فلسطين أون لاين

​وسائل المقاومة القديمة لا تغيب بأمرٍ من "متطلبات المرحلة"

...
غزة - مريم الشوبكي

على مدار سنوات الصراع مع الاحتلال، استخدم الفلسطينيون وسائل مقاومة شعبية بدائية مثل إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة على جنود الاحتلال، وحرق إطارات السيارات، وطوروا أساليبهم شيئًا فشيئًا، فأدخلوا إليها المسدسات والأسلحة النارية التي استولى عليها المقاومون من جنود الاحتلال، وصنعوا الصواريخ بأنواع مختلفة، وغيرها من الأسلحة، أضف إلى ذلك استخدام الفن والإعلام ووسائل أخرى في المقاومة.

ورغم تطور وسائل المقاومة الفلسطينية، لا سيما في قطاع غزة، لكن لا تزال وسائل المقاومة القديمة تُستخدم بكثرة، وخاصة في الضفة الغربية والقدس المحتلة، والسبب يعود إلى متطلبات المرحلة.

عن أساليب المقاومة ووسائلها قديما وحديثا، وأوجه التشابه بين تحركات الفلسطينيين المختلفة، أعدت "فلسطين" التقرير التالي.

المزيد من الأدوات

قال رئيس قسم التاريخ والآثار في الجامعة الإسلامية الدكتور غسان وشاح: "كان الشعب تحت الاحتلال الإسرائيلي، واستخدم كل الأدوات المتاحة في ذلك الوقت، فلجأ إلى رشق الحجارة والزجاجات الفارغة والحارقة أيضا".

وأضاف لـ"فلسطين" أن الاحتلال الإسرائيلي كان يلاحق الشبان الذين يرشقون الحجارة على جنوده، ويعاقبهم بالسجن لثلاث سنوات، وبعد تطور الأمر لاستخدام الزجاجات الحارقة، أصبح من يلقيها يُحاكم بالسجن لسنوات أطول، كمحاولة من الاحتلال للقضاء على تطوير الشعب لوسائل موجعة أكثر للاحتلال".

ولفت إلى أنه في نهاية انتفاضة الحجارة تم استخدام الأسلحة على نطاق ضيق كالمسدس، ومهاجمة الجنود والاستيلاء على أسلحتهم النارية، لأنه كان من الصعب شراء أسلحة في حينها.

وأوضح وشاح: "انتفاضة الأقصى التي اندلعت في عام 2000، بدأت بالمستوى الذي انتهت عنده انتفاضة الحجارة، من حيث أساليب المقاومة، إذ بدأت باستخدام الأسلحة النارية والعبوات الثقيلة وتفجير عدد من الدبابات في نقاط تمركز جنود الاحتلال في قطاع غزة، وحفر الأنفاق".

وبيّن أن تطور وسائل المقاومة رافقه تطور في الآلة الإعلامية الفلسطينية، فاستطاع الشعب الفلسطيني في انتفاضة الأقصى أن يجيّش كل العالم لنصرة قضيته التي شغلت حيّزًا لا بأس به في الإعلام العالمي، بالإضافة إلى انتشار الأناشيد الثورية كأغنية "وين الملايين".

وبحسب وشاح، فإن انسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة دون اتفاقيات عام 2005، شكّل لحظة فارقة في تطور أدوات المقاومة.

وقال: "في عام 2015 عند اندلاع انتفاضة القدس في الضفة الغربية والقدس المحتلة، كانت عمليات الطعن والدهس من أبرز أشكال المقاومة، فهي، بالرغم من كونها وسائل قديمة، إلا أنها المتاحة أمام الشعب الفلسطيني في ظل ملاحقة السلطة للمقاومين واعتقال من يستخدم الأسلحة النارية المتقدمة، بالإضافة إلى تسليم العديد من خلاليا المقاومة للاحتلال".

حسب المنطقة

ورغم تطور وسائل المقاومة الفلسطينية، إلا أن الشبان والأطفال لا يزالون يستخدمون الوسائل التقليدية كرشق جنود الاحتلال بالحجارة والزجاجات الحارقة، وإشعال الإطارات، وربما الكثير منهم لم ينشأ عليها.

