كشفت تقارير رسمية أعدّها ممثلو النيابة العسكرية الإسرائيلية، استنادًا إلى زيارات ميدانية لسجون الاحتلال خلال عام 2024، عن حرمان أسرى فلسطينيين من الوصول المنتظم إلى مياه الشرب، أحيانًا لساعات طويلة وصلت إلى نصف يوم، في إطار "العقاب الجماعي" خلال فترة الحرب.
وجاء الكشف بعد أن سلّمت وزارة القضاء الإسرائيلية ستة تقارير إلى جمعية حقوق المواطن، عقب التماس قدّمته الأخيرة إلى المحكمة المركزية في القدس للمطالبة بنشرها، بعدما امتنعت سابقًا عن تسليمها بذريعة أن نشرها قد "يمسّ بأمن الدولة".
وبحسب التقارير، استندت المعطيات إلى ثلاث زيارات أجراها ممثلو النيابة العسكرية إلى سجن كتسيعوت في النقب، خلال أشهر أيار/مايو، حزيران/يونيو وأيلول/سبتمبر 2024. وأظهرت نتائج الزيارتين الأوليين فرض قيود على الوصول إلى المياه في بعض الأقسام، بما يمنع توفير مياه شرب متواصلة خلال جزء من ساعات اليوم.
ونقل أحد التقارير عن إفادات أسرى أن منع المياه نُفّذ "من حين لآخر كجزء من عقاب جماعي"، وفي أقسام أخرى جرى كإجراء ثابت لنحو نصف ساعات اليوم، فيما أشار التقرير الأخير إلى تقليص هذه السياسة قبيل زيارة أيلول/سبتمبر.
في المقابل، نفت مصلحة السجون الإسرائيلية ما ورد في التقارير، وادّعت أن الأسرى يحصلون على احتياجاتهم الأساسية وأن الجهاز يعمل "وفق القانون".
وتأتي هذه المعطيات في سياق تشديد غير مسبوق لظروف اعتقال الأسرى الفلسطينيين منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، ضمن سياسة عقابية شاملة طالت أسرى من غزة والضفة الغربية وأراضي الـ48، بناءً على توجيهات وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير.
وكانت تقارير سابقة للنيابة العسكرية الإسرائيلية قد وثّقت حالات جوع حاد بين الأسرى خلال الحرب، شملت فقدان وزن شديد، ضعفًا جسديًا وحالات إغماء، إضافة إلى احتجاز نحو 90% منهم في مساحات تقل عن ثلاثة أمتار مربعة، وحرمان آلاف الأسرى من الأسرّة، إلى جانب بلاغات عن عنف من السجّانين وحرمان من الرعاية الصحية ومن الوصول إلى المحاكم.
وفي أيلول/سبتمبر الماضي، أقرت المحكمة الإسرائيلية العليا بوجود مؤشرات على خرق مصلحة السجون لواجبها في توفير الحد الأدنى من ظروف المعيشة الأساسية للأسرى، وألزمت الدولة بتصحيح الوضع، غير أن تقارير صحفية لاحقة أكدت أن "شيئًا لم يتغيّر".
وفي السياق، أفادت مؤسسات حقوقية فلسطينية بتسجيل نحو 7 آلاف حالة اعتقال خلال عام 2025، واستشهاد 32 أسيرًا فلسطينيًا داخل سجون الاحتلال خلال العام نفسه، وفق تقرير مشترك لنادي الأسير الفلسطيني ومؤسسة الضمير وهيئة شؤون الأسرى، مشيرة إلى أن عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ بدء الحرب بلغ 100 أسير، معظمهم نتيجة التعذيب والإهمال الطبي.

