لم يكف الخبراء يوما عن محاولة الكشف عن الاختلافات بين المرأة والرجل وقد حاولوا منذ زمن بعيد تحديد هذه الاختلافات وأسبابها العلمية وتوصلوا إلى أن تركيبة الدماغ هي التي تجعل لكل من الرجل والمرأة طريقته الخاصة في التفكير، وذلك للاختلاف في الجينات التي توجد في دماغ كل منهما والتي تعمل بطريقة مختلفة عند كليهما، وبدورها تحدد الاختلافات بين كل من نفسية الرجل ونفسية المرأة واحتياجاتهما.
وقد عكف العلماء على دراسة الاختلاف في التفكير بين الرجل والمرأة في محاولة لتوعية كل منهما لأسباب الصدامات التي تحدث بينهما والتي تعود في الغالب لأحادية التفكير, وتوقع التفهم الكامل لما يدور في رأس كل منهما من قبل الآخر, وبالتالي انتظار ردود أفعال قد لا تحدث أبدا, بسبب الفجوة الفكرية بينهما, وقد حاول العلم وضع حد للصدام الذي قد يظل قائما إلى أن يحث الشرخ، ويساعد الرجل والمرأة لبناء جسور للوصول لعقل الآخر ومحاولة فهم ما يدور فيه وتلبية احتياجاته النفسية والعاطفية.
المرأة لا تنسى ما يحدث من شجار
لطالما تساءل الرجل عند حدوث أي خلاف بينه وبين زوجته عن سر استدعائها لكل المواقف السلبية السابقة التي حدثت بينهما والتي قد يكون نسيها وأسقطها من ذاكرته, ولا يجد مبرر لإقحامها للقصص القديمة فيما يحدث حديثا بينهما, والتفسير أن عقل المرأة يميل إلى الإحساس وتذكر المشاعر القوية الأثر أكثر من ميل عقل الرجل إلى ذلك.
فعملية اختبار المشاعر وتحويلها إلى ذاكرة هي عملية محكمة في عقل المرأة, فيما أن استجابتها العصبية أكثر إحكاما. ورغم أن العلماء لم يتوصلوا بعد إلى تحديد الأساس العصبي لهذا الاختلاف، إلا أن الدراسات قد أظهرت أن النساء يتمتعن بذاكرة أقوى وأكثر نشاطا من حيث المشاعر والعاطفة, أكثر من ذاكرة الرجال.
فمقارنة بالرجال, تستطيع المرأة استدعاء ذكريات أكثر بسرعة أكبر, وذكرياتها أكثر ثراء وأكثر تركيزا . وعندما تتعرض المرأة للضغوط, فإن عقلها يفيض بهذه الذكريات.
نختلف في استدعاء الذكريات
مثلما تستطيع المرأة أن تتذكر المشاعر السلبية, فإن لديها قدرة أعظم على تذكر كل الأشياء الجميلة متى انخفضت حدة الضغوط, فبينما ينسى الرجل إنجازاته فإن استجابات المرأة العاطفية تذكره بأنه قد أحدث فارقا في حياتها بالفعل وهو ما يجعل الرجل ينجذب نحوها.
ويخيب ظن المرأة كثيرا عندما تتوقع من الرجل إظهار مشاعره بنفس الدرجة والدقة التي تظهرها هي, فيما يتعلق بعلاقة الشريك بالآخر من حيث استرجاع الذكريات الجميلة التي أحدثت فوارق في حياتهما, وعندما تدرك أن الاختلاف في إظهار المشاعر بينها وبين الشريك يعود للاختلاف في عمل المخ لديهما يصبح سهل بالنسبة لها أن تعدل توقعاتها حتى تصبح واقعية, وبدلا من الإحساس بالجرح والغضب فإنها ستتفهم حقيقة الاختلاف في طبيعة التذكر بينها وبين زوجها.
بإمكاننا خلق الانسجام
أكبر الأخطاء الفكرية التي يرتكبها الشريكان هي توقع التشابه بينهما في التفكير وردود الفعل والاستجابات وهنا يجب أن يسلم كل منهما بطبيعة الاختلاف الفسيولوجي بينهما, والتي تؤدي للاختلاف في التفكير والتوجه وردة الفعل, وغيرها من الوظائف العقلية.
وعند إدراك هذا الاختلاف سيكون لديهما القدرة على تفسير سلوكيات الشريك في ضوء المعرفة بالاختلاف, وهذا سيحررهما من التوقعات غير الواقعية في كون الشريك يفكر ويشعر ويتصرف كما يفعل الشريك الآخر وانطلاقا من الوعي بحقيقة الاختلاف يستطيع كل شريك خلق الانسجام مع الآخر ومساعدته على الحد من مستويات الضغوط التي يتعرضان لها, وبدلا من الصدام للحصول على المزيد من الشريك, يبذلان جهدا أكبر لتلبية احتياجاتهما الذاتية ومن ثم تصبح لديهما القدرة لمنح الكثير للآخر بعد فهم احتياجاته.
لكل منا احتياجاته
يعتبر تقلب المزاج والشعور لدى المرأة من الأمور الفطرية التي تتبع التغيرات الهرمونية والفسيولوجية لديها ومن أكبر الأخطاء التي يقع فيها الرجل محاولة منع المرأة من تقلبات المشاعر والمزاج.
وبينما تكون المرأة بحاجة للتفهم والرعاية في تقلباتها المزاجية والشعورية نجد الرجل بدلا من محاولة فهمها والتخفيف عنها, يهاجمها أو يبتعد عنها لعدم فهمه لاحتياجاتها, أو قد يقدم لها الحب والعاطفة على الطريقة التي يفضلها هو, لا على الطريقة التي تفضلها هي دون الانتباه أن لكل منهما طريقته في استقبال الاهتمام والعاطف.
فالرجل يحتاج إلى الحب الذي يحمل معه الثقة به وقبوله كما هو والحب الذي يعبر عن تقدير جهوده وما يقدمه، بينما تحتاج المرأة إلى الحب الذي يحمل معه رعايتها والاستماع لها واحترام وتقدير وتفهم مشاعرها. ومن المهم أن يفهم كل من الرجل والمرأة كيف يحسب كل منهما النقاط للآخر ويحاول كل منهما زيادة نقاطه عند الآخر.