رغم اتفاق المصالحة الأخير بين حركتي فتح وحماس، والذي بموجبه التأمت الفصائل في العاصمة المصرية القاهرة، أمس، في جولة حوار جديدة تستمر حتى يوم غدً الخميس، ما زال ملف الحريات عرضة للانتهاكات عبر استمرار الاعتقالات السياسية.
وتنص اتفاقيات المصالحة الموقعة من الفصائل الفلسطينية، وعددها 13، على ضرورة معالجة ملف الاعتقالات السياسية، وإنهائه بإشراف مصري ومؤسسات حقوقية.
وقال نائب رئيس لجنة الحريات في الضفة الغربية المحتلة خليل عساف: "هناك معاناة كبيرة من هذا الملف الأسود، المسيء منذ فترة طويلة للشعب الفلسطيني على مدار السنوات العشر الماضية، في ظل وجود احتلال يمارس جرائم يومية بحق الشعب الفلسطيني، وبالتالي لا يعقل أن يتم اعتقال نفس الأشخاص الذي اعتقلوا عند السلطة، والعكس".
وأضاف لصحيفة "فلسطين": إن الاعتداء على الحريات "أمر مزعج ومؤذٍ، ويمثل اعتداء على القانون وكرامة المواطن، واعتداء أيضًا على مفهوم المقاومة والقيم المجتمعية الفلسطينية التي نتفاخر بها".
وتمنى عساف "احترام القانون بشكل دائم، وعدم الاعتداء عليه، ووقف والاعتداء على الحريات، وفي الأصل أن يكون هناك حكومة وسلطة واحدة، وقانون واحد".
أمن مواطن أم أمن سياسي؟
وتابع عساف: "نريد قانون وأمن قويين، بأساليب وطرق قانونية"، متسائلاً "إذا كان أحد ما متهمًا بمخالفة القانون، فلماذا لا يتم اعتقاله من طرف جهاز الشرطة والمباحث الجنائية، وتقديمه للنيابة وفق قانون الاجراءات الجزائية الفلسطيني؟! لماذا يعتقل المواطن مرة من المخابرات وأخرى من الوقائي؟!".
وأوضح نائب رئيس لجنة الحريات في الضفة الغربية المحتلة، أن أجهزة أمن السلطة يقع على عاتقها "عمل آخر، فهناك استحقاقات أمنية يجب أن تقوم بها كمقاومة الجريمة والتجسس والعملاء والمخدرات والظواهر السلبية في المجتمع الفلسطيني".
وقال: الاعتقالات السياسية في الضفة الغربية "هدفها ليس الأمن"، فمن يقوم بها بعد توقيع الاتفاقيات على إثر انتظار طويل من الشعب الفلسطيني "يريد تعكير فرحة الوحدة، وتخريب الأجواء ومحاولة تخريب الوصول إلى وحدة وطنية".
وشدد عساف، على ضرورة وقف هذه الاعتقالات، وفضح كل الممارسات المتعلقة بالاعتقالات السياسية، والأشخاص الذين يقومون بها، وهذا شيء مخرب.
واعتبر استمرار الاعتقالات السياسية "صاعق التفجير أمام كل اتفاق"، آملاً أن يتم تفويت الفرصة على كل من يحاول تخريب مساعي تحقيق الوحدة الوطنية.
وأردف: "سئمنا الانقسام لأنه أثبت بكل تأكيد أنه محالف ومساعد للمستوطنين، ونهب الأراضي الفلسطينية، وعمليات التطهير العرقي التي حدثت في القدس والأغوار، وحصار قطاع والعدوان عليه، ولم يستفد منه إلا بعض الأشخاص والاحتلال".
وخاطب المجتمعين في القاهرة؛ "يجب أن تعودوا متفقين على كل شيء، وإن لم تعودوا فأنتم لستم أهلاً لقيادة الشعب الفلسطيني" وفق تعبيره.
جريمة قانونية
من جهته، قال الحقوقي صلاح عبد العاطي "نأمل من حوارات القاهرة أن تعالج ملف الحريات العامة إلى جوار ملفات الشراكة السياسية، وكافة الملفات الأخرى، لضمان التوقف عن انتهاك حقوق الإنسان أو ممارسة أي عمليات اعتقال على خلفية سياسية، أو أي مساس بالحقوق الشخصية والعامة".
وأضاف عبد العاطي لـ"فلسطين": "ينبغي على الجميع تحمل مسؤولياته تجاه وقف الممارسات الأمنية وخاصة الاعتقالات السياسية التي تجري حاليًا في الضفة الغربية حتى ما بعد تطبيق اتفاق القاهرة الجديد".
وعدّ هذه الانتهاكات "جريمة بنظر القانون الأساسي الفلسطيني لا تسقط عنها الدعاوى الجنائية والمدنية الناجمة عنها بالتقادم".
ودعا عبد العاطي، الكل ليتحمل مسؤولياته بضمان وقف الاعتقالات السياسية "حتى لو لم يجرِ إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، المطلوب التوقف من قِبل أي حكومة عن انتهاكات حقوق الإنسان".
وأشار الحقوقي، إلى أن ملف الحريات واحد من خمسة ملفات من المقرر مناقشتها في جولة حوار الفصائل في القاهرة "والمأمول من الفصائل إدانة كل الانتهاكات والعقوبات الجماعية المفروضة على قطاع غزة والتوقف عنها".
وحث عبد العاطي، الفصائل على المطالبة بوقف أي انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تقع على واقع الحريات في الضفة الغربية أو قطاع غزة، ومعالجة نتائج الانتهاكات السابقة وفق منهجية العدالة الانتقالية سواء بالتعويض أو بوقف هذه الانتهاكات، وبضمان تعزيز مبدأ سيادة القانون بما يكفل للحقوق والحريات.