فلسطين أون لاين

الغارديان: مقاولون أميركيون يتنافسون على إعادة إعمار غزة

...
صورة من الأرشيف
ترجمة خاصة/ فلسطين أون لاين

كشفت صحيفة الغارديان البريطانية عن تحركات تقودها شخصيات نافذة داخل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلى جانب شركات مرتبطة بالحزب الجمهوري، للسيطرة المبكرة على مشاريع المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة، في وقت لا يزال فيه القطاع يرزح تحت دمار واسع خلّفته الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من عامين.

وبحسب التقرير، فإن نحو 75% من مباني قطاع غزة تضررت أو دُمرت جراء الضربات الإسرائيلية، فيما قدّرت الأمم المتحدة كلفة إعادة الإعمار بنحو 70 مليار دولار، ما حوّل الملف إلى هدف مغرٍ لشركات متخصصة في البناء والهدم والنقل والخدمات اللوجستية، رغم غياب إطار قانوني وتشغيلي واضح لإطلاق عملية الإعمار فعليًا.

وأشارت الغارديان إلى أن الأمم المتحدة صادقت، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، على خطة تقضي بإنشاء "مجلس السلام" برئاسة دونالد ترامب لإدارة قطاع غزة، غير أن المجلس لم يبدأ عمله حتى الآن، كما أن صلاحيات مركز التنسيق المدني–العسكري الجديد ما تزال محدودة ولا تسمح بإبرام عقود طويلة الأمد.

في المقابل، أنشأ البيت الأبيض مسارًا موازيًا عبر تشكيل فريق عمل خاص بغزة، يقوده كل من جاريد كوشنر وستيف ويتكوف وآرييه لايتستون، بعيدًا عن الأطر الأممية التقليدية، وهو ما خلق حالة من الغموض والازدواجية في إدارة ملف الإعمار والمساعدات.

مسؤولون سابقون بلا خبرة إنسانية

ووفق مصادر مطلعة، يقود مسؤولان سابقان في هيئة "دوج" الحكومية الأميركية النقاشات المتعلقة بالمساعدات الإنسانية وإعادة إعمار غزة، رغم عدم امتلاكهما خبرة سابقة في العمل الإنساني.

وأفادت المصادر بأنهما عمّما عروضًا تقديمية تتضمن خططًا تفصيلية لإدارة العمليات اللوجستية داخل القطاع، تشمل تسعير الخدمات وتوقعات الأرباح ومواقع محتملة للمستودعات.

وتقترح إحدى هذه الوثائق، التي اطّلعت عليها الغارديان، إنشاء نظام لوجستي مركزي لغزة يقوم على تعيين "مقاول رئيسي" يتولى تشغيل 600 شاحنة يوميًا من المساعدات والبضائع، مقابل فرض رسوم تصل إلى 2000 دولار على الشاحنة الإنسانية و12 ألف دولار على الشاحنة التجارية، ما قد يحقق عائدات سنوية تُقدّر بنحو 1.7 مليار دولار.

ويرى مراقبون أن هذه الخطة تمثل تحولًا خطيرًا نحو خصخصة المساعدات الإنسانية، عبر تحويل إدخال الغذاء والدواء ومواد الإغاثة إلى نشاط ربحي خاضع لشركات خاصة، بدلًا من المنظومة الأممية التي كانت تشرف تاريخيًا على أكثر من 80% من الخدمات الأساسية في غزة.

كما أن الدور المستقبلي للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية التقليدية، بما فيها وكالة "الأونروا"، لا يزال غير واضح، في ظل اشتراط السلطات الإسرائيلية تصاريح دخول لجميع الجهات العاملة في القطاع، بما في ذلك الشركات الربحية التي تسعى للحصول على عقود الإعمار.بحسب "ألغارديان".

شركة مقرّبة من الجمهوريين في الصدارة

وسلّط التقرير الضوء على شركة Gothams LLC الأميركية، التي كانت تُعد الأوفر حظًا للفوز بعقود لوجستية كبرى في غزة، مستفيدة من علاقاتها السياسية الواسعة. وسبق للشركة أن حصلت على عقود حكومية بمئات الملايين من الدولارات، من بينها إدارة مراكز احتجاز للمهاجرين وبرامج حكومية خلال جائحة كورونا.

غير أن مؤسس الشركة، مات ميكلسن، أعلن انسحابه المفاجئ من سباق التعاقد على غزة عقب استفسارات الغارديان، مبررًا ذلك بمخاوف أمنية وتداعيات سياسية وإعلامية محتملة، مؤكدًا أن طبيعة المشروع “تغيرت جذريًا” خلال الأسابيع الأخيرة.

ويشير التقرير إلى أن "إسرائيل" تظل اللاعب الحاسم في أي ترتيبات مستقبلية، كونها تسيطر على المعابر وتمنح تصاريح الدخول وتحدد المناطق المسموح إعادة إعمارها. كما أعلنت "تل أبيب" أنها ستمنع إعادة الإعمار في المناطق الخاضعة لسيطرة حركة حماس إلى حين نزع سلاحها، ما يفتح الباب أمام إعمار انتقائي يخضع لحسابات سياسية وأمنية.

من جهته، انتقد رجل الأعمال الأميركي والناشط الإنساني أمد خان هذه الخطط، واصفًا إياها بـ”العبثية”، وقال إن القائمين عليها لا يمتلكون أي خلفية إنسانية، مؤكدًا غياب أي تحرك فعلي لإدخال الأدوية أو المعدات الطبية إلى غزة رغم الكارثة الإنسانية المتفاقمة.

ويرى متابعون أن ما يجري يعيد إلى الأذهان نماذج العراق وأفغانستان، حيث تحولت عمليات الإعمار إلى سوق مفتوحة للشركات السياسية النافذة، دون أن تنعكس تحسنًا حقيقيًا على حياة السكان المحليين.

وبينما تتسابق الشركات الأميركية لحجز موقع متقدم في مرحلة ما بعد الحرب، يبقى الفلسطينيون، وفق التقرير، خارج دوائر التخطيط واتخاذ القرار، في وقت لا تزال فيه غزة تعاني انهيارًا إنسانيًا شاملًا، وسط قيود إسرائيلية خانقة على المساعدات وإعادة الإعمار.

المصدر / الغارديان البريطانية