوطناً".

وبعيدا عن حَوش المغاربة، بالقرب من مقر الهيئة الإسلامية العليا، وليس بعيداً عن باب السلسلة، يقول المواطن المقدسي عبدالله أبو السعود لــ "فلسطين" :"لدينا درج مشترك مع عائلة من المستوطنين وبجانبنا مقر الهيئة الإسلامية العليا، وبعد قرار ترامب تتعالى أصوات المستوطنين وهم يغنون للقدس أنها عاصمة لهم، وعند الخروج من المنزل يذوب قلبي من الحسرة وأنا أرى نظرات الجنود المليئة بالعنجهية أثناء وقوفهم على الحواجز، فيما يُحظر علينا إظهار أي احتفال بأية مناسبة دينية؛ لأن ذلك يدخل في إطار خرق القانون".

وأضاف: "منطقة باب العامود أصبحت محرمة على المقدسيين ويتم الاعتداء على كل تجمعٍ فيها، بينما ينظم المستوطنون حفلات جماعية فيها تحت حراسة مشددة ".

ويقول د. مصطفى أبو صوي، الذي يعمل معلما في مدارس المسجد الأقصى لــ "فلسطين": "يجتهد الاحتلال في تنفيذ مخطط "التهجير الطوعي"، ولذلك يعمد إلى انتهاك الحرية الشخصية للمقدسي بصورة لا يعقلها إنسان".

ويؤكد أنه بعد قرار ترامب أضحت الملاحقة الميدانية للمقدسيين متزايدة ، فهناك اعتقال للنساء والأطفال من المنازل، حتى صار مركز تحقيق المسكوبية في غرف رقم " 4" يعجّ بالمقدسيين في الآونة الأخيرة -وهو مركز عنصري بامتياز- يتعامل مع المقدسيين على أنهم أقلية في القدس المحتلة، وذلك تحت إدارة ما يسمى بــ "شرطة الأقليات".

وفي سؤاله عن الاستفزازات التي تجري في شوارع المدينة والأماكن العامة، قال د. أبو صوي: "لا حرمة ولا حصانة للمقدسي، لغة التخاطب الوحيدة مع المقدسيين هي الضرب والإهانة والقمع، وجرّهم وسحلهم في الشوارع وأمام المحال التجارية في حال اعتراضهم على قرارات الشرطة، كما حدث قبل أيام في مقهى عام في حي "الشيخ جراح"، وتحطيم محتوياته بحجة جلوس المقدسيين قبالة المقهى على الرصيف، ونذكر في منطقة باب العامود عندما أقدمت شرطية إسرائيلية على الاعتداء على فتيات صغيرات يجلسن عند درجات باب العامود".

وتطرق رئيس لجنة أسرى القدس الناشط أمجد أبو عصب إلى اعتقال المقدسيين قائلاً: "لا تتوقف الاعتقالات على مدار الساعة في المدارس، وفي داخل المسجد الأقصى، وكذلك المقاهي والأماكن العامة والمؤسسات، هذا التغول لم يسبق له مثيل، إذ يقبع الآن أكثر من مائة مقدسي في سجون الاحتلال، منذ إعلان ترامب، ومن ضمنهم نساء وأطفال بعمر عشر سنوات".