في 7 نوفمبر/ تشرين ثاني الجاري أعلن الأسير باجس نخلة 52 عاماً خوض إضراب مفتوح عن الطعام، في سجن "عتصيون" احتجاجا على توقيفه واعتقاله دون تهمة مطلع نوفمبر ذاته، لينتهي الإضراب قبل يومين بالاتفاق على نقله إلى سجن "عوفر" الذي يتواجد فيه نجله "معروف" 26 عاماً والمحكوم كذلك إداريا، ليدخل الأسير نخلة مرحلة جديدة في حياته في سجون الاحتلال.
خلف قضبان الاحتلال قاتمة السواد والظلمة والظلم كذلك، حيث لا شعاع ينير الحرية هناك سوى سنوات من الأسر تنهش عمر الأسير الفلسطيني دون تهمة أو سبب إلا رفضه وجود الاحتلال على أرض فلسطين، كتب الأسير قصة من سنوات عمره مع سجون الاحتلال التي أمضى فيها حتى الآن نحو 20 عاما.
الأسير نخلة من مواليد 13 مايو/ أيار 1964، ولد في مخيم "الجلزون" في رام الله، يحمل شهادة بكالوريوس شريعة وقانون من جامعة القدس "أبو ديس"، تزوج عام 1988م، ويعد نخلة من القيادات البارزة في حركة حماس بالضفة الغربية، وأحد مبعدي مرج الزهور، وسبق أن تعرض للاعتقال في سجون الاحتلال عدة مرات أمضى خلالها أكثر من 20 عاما منها (10 سنوات) في الاعتقال الإداري، ونحو 3 سنوات في العزل الانفرادي.
ملاحقة الأبناء
وتروي زوجته نعمة نخلة 43 عاما لصحيفة "فلسطين": "اعتقل الاحتلال زوجي في ذات العام الذي تزوجنا فيه عام 1988م، لمدة ستة شهور إدارياً وهذا أول اعتقال له، ثم بدأت الاعتقالات تتوالى حتى اليوم".
ولدى نخلة خمسة أبناء وهم فارس 29 عاماً، ومعروف 26 عاماً، وايمان 24 عاماً، وسجى 21 عاماً، ومحمد 17 عاماً.
لم تقف حدود المعاناة والملاحقة من قبل الاحتلال عند حد اعتقال رب الأسرة، بل طال الاعتقال الابن البكر فارس عام 2007 وكان يبلغ من العمر حينها 19 عاما، وسجن لمدة أربعة سنوات ونصف، ثم نال الاعتقال من الابن الثاني معروف عام 2009 وسجن لمدة ثلاثة أعوام، ولكنه أعاد اعتقاله منذ عامين ولا يزال أسيراً في سجن عوفر.
"إذا، لقد كان السجن هو المكان الوحيد والفرصة الوحيدة التي استطاع بها فارس ومعروف الالتقاء بوالدهم والجلوس معه والتعرف عليه أكثر فأكثر، بينما يجلس بقية الأبناء مع آبائهم في أجمل الأماكن" تقول زوجة الأسير.
واعتقل الاحتلال باجس نخلة في مارس/ آذار 2016، وسبقه ذلك أمر أعتقل لمدة ثلاث سنوات في يناير/ كانون ثاني 2013م، أفرج عنه في 31 أغسطس/ آب الماضي، وعن ذلك تقول زوجته: "كان يخرج فقط لعدة أشهر بين كل اعتقال، ثم يعيد الاحتلال اعتقاله، ومع كل إفراج واعتقال حكاية ومعاناة وظلم وقهر نعاني منه، ولكن بعد الإفراج الأخير عنه، قرر أن يزوج نجله البكر فارس".
تنغيص فرحته
الثاني من نوفمبر الجاري، أقام نخلة مراسم زفاف لنجله شاركه فيها القريب والبعيد تصف زوجته تلك المراسم بالمهرجان نظرا لحب وتقدير الكثيرين لزوجها الذي أفنى عمره في التضحية من أجل القضية الفلسطينية، ولكن حتى هنا الاحتلال أراد أن ينغص فرحته حينما اتصل عليه أحد الضباط الإسرائيليين متهكماً بالقول: "نريد أن نزورك لنبارك لك زواج ابنك"، قاصدا بذلك الاعتقال وما أن مرت ثلاثة أيام على زفاف نجله أعاد الاحتلال اعتقاله مرة أخرى.
بين الاعتقال الإداري والأسير نخلة حكاية نسجت في سجلات ظلم الاحتلال، وتكمل الزوجة نخلة: "لقد منعني الاحتلال من زيارة زوجي منذ 15 عاما، وكذلك من زيارة نجلي".
وأضافت: "لم أعش مناسبة سواء بنجاح أبنائي في دراستهم، أو بزواجهم إلا وزوجي داخل سجون الاحتلال، حتى لم يسمح له الاحتلال بحضور مراسم وفاة والده (..) افتقده أولاده في الصغر واليوم يفتقده أحفاده".
صفات الأسير، والكلام لزوجته، هي الهدوء والتواضع والصبر على ظلم الاحتلال وجبروته، وتختم: "ما زلنا صابرين على هذه المعاناة، بمعنويات عالية نستمدها من زوجي، الذي ظلمه الاحتلال كثيرا ويريد أن يرتاح من هذا التعب وأن يفرح بأولاده".
وخاض مؤخرا ثلاثة أسرى إضرابا مفتوحا عن الطعام، وهم الأسير حسن شوكة الذي علق إضرابه في 14 نوفمبر الجاري بعد اضرابه الذي استمر 35 يومًا، وباجس نخلة الذي علق إضرابه قبل يومين بعد إضراب لمدة 10 أيام، احتجاجا على ظروف اعتقالهم، واعتقالهم الاداري، فيما يواصل الأسير حمزة بوزية إضرابه منذ 28 يوما.