تعيش مدينة القدس المحتلة آلاما دامية، وتحيا أوجاعا سقيمة وجراحاتها تزداد يوما بعد يوم؛ والقدس الجريح تبكي حالها وأحوالها ويتقاذفها العدو البعيد والعدو القريب من أجل تغيير معالمها وجغرافيتها لتصبح ملكا خالصا لليهود الصهاينة؛ ومدينة السلام لا تعيش السلام منذ الاحتلال الغربي الصهيوني لأرضنا عام 1948.
إن القدس المحاصرة تقف اليوم شاهدة على حالة العجز والهوان والتقاعس العربي في نصرتها والوقوف بجانبها أهلها المرابطين ودعمهم ومساندتهم في مواجهة الجرائم الصهيونية المتمثلة بالاستيطان والتهويد والتدنيس والاقتحامات اليومية من قبل قطعان المستوطنين بحماية شرطة الاحتلال.
إن الأيام الماضية كانت عصيبة على القدس ولم تنم جفون القدس لحظة من يوم إغلاقها منع الصلوات فيها، وقيام الاحتلال بسد أبواب القدس، حيث أقام المقدسيون الصلوات على بوابات القدس وفي شوارعها العتيقة، وبفضل الله وسواعد أبناء القدس لم يدم حصار القدس طويلا، واستطاع المقدسيون المرابطون وأهل فلسطين أن يحرروها من الحصار بأرواحهم وصدورهم وهاماتهم الشامخة، وانسحبت قوات الشرطة الصهيونية من ساحات القدس واضطرت بعد أيام إلى فتح كافة أبواب المسجد الأقصى وقبة الصخرة أمام المصلين؛ وبالفعل كان يوما عظيما ذاك اليوم وأفواج المصلين يفتحون بوابات القدس حتى البوابات المغلقة منذ زمن بعيد.
المخاطر الكبيرة التي تواجهها القدس والتي تستهدف تدمير المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم، حيث تواجه القدس إجراءات اليهود الاحتلالية العنصرية لتنفيذ وعد الرئيس الأمريكي (ترامب) المشئوم والذي أعلن فيه القدس عاصمة للدولة اليهودية وسيتم نقل السفارة الأمريكية من (تل أبيب) إلى القدس المحتلة.
الهموم والآلام كثيرة وجاثمة منذ زمن بعيد على قلب القدس، وزادها ألما ووجعا محاولات التطبيع مع الكيان الصهيوني من خلال الزيارات ونسج العلاقات مع الكيان حيث زار القدس حديثا وفد بحريني وقد حاول الوفد دخول المسجد الأقصى لكن المرابطين المقدسيين الأوفياء الأطهار وحراس المسجد الأقصى طرودهم وتصدوا لهذه الزيارة التي تتم تحت حراب الاحتلال.
إن مثل هذه الزيارات التطبيعية المشبوهة التي تتم تحت أمر الاحتلال الصهيوني وتتم بالتنسيق الكامل مع الدولة العبرية؛ تمثل خيانة عظمى، وجريمة بحق القدس والقضية الفلسطينية، ويجب أن تكون زيارات أهلنا العرب المسلمين للقدس زيارات الفاتحين والمواجهين.
لا نعذر العرب وغيرهم من المسلمين وأحرارا الأمة والعالم في تنظيم الزيارات التطبيعية المشبوهة للقدس المحتلة والتي تتم بالتنسيق الكامل مع الاحتلال وهي تمثل دعما للاحتلال في مواصلة جرائمه بحق الشعب الفلسطيني.
على الشعوب العربية أن تثور وتنتفض في وجه هذه الزيارات وأن ترفض كافة محاولات التعاون والتنسيق مع الكيان الصهيوني، وترفض ما يتم مع الكيان عبر العلاقات التجارية والتعاون الثقافي والرياضي لأن هذه العلاقات تعطي شرعية للاحتلال الصهيوني في أرضنا الفلسطينية.
إن ما يحدث من زيارات تطبيعية وتوطيد العلاقات مع الصهاينة يتم على حساب القضية الفلسطينية وهو يعني تصفية القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع مع الاحتلال الصهيوني وتشريد باقي الفلسطينيين في المنافي والدول العربية.
يجب على أنصار التطبيع مع الكيان أن يخجلوا من أنفسهم وهم يتباهون في علاقاتهم العلنية مع اليهود، ويجب أن يستفيقوا من سباتهم العميق، ويرجهون إلى رشدهم، ولا بد أن يدركوا حجم الجرائم الإسرائيلية التي تتم بغطاء أمريكي بحق الإنسان الفلسطيني وبحق القدس والمقدسات، حيث إن هذه الزيارات التطبيعية تمثل الرضا والقبول من جانب المطبعين على جرائم العدو الصهيوني بحق أبناء شعبنا الفلسطيني وبحق الأمة الإسلامية والعربية.