انتفاضة تلو أخرى خاضها الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، تنوعت فيها الوسائل والأدوات، لكنها توحدت في هدف تحرير الأرض والإنسان والمقدسات.
وتتربع في الذاكرة الفلسطينية الانتفاضة التي اندلعت في ديسمبر/كانون الأول 1987، وتوسعت في المدن والقرى والمخيمات بالضفة الغربية وقطاع غزة والأراضي المحتلة سنة 1948م.
وكان سلاح الفلسطينيين في تلك الانتفاضة، الحجارة، وسميت باسم هذه الوسيلة، كما تم استخدام السلاح الأبيض.
في مقابل ذلك، استعمل الاحتلال الأسلحة النارية والدبابات، فاستشهد قرابة 1162 فلسطينيا بينهم حوالي 241 طفلا، وأصيب نحو 90 ألف جريح، مع تدمير ونسف 1228منزلا، واقتلاع 140 ألف شجرة من المزارع الفلسطينية.
ووفق إحصائية لمركز المعلومات الإسرائيلي "بتسيلم" قتل خلال انتفاضة الحجارة 160 إسرائيليا.
وانتفاضة الحجارة أطلقت شرارتها الأولى حادثة دهس سائق شاحنة إسرائيلي، مجموعة من العمال الفلسطينيين في مخيم جباليا شمال قطاع غزة على حاجز بيت حانون "إيريز" آنذاك.
ووقعت منظمة التحرير الفلسطينية اتفاق أوسلو –الذي يُقابل برفض وطني واسع- سنة 1993 مع (إسرائيل).
وسنة 2000 اندلعت انتفاضة الأقصى، عندما اقتحم رئيس وزراء الاحتلال الأسبق أرئيل شارون باحة المسجد الأقصى، وقمعت قوات الاحتلال الفلسطينيين.
ولدى اقتحامه باحة المسجد، قال شارون إن الحرم القدسي "سيبقى منطقة إسرائيلية".
وامتدت انتفاضة الأقصى إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، وكانت قد بدأت بمواجهات بين المصلين وجنود الاحتلال، ارتقى على إثرها سبعة شهداء وأصيب 250 من الفلسطينيين و13 جنديا من جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وأشعل غضب الفلسطينيين شريط فيديو -التقطه مراسل قناة تلفزيونية فرنسية في 30 سبتمبر/أيلول 2000-يعرض مشاهد إعدام حية للطفل محمد الدرة (11 عاما) حين كان يحتمي بجوار أبيه ببرميل إسمنتي، في شارع صلاح الدين جنوب مدينة غزة.
ومقارنة بانتفاضة الحجارة، عُرفت انتفاضة الأقصى بكثرة المواجهات المسلحة بين المقاومة وجيش الاحتلال.
ويقدر عدد الشهداء الفلسطينيين في هذه الانتفاضة بقرابة 4412 شهيدا، و48322 جريحا ومصابا، مقابل مقتل 1069 إسرائيليا، من بينهم وزير السياحة في حكومة الاحتلال آنذاك رحبعام زئيفي، وإصابة 4500.
وفيما ساد في الانتفاضة الأولى سلاح الحجارة والزجاجات الحارقة، تجاوزت الفصائل الفلسطينية ذلك في انتفاضة الأقصى، إلى تطوير وصناعة أسلحة وصواريخ تمكنت من الوصول إلى مدن وبلدات محتلة سنة 1948م.
وقصفت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، مستوطنة سديروت، سابقا، في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2001 بصاروخ من صنع محلي.
ورغم عقد اتفاق في قمة شرم الشيخ، بين السلطة و(إسرائيل)، في فبراير/شباط 2005، فإن المواجهات بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي لم تتوقف في الضفة أو غزة.
الدهس والطعن
واندلعت مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2015 انتفاضة القدس؛ ردا على تصاعد جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، ومحاولة حكومة الاحتلال تنفيذ مخططاتها الرامية لتقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا.
وفي سياق الرد على جرائم الاحتلال، نفذ المواطن مهند حلبي في الثالث من الشهر ذاته، عملية طعن في البلدة القديمة بالقدس المحتلة أسفرت عن مقتل مستوطنيْن، وإصابة آخرين بجراح خطرة.
واستخدم الفلسطينيون في هذه الانتفاضة بشكل بارز، السكاكين، وعمليات الدهس والطعن ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي لا تزال تمعن في استخدام أسلحتها ضد الفلسطينيين وتنفذ عمليات قتل ميدانية بحقهم، عدا عن الاعتقالات، وهدم المنازل.
ونجحت احتجاجات شعبية فلسطينية واسعة بإزالة بوابات إلكترونية نصبتها قوات الاحتلال أمام بوابات المسجد الأقصى في يوليو/تموز الماضي.
ويرى مراقبون، أن المواجهات التي شهدتها مناطق مختلفة في فلسطين المحتلة، أمس، مع قوات الاحتلال، بداية لانتفاضة جديدة، إثر قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء الماضي بالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
وستكون الأيام والأسابيع المقبلة بإيضاح تطورات ووسائل هذه الانتفاضة.