وتعقيبا على استمرار استخدام الفلسطينيين لأشكال المقاومة القديمة، قال وشاح: "لكل منطقة في فلسطين مبررات لاستخدام وسائل المقاومة التي تراها مناسبة، فالمناطق الواقعة تحت الاحتلال، لا يزال أهلها يستخدمون الوسائل القديمة بفعل ملاحقة المقاومين ومنعهم من استخدام الأسلحة".

وأضاف: "أما قطاع غزة ففيه أنواع أخرى من الأسلحة، ولكن استخدامها يكون مرتبطا بالتوقيت والظروف، فمثلا في المرحلة الحالية، من الخطأ الكبير استخدام الصواريخ في لأن استخدامها يعني نقل المعركة للقطاع، وهذا سيخطف الأنظار لغزة، ويتسبب في حرف بوصلة الحراك عن القدس، ومن شأنه أيضا أن يغطي على قرار الرئيس الأمريكي باعتراف بلاده بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل)".

وتابع: "من أشكال المقاومة الأخرى في غزة خروج طلبة المدارس في مظاهرات، حرق إطارات السيارات وإلقاء الحجارة على الجنود في المناطق الحدودية، لأن أبناء غزة لا يستطيعون استخدام الأسلحة البيضاء كأهل الضفة والقدس".

وواصل: "أما على المستوى العربي والإسلامي، فإغلاق السفارات وطرد السفراء من أهم الخطوات الاحتجاجية".

ومن وسائل المقاومة الحديثة، استخدام منصات التواصل الاجتماعي، حيث تشهد تفاعلا كبيرا من الشعوب العربية والغربية الغاضبة من القرار الأمريكي بشأن القدس.

وعن ذلك أوضح وشاح أن ثمة حربًا مشتعلة على منصات التواصل الاجتماعي بين المعترضين على الاعتراف الأمريكي، وبين بعض العرب الذين يحاولون تغيير الثقافة العربية بشأن القضية الفلسطينية، مؤكدا: "لذا على الفلسطينيين من النشطاء والكتاب والعلماء وأرباب القلم أن يغردوا في أتون المعركة دون تجريح".

وقال إن الدعاية، المعروفة بـ"البروباغندا"، أحدث أكثر وسائل المقاومة في إسقاط العروش، لذا على الفلسطينيين أن يسطروا أقلامهم ويتصدوا للرواية المغلوطة، ويقدموا الرواية الصحيحة عن المقاومة والقدس.

وأضاف الأناشيد والأغاني الثورية من الوسائل التي تعكس ثقافة الشعب الفلسطيني وفكره، وهي حينما تتحدث عن فلسطين والمقاومة والقدس تعمل على تجيش الجماهير وترفع المعنويات.

سلاح لكل مرحلة

ومن جهته قال رئيس قسم العلوم السياسية والإعلام، والمُحاضر في تاريخ القضية الفلسطينية في جامعة الأمة بغزة, الدكتور عدنان أبو عامر: إن "التطور التاريخي لوسائل المقاومة أمر طبيعي، كإلقاء الحجارة وحرق إطارات السيارات، في ظل انعدام أساليب المقاومة الحديثة في مدن الضفة والقدس".

وأضاف لـ"فلسطين": "تطورت أساليب المقاومة ووصلت لامتلاك المقدرات العسكرية، ولكن كل مرحلة يُقاس لها السلاح الخاص بها، في الانتفاضة الأولى كان هناك التفاف شعبي كبير حول المقاومة واستُخدمت حينها الحجارة والزجاجات الحارقة وضمن الاشتباك المباشر مع العدو، وفي الانتفاضة الثانية استخدمت القنابل والمتفجرات لكي توازي حجم الاعتداء الإسرائيلي الذي تطور، وهكذا يختلف الأمر بحسب المرحلة، وبناء عليه لا يمكن استخدام المقاومة المسلحة في هذه الآونة حتى لا يكسب الاحتلال تأييدا عالميًا".