من رشقه الحجارة على جنود الاحتلال في أزقة البلدة القديمة بالخليل، إلى هروب الجنود المدججين بالسلاح من أمامه خشية الطعن، رسم الشاب الفلسطيني "محمد أمين عقل" مسار حياته قبل أن يرتقي شهيدًا في سبيل دفاعه عن القدس.
وفي بلدة بيت أولا شمال غرب مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية، حيث مسقط الشهيد عقل (29 عاما) تجمع أهالي البلدة حول منزل الشهيد فور إعلان المصادر الطبية أمس، عن استشهاد "الشاب المبتسم" بعدما أصيب بجراح بالغة لدى محاولته تنفيذ عملية طعن ضد جنود الاحتلال.
وقبيل استشهاد ومنذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مدينة القدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، برز نجم الشهيد في جل الفعاليات الشعبية والجماهيرية التي خرجت تعبر عن غضبها بالاشتباك مع جنود الاحتلال عند نقاط التماس بالحجارة والزجاجة الحارقة وإشعال الإطارات المطاطية.
ووثقت عدسات وسائل الإعلام مشهد إطلاق جنود الاحتلال زخات من الرصاص الحي على جسد عقل عند المدخل الشمالي لبلدة البيرة قرب حاجز بيت إيل العسكري، لتكون المصادفة بسقوطه على الأرض وخلفه حائط إسمنتي كتب عليه "القدس عاصمة فلسطين" باللون الأسود.
وأعاد مشهد إطلاق النار المباشر على الشهيد عقل، إلى الأذهان واقعة إعدام الشهيد عبد الفتاح الشريف ميدانياً في مدينة الخليل في آذار/ مارس 2016، حين باشره جندي إسرائيلي بزخات من الرصاص بينما كان مصابًا وطريح الأرض لا يقوى على الحراك.
الشاب عيسى العمري، الذي عرف الشهيد عقل عن قرب تحدث عنه قائلًا: "على الرغم من صغر سنه والتزامه الصمت في أغلب الوقت إلا أنه كانت له بصمات في الأنشطة الوطنية الشعبية ضد مصادرة الأراضي ومنازل المواطنين في البلدة القديمة.. لقد رحل وترك عند كل من عرفه بصمات جميلة".
أما "أبو جهاد" عم الشهيد فقال لصحيفة "فلسطين": إن "محمد تميز منذ نعومة أظفاره بحبه للقدس وبمشاركته في الهبات الشعبية ضد جنود الاحتلال، رغم أن والده كان يحاول منعه خشية على حياته".
وأضاف: "كان حلمه في كل عام أن يقضي شهر رمضان بالمسجد الأقصى ولكنه كان يصطدم بمضايقات جنود الاحتلال وحواجزهم، كان يحلم بإكمال دراسته الجامعية بمجال الحقوق فهو لم ينهِ بعد عامه الأول بالجامعة العصرية برام الله.. أصدقاؤه والجيران بالكاد صدقوا خبر استشهاده".
ومنذ أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في السادس من كانون الثاني/ ديسمبر الجاري، مدينة القدس المحتلة عاصمة لـ(إسرائيل)، تشهد عموم الأراضي الفلسطينية مواجهات شعبية رفضاً للقرار، وتأكيداً على هوية القدس الإسلامية.
وكانت (إسرائيل) احتلت شرقي القدس عام 1967، وأعلنت لاحقا ضمه إلى غربي المدينة، معلنة إياها عاصمة موحدة وأبدية لها، وهو ما يرفض المجتمع الدولي الاعتراف به.
ووفقا لاتفاقية لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، تعدّ إجراءات الاحتلال في مدينة القدس "باطلة، ولا تترتب عليها أية آثار قانونية؛ لأن الاحتلال لا يخول بنقل السيادة على القدس إلى الدولة المحتلة لأنه مؤقت ومحدود الأجل وفقا لقرارات الأمم المتحدة".