كلنا نخطئ
إن البشر بطبيعتهم معرضون للخطأ والنسيان والتقصير, وهذا بحد ذاته ليس عيباً أو انتقاصاً من شخصية المخطئ, بل الأسوأ هو التمادي وعدم الاعتذار.
تتفاوت القدرة لدينا للاعتراف بالخطأ، فالقليل منا من يجد لديه الشجاعة للاعتذار, والبعض يتعثر في طريق الاعتذار أو قد يضل الطريق, والكثير منا يفتقر لثقافة الاعتذار.
الاعتذار ثقافة
للاعتذار منابع كثيرة كالدين والعرف والتقاليد, وهذا الأمر لا يترك للمصادفة, بحيث إن فقدت هذه المنابع لا بد أن يخلق كل منا ثقافة الاعتذار في شخصيته, ويعلمها لأبنائه ولمن حوله، ويفتخر بهذه الثقافة الجميلة, لأنها مفتاح الحياة الصحية.
فمن الحكمة التسليم بأننا معرضون للخطأ في كل وقت وجميع المواقف وأن الإنسان لولا أنه خطاء لما كان هناك حساب وثواب, ولكي نبدأ في غرس هذه الصفة علينا بأن نبدأ بأنفسنا، فلنعتذر إن بدر منا خطأ, سواء بقصد أو بغير قصد, ولنعتذر من الكبير احتراماً ومن الصغير ليقتدي بنا.
الاعتذار ليس ضعفاً
يعتبر الاعتذار طلباً أساسياً لدوام أي علاقة زوجية، وكثير من الرجال والنساء لا يدرك هذه الحقيقة، والكثير من الرجال اعتادوا أن يترفعوا عن الاعتذار حين يخطئ أحدهم في حق زوجته, كما لو أن الاعتذار ينتقص من رجولته وهيبته, وحتى لو أدرك أنه مخطئ, إلا أنه يكابر ولا يستطيع النطق بكلمات الاعتذار حفاظاً على رجولته المزعومة.
والأصل في الاعتذار القوة وليس الضعف، إذ أن الإنكار من شيم الضعفاء، والمصارحة والمواجهة من شيم الأقوياء. فالذي يستطيع أن يواجه نفسه بالخطأ والاعتراف به وتقديم الاعتذار هو الرجل الأقوى والأكثر حكمة ونضجاً.
يختلف الاعتذار حسب الجنس
يجب أن يدرك كل من الرجل والمرأة الاختلاف بينهما في تقديم الاعتذار ويتقبله, فقد يعتذر الرجل من خلال العلاقة الجنسية التي يظن أنها ترضي الزوجة وتمحو أي خلافات وقعت أو أخطاء ارتكبت, ولذلك يجب ألا تستغرب الزوجة الأمر, أو تشعر بالإهانة من هذه الطريقة فهي طريقة تتبادر لذهن الرجل تلقائيا.
وهنالك طرق أخرى يستخدمها الرجل للاعتذار فمثلا يعتذر بالتعامل بشكل عادي مع زيادة جرعة الاهتمام. أو بتقديم هدية دون الاعتذار المباشر، وهذه طرق قد ترفضها الزوجة وتتمسك بالاعتذار المباشر الذي يحتاج إلى تفاهم فيما بينهما ليقدمه الزوج حال الخطأ لحل المشكلات وعود الصفاء للعلاقة.
أما المرأة فهي أذكى من الرجل في فهمها للشريك, فهي تعلم جيدا الطريقة المناسبة التي تقدم الاعتذار من خلالها لزوجها وتسعى لاسترضائه من خلالها, لأنها لا تحتمل الغضب والعصبية والمقاطعة, أو لأنها نشأت على أنها الطرف الأضعف الذي عليه احتمال الخطأ والتجاوز عن عدم تقديم الاعتذار والتنازل لتستمر الحياة.
إياكم والمقاطعة بدل الاعتذار
يلجأ الكثير منا لمقاطعة الشريك بعد حدوث أي خلاف أو شجار تجنباً للمواجهة والاعتراف بالخطأ وتقديم الاعتذار، فينحى كل منا بجانبه ويقاطع الآخر وقد تمتد المقاطعة لأسابيع حيث ينتظر كل طرف المبادرة من قبل الآخر لحل الخلاف دون عتاب أو مراجعة أو محاسبة.
والرجل في هذه الحالة يسجل النسب الأكبر في المقاطعة لأنه نفسياً إذا غضب من زوجته أو أغضبها ينسحب إلى داخل أفكاره ولا يستطيع التفكير بوضوح حيث تدور أفكاره في دوائر مفرغة, وهنا على الزوجة الذكية أن تقترب منه وتحاوره بهدوء ولين للتوصل إلى إدراك الخطأ وتفاديه، وفي الغالب هذه النوعية من الرجال تحتاج دعم دائم من قبل الزوجة عند حدوث الخطأ وإلا فالعلاقة الزوجية مهددة بالفشل أو الانتهاء.
تقبلوا الاعتذار
إن أسوأ ما يواجه الاعتذار الذي يقدمه أي منا هو الرفض أو الصد, وهنا يصاب الشخص الذي جاهد نفسه ليقدم الاعتذار ويطلب الصفح بالإحباط, وقد يتخلى عن هذه القيمة تدريجياً بفقدان نتاجها المتوقع.
وهنا أهمس في أذن الجميع: تقبلوا الاعتذار أيا كانت طريقته, مباشرة أو غير مباشرة, معنوية أو مادية, لأن جميع الطرق التي يقدم من خلالها الاعتذار إنما هي إعلان مبطن لقيمتنا وأهميتنا عند الآخر, ولولا المحبة وطلب الوصل ما كان الاعتذار بكل أشكاله.