فلسطين أون لاين

​موظفو غزة وأطفالهم وأسرهم في انتظار "عين الرحمة"

...
غزة - نبيل سنونو

تهطل على قطاع غزة "أمطار سياسية" قادمة من القاهرة تارة، وتهدأ تارة أخرى فيما يتعلق باجتماعات المصالحة الفلسطينية، بينما موظفو غزة يتساءلون مطولا عما إذا كانوا سيحصلون على رواتبهم وحقوقهم قريبًا، لسد حاجات أسرهم وأطفالهم.

"الوضع المعيشي والإنساني صعب جدا، ايش بدي أحكيلك..؟"، يقول الموظف محمد النونو الذي قطعت السلطة الفلسطينية راتبه لاستمراره في عمله عقب أحداث الانقسام.

ومع أن اتفاق المصالحة الموقع بين حركتي حماس وفتح في القاهرة في 12 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ينص على أن "تقوم الحكومة على استمرار استلام الموظفين (موظفي القطاع) لرواتبهم التي تدفع لهم حاليا خلال عمل اللجنة (القانونية/الإدارية) اعتبارا من راتب شهر نوفمبر 2017"، فإن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد، قال في تصريحات إذاعية سابقة، إن صرف رواتب موظفي غزة "مرتبط بتمكين الحكومة من عملها"، رغم أن حكومة رامي الحمد الله تسلمت وزارات ومعابر القطاع فعليا.

ويضيف النونو لصحيفة "فلسطين"، أن "المعاناة مستمرة، وزادت هذا الشهر لتأخر صرف الدفعة"، مؤكدا أن من واجب الحكومة صرف راتب الموظفين الذين هم على رأس عملهم، لأنهم يقدمون خدمات للمواطنين، ضمن العمل الحكومي.

ويطرح كلام الأحمد تساؤلات عن نوايا الحكومة تجاه موظفي غزة الذين عينتهم الحكومة الفلسطينية السابقة برئاسة إسماعيل هنية في القطاع.

وترفض حكومة الحمد الله صرف رواتب هؤلاء الموظفين منذ تشكيلها سنة 2014.

ظروف غير عادية

"الموظف دائما يعمل لخدمة المواطن في كل وقت وبجميع ظروفه"، والكلام هذه المرة للمكلف بمدير عام البريد في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات رياض عودة.

ويقول لصحيفة "فلسطين": "نتمنى أن تحاول الأحزاب والحركات قدر المستطاع أن تنظر بعين الرحمة للموظف (في غزة) الذي يقدم أفضل خدمة للجمهور ولا يبخل سواء أكان شرطيا أم مدرسا أم غير ذلك".

ويشير عودة إلى أن كل موظف يعيل أسرة بما فيها من الأطفال، ويزيد عدد أفراد الأسر في المجمع الفلسطيني نظرا لطبيعتها الممتدة، ويتحمل كل موظف المسؤولية عنها من معيشة وتعليم سواء للمدارس أو الجامعات.

ووفقا لعودة، اضطر كثير من الموظفين للاستدانة من المحلات التجارية، "فهم يعيشون في ظروف لا يستطيعون معها أن يعالجوا أولادهم أو يعلموهم. إنها ظروف صعبة جدا وبالكاد يسيرون أمور حياتهم، هذه أصبحت معضلة جديدة".

ويوضح أن موظفي غزة يتلقون نسبا من رواتبهم بشكل "غير منتظم"، تقل عن 50% وفي أحسن الظروف تصل لـ50%، مردفا: "حتى لو استلمنا 100% لن يلبي حاجات الموظف لأن عليه ديونا كثيرة جدا وهو لا يستطيع أن يوفر أدنى أساسيات الحياة الكريمة لأسرته ولنفسه".

ويعرب عن خشيته من تأخر صرف نسب من رواتب موظفي غزة، في ظل تصريحات السلطة المتكررة حول "التمكين"، متسائلا عن مقصد الأخيرة من ذلك.

وكانت السلطة قطعت راتب عودة لاستمراره في عمله عقب أحداث الانقسام سنة 2007.

ورغم الأزمات المالية التي يعاني منها، يقول عودة: "في أصعب الظروف، لن نبخل عن خدمة مواطنينا وأهلنا في قطاع غزة الذين قدموا الكثير من الصمود، وسنواصل خدمة المجتمع".

دمج الموظفين

ويعبر الموظف خالد الناجي أيضًا عن أمله في حل الأزمة القائمة عبر دمج الموظفين، والتغلب على العقبات التي تواجه المصالحة.

ويُذكِّر الناجي في تصريحات لصحيفة "فلسطين"، بأن الموظفين في غزة يخدمون أبناء شعبهم الفلسطيني في القطاع منذ أكثر من 10 سنوات، في المؤسسات والوزارات الحكومية، لافتا إلى أن هؤلاء الموظفين "ليسوا محسوبين على تيار أو تنظيم معين".

ويصف الأوضاع المعيشية للموظفين بأنها "صعبة"، مبينا أن ما يتلقونه من المال "بالكاد يكفي، وأحيانا لا يكفي"، في ظل الالتزامات الملقاة على عاتقهم.

وكان نقيب موظفي القطاع العام في غزة يعقوب الغندور، قال في تصريح سابق لصحيفة "فلسطين"، إن قرابة 45 ألف موظف في غزة، عينتهم الحكومة السابقة برئاسة إسماعيل هنية، يقومون بأداء مهامهم وتقديم الخدمة منذ أكثر من عقد، وارتقى منهم المئات شهداء وجرحى خلال الحروب العدوانية الثلاث الأخيرة التي شنتها قوات الاحتلال على القطاع بين عامي 2008 و2014.

ويشار إلى أن السلطة فرضت إجراءات وصفتها بأنها "غير مسبوقة" على قطاع غزة، طالت مناحي إنسانية مختلفة، منها الكهرباء، وخصم ما يتراوح بين 30% و70% من رواتب موظفيها في القطاع دون الضفة الغربية، منذ مارس/آذار الماضي.

ولا تزال أنظار موظفي غزة ومعهم أطفالهم وأسرهم تتطلع إلى حل ينصفهم، معربين عن أملهم في أن يكون ذلك قريبا.