تزداد في قطاع غزة شكاوى المواطنين من عمليات احتيال إلكتروني وسحب غير مشروع من حساباتهم البنكية، وسط غياب واضح للاستجابة من سلطة النقد وإدارات بعض البنوك، على الرغم من تكرار تواصل المتضررين معها.
وتعرّض المواطنان مهند عويضة ومحمد السلوت لعمليات احتيال إلكتروني أدت إلى سحب مبالغ مالية من حساباتهما البنكية عبر التطبيقات المصرفية، دون إذن سابق، إذ تفاجأ كلاهما بسحب أموال في أوقات متفرقة، دون أن تصدر عنهما أي معاملات مالية.
وعلى الرغم من تقديم شكاوى موثقة إلى البنك المعني وسلطة النقد، لم تُتخذ أي إجراءات فعلية لمعالجة الخلل أو إعادة الأموال، ما دفع المتضررين إلى نشر تفاصيل الحادثتين والمطالبة بفتح تحقيق رسمي، في ما يعتبرونه إهمالًا جسيمًا في حماية بيانات العملاء وأموالهم.

ويؤكد مختصون أن البنية التحتية للأمن الإلكتروني في بعض التطبيقات البنكية الفلسطينية ما تزال دون المستوى المطلوب، في ظل غياب رقابة حقيقية على الإجراءات الوقائية، الأمر الذي يجعل حسابات المواطنين عرضة للاختراق والاحتيال.
ويقول عويضة لصحيفة “فلسطين”: “تفاجأت بسحب المبلغ المالي الموجود في حسابي البنكي عبر رقم هاتف تبيّن، بعد البحث عنه باستخدام تطبيق (Truecaller)، أنه مسجّل في رام الله بالضفة الغربية المحتلة”.
ويضيف: “تم سحب مبلغ 1400 شيكل من حسابي دون أي موافقة مني، أو تقديمي أي بيانات بنكية لأي جهة، سواء عبر الاتصالات الهاتفية أو مواقع التواصل الاجتماعي. فجميع بياناتي محفوظة لدى إدارة البنك الذي أتعامل معه”.
وأوضح أنه قدّم شكوى إلكترونية مكتوبة إلى إدارة البنك، شرح فيها تفاصيل ما حدث، وطالب بإعادة المبلغ المسحوب، باعتبار أن الجهة الوحيدة التي تمتلك بياناته البنكية هي البنك وموظفوه.
ولفت إلى أنه تقدّم كذلك بشكوى إلى سلطة النقد عبر موقعها الإلكتروني، بوصفها الجهة الرسمية المخوّلة بحماية حقوق عملاء البنوك والودائع، إلا أنه لم يتلقَّ أي رد، رغم مرور أكثر من أسبوعين على تقديم الشكوى.
بدوره، تعرّض المواطن محمد السلوت لعملية احتيال مماثلة، تمثّلت في سحب كامل المبلغ المالي من حسابه البنكي عبر رقم هاتف وحساب مجهولين.
ويقول السلوت لـ“فلسطين”: “أُصبت بصدمة شديدة لم أفق منها حتى الآن، بعدما دخلت إلى التطبيق البنكي ولم أجد أي شيكل في حسابي، ليتبيّن أن شخصًا ما سحب المبلغ بالكامل”.
ويضيف: “تواصلت فورًا مع البنك عبر الهاتف وأبلغتهم بتعرّضي لعملية احتيال، وحمّلتهم المسؤولية، فجاء ردهم بضرورة تقديم شكوى عبر الموقع الإلكتروني للبنك، والتوجّه لتقديم بلاغ لدى أقرب مركز شرطة”.
وأوضح أنه تقدّم ببلاغ رسمي إلى الشرطة، إضافة إلى شكوى لدى سلطة النقد عبر موقعها الإلكتروني، مشددًا على أن سلطة النقد مطالَبة بوضع حد لتجاوزات البنوك وعمليات الاحتيال المتكررة، ومراجعة إجراءات الموظفين والتحقق من التزامهم بمعايير الحماية.
من جهتها، أكدت المباحث الفنية في الشرطة أن قضايا النصب والاحتيال الإلكتروني تشهد ارتفاعًا ملحوظًا خلال الفترة الأخيرة، في ظل استغلال المحتالين حاجة المواطنين للخدمات البنكية وضعف الوعي الرقمي لدى بعض المستخدمين.
وأوضح رئيس قسم الأنظمة المالية في الدائرة الرقمية بالمباحث الفنية، في تصريح له، أن الاحتيال الإلكتروني بات من أكثر القضايا شيوعًا، لا سيما خلال فترة العدوان على قطاع غزة، مشيرًا إلى أن المحتالين يطوّرون أساليبهم باستمرار للوصول إلى حسابات المواطنين البنكية وسرقة أموالهم.
وبيّن أن من أبرز أساليب الاحتيال إنشاء صفحات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة “فيسبوك”، تنتحل أسماء البنوك، وتروّج لما تسميه “خدمات غير رسمية”، مثل تفعيل الحساب البنكي دون الحاجة إلى الإنترنت، أو تشغيل التطبيق البنكي على أكثر من جهاز، أو توفير سيولة مالية مقابل “صفر عمولة”.
وأشار إلى أن أخطر مراحل الاحتيال تتمثّل في طلب ما يُعرف بـ“رمز التفعيل”، إذ يعمد المحتال إلى مطالبة الضحية بإغلاق الهاتف أو حذف التطبيق البنكي، ثم إرسال رمز التفعيل الذي يصل من البنك، محذرًا من أن مشاركة هذا الرمز تمنح المحتال سيطرة كاملة على الحساب البنكي.

