كما هو معلوم أضحى القرار الصادر عن الجمعية العامة بتاريخ 29/11/1947م تحت رقم (181) المظلة القانونية الدولية لمستقبل فلسطين بعد انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين في 15/5/ 1948م، وأكثر من ذلك أصبح القرار الأساس القانوني الأول لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وتضمن القرار الفقرات التالية:
"إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، وإقامة دولتين عربية ويهودية، مع وجود اتحاد اقتصادي مشترك بينهما، وتحويل مدينة القدس بضواحيها إلى وحدة إقليمية ذات طابع دولي خاص".
وبناء على النص المذكور كان من المفترض أن تقسم فلسطين إلى ثلاثة أقسام: قسم تقام عليه دولة فلسطينية, وقسم تقام عليه دولة يهودية، والقسم الثالث يقام عليه كيان منفصل, يخضع لنظام دولي خاص, تتولى الأمم المتحدة إدارته, ويتألف هذا الكيان الخاص من مدينة القدس, التي تشمل حدودها: "بلدية القدس الحالية, مضافًا إليها القرى المجاورة، وأبعدها شرقًا أبو ديس، وأبعدها جنوبًا بيت لحم، وأبعدها غربًا عين كارم، وتشمل معها منطقة قالونيا، وأبعدها شمالًا شعفاط (علمًا بأن هذه المشتملات ضمت في خريطة ألحقت بقرار التقسيم 181).
مع العلم بأن هذا النظام الدولي أو ما يسمى بالأحرى تدويل القدس لم ير النور لمعارضته من البلدان العربية والكيان العبري له آنذاك, ولم ينفذ من قرار التقسيم المذكور إلا الجزء الخاص بإقامة الدولة اليهودية، وهي الدولة التي أقيمت على رقعة أكبر مما ورد في القرار، وضم الكيان عنوة القسم الأكبر من القدس (غربي القدس)، أما الدولة الفلسطينية فلم تتم، ووزعت بقية الأراضي الفلسطينية بين الأردن الذي ضم إليه الضفة الغربية وشرقي القدس (أي القدس التاريخية، داخل السور)، ومصر التي أصبحت مسؤولة عن إدارة قطاع غزة, وسوريا التي أصبحت مسؤولة عن منطقة ألحمة، وهكذا نشأ وضع قانوني, واقعي في المدة ما بين حربي 1948م و1967م، فقسمت السيطرة على مدينة القدس بين الكيان العبري والأردن، ولم يعد قرار التقسيم بخصوص القدس واردًا لدى أي من الفريقين العربي والإسرائيلي.
وفي 7/6/1967م احتل الكيان العبري مدينة القدس بكاملها، وفي شهر آب 1980م أقدم على ضم القدس المحتلة، وعدها عاصمته الموحدة.
وفي ضوء ما ذكر قرار التقسيم جعل القدس جزءًا من وحدة سياسية خاصة تحت وصاية الأمم المتحدة، ومنفصلة عن الدولتين المفترضتين العربية واليهودية، وعليه ليس للكيان العبري أي شرعية (على الصعيد الدولي) في سيطرته على الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967م والقدس, لا شرقيها ولا غربيها, وقرار الحكومة الإسرائيلية ضم شرقي القدس، وتطبيق القانون الإسرائيلي عليها، بعد احتلالها الضفة الغربية, وقطاع غزة سنة 1967م هو غير قانوني وغير معترف به على الصعيد الدولي.