"واستشهد السلام في وطن السلام وسقط العدل على المداخل.."؛ هكذا وصف الشاعران الأخوان "رحباني" قبل عقود واقع القدس في ظل الاحتلال، ولم يتغير حال المدينة اليوم، إذ جاء قرار حاكم البيت الأبيض بالاعتراف بها "عاصمة" لدولة الاحتلال، ليزيد المشهد قتامة.
لكنّ المقدسيين يعتبرون أن قرار دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي، لا يغير من عروبة المدينة.
ويقول المقدسي فادي أبو أسعد، لصحيفة "فلسطين": "القدس عربية وإسلامية بهويتها وطابعها، وقرار ترامب لن يغير من هذا شيئا"، لكنه لم يخف تخوفه من أن خطوة الرئيس الأمريكي "ستترك أثرا كبيرا على القدس والمقدسيين".
ويفسر بأن لهذا القرار تداعيات سياسية، تؤثر على المقدسيين والقدس التي تعاني من هجمة قوية جدا، متابعا بأن اعتراف واشنطن بالمدينة المحتلة "عاصمة" للكيان الإسرائيلي، يمثل ضوءا أخضر جديدا لسلطات الاحتلال، التي ستنفرد بالقدس وتصعد من هجمتها عليها.
ويردف: "نحن كمقدسيين لا حول ولا قوة لنا إلا بالله"، مبينا أن المقدسيين يواجهون "القرار الظالم والمتغطرس" من ترامب.
ويرى أبو أسعد، أن قرار ترامب ستكون له تداعيات "سلبية جدا" إذا لم تكن هناك وقفة على الصعيد الوطني والعربي والإسلامي.
وميدانيا، تواصل قوات الاحتلال قمع المصلين الغاضبين في القدس من قرار ترامب.
ويقول الناشط المقدسي: "كانت هناك مسيرات سلمية. نحن كمقدسيين مغلوب على أمرنا"، مبينا أن المسيرات على سبيل المثال، خرجت أول من أمس، من المسجد الأقصى وتوجهت إلى منطقة باب العامود مرورا بالواد، لكن قمعتها قوات الاحتلال، التي اعتدت أيضًا على مسلمين من دول كتركيا وإندونيسيا وجنوب أفريقيا.
وبحسب أبو أسعد، تتركز المواجهات في المناطق المحيطة بالقدس كبلدة سلوان والعيساوية وكفر عقب ومخيم شعفاط.
ويستهدف الاحتلال أيضًا شارع صلاح الدين في قلب القدس، والذي يعد منذ الخمسينيات الشريان التجاري في المدينة، ويوجد في السوق 135 محلا تجاريا وأبرز وأهم المؤسسات المقدسية.
ويوضح أبو أسعد، أن هذا الشارع "يعتبر العصب القوي التجاري في مدينة القدس"، وقد أوقع الاحتلال أمس العديد من الإصابات في صفوف الفلسطينيين.
ويعتقد أن الحراك الشعبي في القدس، "سيكون لبنة أساسية" لإعطاء ضوء أخضر لجميع مدن الضفة الغربية بالانطلاق في مسيرات واحتجاجات حتى إنهاء الاحتلال.
ويؤكد ضرورة توفر الدعم الوطني من الضفة الغربية وقطاع غزة للمقدسيين في مواجهتهم لقرار ترامب، وقوات الاحتلال، قائلا: "ننتظر أن تكون هناك ردة فعل قوية للتأثير على هذا القرار وتجنب الغطرسة التي من الممكن أن تستخدمها (إسرائيل) ضد القدس والمقدسيين".
ويبدي أبو أسعد، تفاؤله، بانتصار الشعب الفلسطيني، قائلا: "سوف ننزل من درجات باب العمود ونجد فلاحاتنا يبعن الزيت والزعتر والزيتون، ولن يغير هذا القرار الغاشم أي شيء من عروبة القدس، فهي عربية منذ الأزل".
قرار حاسم
من جهته، يصف رئيس الهيئة الإسلامية العليا، الشيخ عكرمة صبري، الوضع الراهن في القدس بأنه "توتر وغضب وقلق".
ويؤكد صبري لصحيفة "فلسطين"، أن الولايات المتحدة لن تتراجع عن قرارها بشأن القدس المحتلة، إلا إذا توافق الحكام العرب على "قرار حاسم" يُلزمها بذلك.
ويتابع: "هذا لا يكون إلا إذا تعرضت المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط إلى الخطر".
ويتمم بأن قرار ترامب سينعكس على شكل تصعيد في اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على القدس المحتلة، بمقدسييها، ومقدساتها.
وكان الكونجرس الأمريكي مرر قانون سفارة القدس عام 1995م، الذي يقضي بنقل السفارة من (تل أبيب) إلى القدس المحتلة، لكن الإدارات الأمريكية المتعاقبة منذ رئاسة بيل كلينتون مرورًا بجورج دبليو بوش كما باراك أوباما لجأت إلى استخدام استثناء تنفيذي، لتأجيل نقل السفارة، "من أجل مصلحة الأمن القومي الأمريكي"، بينما أقدم ترامب الأربعاء الماضي، على الاعتراف بالقدس المحتلة "عاصمة" للكيان الإسرائيلي.