فلسطين أون لاين

#رسالة_قرآنية_من_محرقة_غزة

﴿وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ﴾ النساء 104

في قلب التاريخ، هناك أيام تُكتب بالحبر الأسود على صفحات الإنسانية…

وأخرى تتوهج كالشمس في ذاكرة الشعوب، كعلامات فارقة تغيّر مجرى التاريخ.

السابع من أكتوبر 2023…

يوم انقلبت فيه معادلات الصراع الفلسطيني–الصهيوني…

يوم بدأت غزة تعيد تعريف القوة… الردع… والوعي العالمي.

﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران:139]

طوفان الأقصى لم يكن مجرد هجوم عسكري…

بل كان زلزالًا رمزيًا ومعنويًا هزّ كيانًا ظنّ أنه لا يُقهر.

كشف هشاشة منظومته الأمنية…

وكسر أسطورة القوة الصلبة…

وأعاد رسم قواعد الاشتباك.

اليوم، الردع لم يعد حكراً على القوة التقليدية…

بل امتداد لإرادة الشعب الفلسطيني… وصوت الضمير العالمي.

﴿وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء:74]

 

على مدى سبعة عقود، اعتمد الكيان الصهيوني على احتكار التفوق العسكري والتكنولوجي واستثمار الدعم الغربي غير المحدود…

ليبني حالة من "اللامسؤولية" الدولية تجاه جرائمه.

لكن السابع من أكتوبر أظهر أن هذه القاعدة لم تعد صلبة…

غزة نقلت المواجهة من الفعل المقاوم إلى تفوق رمزي ومعنوي…

حيث تحولت الإرادة الشعبية والصمود إلى أدوات ردع تكسر هيبة الدولة العبرية في أعين العالم.

اليوم، (إسرائيل) تعيش واحدة من أكثر لحظاتها هشاشة منذ إعلانها…

كثافة النيران… الجرائم البشعة… وفقدان الحدود الأخلاقية لم تعد كافية لتحقيق الانتصار…

ولا لضمان ردع مستدام.

التصدع السياسي الداخلي… الانقسامات الحادة داخل مجتمع الاحتلال وأحزابه…

والخوف النفسي العميق… جميعها تكشف عن هشاشة دولة الظلم والاحتلال…

وتعيد المشهد الفلسطيني إلى قلب المعادلة.

﴿وليمحص اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقُ الْكَافِرِينَ﴾ آل عمران 141

صناعة الخوف، التي حاول الاحتلال من خلالها إرهاب الشعوب العربية، لم تعد مجدية…

غزة حولت المحرقة إلى منصة وعي أخلاقي عالمي… فتغيرت قواعد اللعبة.

الفلسطينيون أصبحوا رواة الحقيقة…

يُروون المعاناة… ويكسرون السرديات الصهيونية…

فتتحول الصور… والصوت… والدم… إلى قوة رمزية تضاعف أثر المقاومة على العالم.

﴿ما جئتم به السحر، إن الله سيبطله﴾ يونس 81

العدوان الصهيوني الهجومي التقليدي لم يعد قادراً على تحقيق أهدافه كما في الماضي…

كل الضربات الجوية السريعة… كل المخططات للقضاء على إرادة شعب عظيم…

لم تعد ممكنة بدون خسائر استراتيجية…

فزمن الانتصارات السريعة قد انتهى.

﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ [إبراهيم:42]

غزة اليوم ليست مجرد أرض محروقة محاصرة…

بل مختبر للوعي… منصة تحرير…

وروافد قوة أخلاقية تضغط على النظام العالمي… وتعيد صياغة السياسة الدولية.

سقوط مشاريع التطبيع… فشل "السلام الإبراهيمي"… تراجع الثقة في المؤسسات الأممية…

كلها تداعيات مباشرة لطوفان الأقصى ومحرقة غزة.

﴿لِيُمَيِّزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾ الأنفال 37

وفي خضم هذه الأحداث، يتبلور مشروع فلسطيني إنساني عالمي…

غزة لم تعد رقعة جغرافية ضيقة فقط…

بل أصبحت رمزًا للكرامة، العدالة، والحرية…

مركزًا لصوت الضمير الشعبي العالمي.

الاحتشاد في شوارع نيويورك… باريس… لندن… إسطنبول… وغيرهم…

يعكس انحيازًا أخلاقيًا عالميًا… يضغط على السياسات الدولية ويعيد ترتيب المشهد لصالح الحق الفلسطيني.

﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة:2]

السابع من أكتوبر لم يكن نهاية المقاومة…

بل بداية عصر جديد من المعادلات…

القوة لم تعد تُقاس بالنار وحدها…

بل بالإرادة… التضحية… والقدرة على إعادة تشكيل التاريخ.

غزة أعادت تعريف قواعد الاشتباك…

وحوّلت المحرقة إلى فرصة لإيقاظ الضمير الإنساني العالمي…

لتصبح منصة تحرير وعي… ورافعة أخلاقية لتغيير موازين القوى في الإقليم والدولي.

﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران:139]

ويبقى السؤال مفتوحًا:

هل دشّنت غزة مرحلة أفول المشروع الصهيوني…

أم أن فشل (إسرائيل) سيعيد ترتيب المشهد الإقليمي ويولد سيناريوهات أكثر تعقيدًا؟

المؤكد أن غزة صاحبة النصيب الأكبر في العنوان القادم في هذه المعادلة التاريخية…

بدمها… بصمودها… وبصوت كل طفل وامرأة ورجل لم تنكسر إرادتهم.

﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف:21]

المصدر / فلسطين أون لاين