ما الذي يدفع أي امرأة للانسياق وراء فكر الرجل وإلغاء تفكيرها وتعطيل إعمال العقل لديها لاهثة خلف إرضائه؟ إن الضعف وافتقار هذه المرأة للقوة التي تمنحها الأسرة لها والقيم والمبادئ الشخصية، هي الأسباب التي تجعلها تلغي ذاتها وتعيش لإرضاء رغبات من حولها.
وقد تبرر بعض النساء ذلك التصرف بدافع الحب, لكن لا يمكن لمشاعر الحب أو التبعية المطلقة أن تطغى على مشاعر الندم التي تلتهم الذات في لحظة عتاب منها أنكِ ظلمتيها وسمحتِ لها بالذوبان في بوتقة الآخر.
ولهذا يجب أن تكون للمرأة قيمها ومبادئها الراسخة والمستقاة من الدين والأخلاق ونابعة من فهمها لما لها وما عليها من حقوق وواجبات. وبامتلاك هذه المبادئ ستثبت وجودها وستكون قادرة على أن تغضب وترفض وأن تطالب بحقها وبالمساعدة إن احتاجت لها.
العائلة هي التي تصنع الشخصية
كثيرٌ من العائلات تدرب بناتها على الخضوع للرجل دون وعي من خلال إخضاعها للذكور داخل أسرتها منذ صغرها, وتهيئها للتبعية والطاعة العمياء وتقبل الإهانة والتمييز والفوقية الذكورية, فتكون مكتملة الخضوع عندما تدخل بيت زوجها, وتبدأ رحلة خضوع من نوع آخر في حياتها, فهي مترددة منذ طفولتها تستسلم بسهولة وتتنازل بسرعة، وهذه مشاعر تضايق كثيراً, حتى وإن افتقرت المرأة للقدرة على تغييرها, فهي ما تزال تعاني منها.
ولذلك يجب على الأسرة أن تحرص على دعم بناتها وبناء شخصية سوية لديهن وتعليمهن حقوقهن وكيفية المطالبة بها, لأن المجتمع لا ينفك يحطم النساء اللاتي لا قوة ذاتية لديهن ولا ظهر يحميهن.
كوني حازمة
الحزم لا يعني العدائية, والسلوك الحازم ليس عدوانياً ولا تهديداً ولا قاسياً ولا تهكميا. الحزم يختلف عن العدوانية, فأنت بالدفاع عن نفسك وإثبات وجودك, لا تعتدين على حقوق الآخرين.
الحزم يعني إيصال ما تريدين قوله إلى الآخرين بطريقة واضحة, مع احترام حقوقك ومشاعرك وحقوق الآخرين ومشاعرهم. الحزم أن ترفضي أي ممارسات ظالمة عليكِ وأن تحتجي حتى تتوقف.
الحزم أن تكون حياتك بما فيها من مسموح وممنوع واضحة لكل من حولك وخاصة الزوج وأهله. الحزم أن تتمسكي بخصوصية حياتك بكل ما فيها من تفاصيل وتعلني رفضك لأي تدخلات فضولية في شؤونك. الحزم ألا تتهاوني في فرض احترامك على زوجك وأهلك وأهله ومحيطك بالكامل فيحترموا طريقتك في الحياة وأفكارك وقيمك.
قولي لا
تعلمي كيف ومتى تقولين لا, ولا تسارعي لتقديم التنازلات والتضحيات بشكل عشوائي, ودون التروي والتفكير العميق, بطبيعة التنازل والتضحية وأبعادهما والتوقيت المناسب لهما. فكثير من المواقف والأمور ستكتشفين فيما بعد أنها لم تكن بحاجة لأكثر من كلمة "لا" تقوليها بحزم لكن لم تكن لديك الجرأة لقول لا للمعاملة الدونية, ولا للتطويع القسري والتبعية الغبية, ولا للظلم وهضم الحقوق, ولا للعنف بكل أشكاله. ولا هذه كانت كفيلة بتغيير حياتك التي تعيشينها الآن وأنت لست راضية بل مجبرة لأنك ببساطة لم تستطيعي قول.. لا.
تمسكي بحقوقك
هناك فرق كبير بين التشارك في الحياة بينك وبين الشريك, وبين إهدار حقك مع زوجك, فلا تتبعي هذه الظاهرة مهما كانت الأسباب, فمع مرور الزمن تفقدين شخصيتك ولا تستطيعين بعدها أن تبني شخصية من جديد, فمن الضروري أن تكون لك شخصيتك المستقلة, ومواقفك الخاصة الواضحة, فتمسكي بآرائك إن كنت متأكدة أنها صائبة, ودافعي عنها, وتناقشي دائما مع زوجك, وليكن الإقناع والتفاهم نهجا لحياتك الزوجية, ولا تتنازلي عن حقوقك إلا بقرارك الشخصي المدروس. وتذكري أن الرضوخ مرة يفتح الطريق للرضوخ الدائم, الذي سيحول كل شيء في حياتك إلى مشاعر خانقة. ابدئي من اليوم برسم حدود لحياتك وعلاقاتك بكل من حولك, وعبري عن اعتقاداتك وآرائك وعن قيمك, ضمن الحدود المرسومة, ولا تسايري الخطأ أبدا, فالمسايرة المستمرة تعني التخلي عن الأفكار والمبادئ والقيم الشخصية.