فلسطين أون لاين

"أبو صعاليك".. ارتقى بعد مسيرة حافلة بالعمل الإعلامي

...
صورة أرشيفية للشهيد موسى أبو صعاليك
خان يونس - ربيع أبو نقيرة

هنا شهيد يقضي في الأنفاق وآخر يرتقي في البحر وثالث في التدريب وغيرهم كثير في ميادين الإعداد التي لا يمكن حصرها، الأمر الذي يعكس حالة من العمل الدؤوب والعزيمة القوية لشباب لم يعرفوا للهدوء طعمًا.

الشهيد القسامي موسى حافظ أبو صعاليك (19 عامًا) من مدينة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، واحد من الشباب الذين رحلوا في ميادين التدريب، بعد مسيرة حافلة بالنشاط والحيوية والعمل الإعلامي الراقي.

وارتقى أبو صعاليك في ميدان التدريب في انفجار أدى إلى إصابته، واستشهد لاحقا على إثره قبل أيام، وفق بيان لكتائب الشهيد عز الدين القسام، زفته فيه وقالت إنه "غادر دنيانا وما غير أو بدل ولا تخاذل أو تقاعس، بل نذر نفسه لله مجاهدًا حتى لقي الله على ذلك".

والد الشهيد الذي بدا في حالة من الصبر رغم فراق ابنه، أوضح أنه هو من دفع ابنه إلى ميادين المقاومة، قائلاً "الحمد لله على هذا الحال وعلى كل حال، فربنا يعطي ويأخذ، وقدره نافذ شئنا أم لم نشأ".

ولفت إلى أن ما يقدره المولى ليس هناك أجمل منه، مشيرًا إلى أن شهادة نجله فضل من الله وكرم كبير منه.

وقال أبو صعاليك في حديثه لصحيفة "فلسطين": "لم أمنع موسى يومًا من الالتحاق بالمقاومة، بل كنت أدفعه إليها وأشجعه على ذلك"، مضيفًا "إن لم نشجع أبناءنا على ذلك وندفعهم، فمن الذي سيدافع عن بلادنا ونسائنا وأطفالنا؟!".

ودعا الشباب للالتحاق بصفوف المقاومة والمضي على درب الشهداء، قائلاً "رسالتنا للمقاومة أن تبقى في طريقها سائرة حتى تحرير فلسطين".

أما مدير المكتب الإعلامي لحركة حماس في محافظة خان يونس، محمد النجار، والذي كان صديقًا وأخًا للشهيد أبو صعاليك، فأوضح أنه عرف موسى أخًا هادئًا وقورًا، مشيرًا إلى أنه كان محبًا للعمل الإعلامي رغم حداثة سنه، وقد التحق بالعمل الإعلامي في الحركة بداية عام 2015.

وقال "كان لديه نهم لتعلم كل جديد، تعلم المونتاج والتصميم الجرافيكي والتصوير وأبدع فيها كلها، كما كان محبًا لإخوانه الذين يعمل معهم، ويسعى لإدخال السرور والفرح عليهم دائمًا".

وذكر النجار أنه "في الليلة الأخيرة، والتي أطلقنا عليها الوداع الأخير، جاء إلى بيتي قاطعًا قرابة 10 كم حتى يصحبنا في رحلة شبابية إلى غزة، وقد أخبرته أنه ليس على عادته، فقد كان هادئا جدًا في الرحلة، فقال أنا على عادتي وليس هناك شيء".

ولفت إلى أن موسى عند منتصف الليل بعد عودتنا قال لآخر من التقى من الأصدقاء، إنه لن ينم حتى يجهز نفسه للخروج للتدريب فجرًا، قائلاً: "كان سريع السعي نحو الشهادة، ولم يلبث على التحاقه في القسام سوى 3 أشهر قضاها كلها في التدريب".

ونشط الشهيد أبو صعاليك في المكتب الإعلامي التابع لحركة حماس في خان يونس، وكانت آخر مشاركاته في المهرجان الإلكتروني الذي نفذته الحركة قبل أيام قليلة لإحياء ذكرى انطلاقتها في مدينة غزة تحت عنوان حماس تتحدث.

شرف ورفعة

وخلال مشاركة القيادي في حماس الدكتور خليل الحية، في جنازة الشهيد أبو صعاليك، أكد أن الشهادة في موقع الإعداد فخر وشرف ورفعة ومقام كبير لذوي الشهيد.

وقال مخاطبًا والد الشهيد: "أن يموت ابنك أيها الأخ الكبير في مواقع الاعداد والشهادة فهذا شرف لك في الدنيا وشرف لك في الآخرة ورفعة لك ومقام كبير عند الله عز وجل، فأكرم وأنعم بشهادة ونهاية لموسى، ونسأل الله أن يجعل نهايتنا شهادة في سبيل الله".

بدوره، أوضح الناطق باسم حماس حماد الرقب، أن ميدان الإعداد والتدريب لن يتوقف إلا بتحرير الأرض وطرد المحتل من فلسطين، قائلاً "الأعداد الكبيرة من شهداء الإعداد يُتَأَكّد من ورائها أن مسيرة الجهاد ماضية قوية وأن عزيمة الشباب بفضل الله هي التي يعوَّل عليها كثيرا من أجل مشروع تحرير فلسطين وأن قادم الأيام سيكون عائدًا على شعبنا بالخير والنصر والظفر".

ولفت إلى أن ما تقوم به كتائب القسام من عملها الدؤوب وتدريباتها التي تتواصل على مدار الليل والنهار وتطويرها للصناعات العسكرية، هي الرسالة التي ينبغي أن تصل للعدو بأن الموت الزؤام يُصنع لك في كل قرية وشارع ومخيم وزقاق في فلسطين.

وفي السياق، قدم وفد من المجلس التشريعي، يتقدمه النائب الأول لرئيس المجلس د. أحمد بحر، والنائبين يونس الأسطل ويحيى العبادسة التعازي لعائلة الشهيد أبو صعاليك.

وكان في استقبالهم جمع من وجهاء عائلة الشهيد وأقربائه بالإضافة لعدد من قيادات ووجهاء المحافظة.

وأكد بحر لعائلة الشهيد أبو صعاليك، أن طريق المقاومة هو الطريق الأنجع لشعبنا في مقاومة الاحتلال وتحرير المقدسات.

ويُعرف عن الشهيد أبو صعاليك أنه إعلامي متميز وناشط يحمل عدسته وقلمه دون أن يمنعه ذلك من حمل البندقية لتصدق أفعاله أقواله.

ومن أبرز الكلمات التي نشرها على حسابه على موقع فيس بوك "اللهم إن كنا مقصرين فيما مضى فأحسن لنا فيما بقي"، كما كتب في إحدى مذكراته "تركت لرحمة الله نفسي، فما لي دون رحمته رجاء، أنا الإنسان في ظلمي وعجزي، وأنت الله تفعل ما تشاء".