فلسطين أون لاين

خاص مطالبات بإنشاء صندوق مالي لدعم التعليم في غزة

...
الحرب أدت إلى تعطّل العملية التعليمية في المدارس والجامعات لفترات طويلة
غزة/ رامي رمانة:

تتصاعد أصوات الطلبة في قطاع غزة مطالِبةً بتدخلٍ عاجل لإنشاء صندوقٍ مخصص لدعمهم، بما يضمن حقهم في مواصلة تعليمهم الأكاديمي، بعد أكثر من عامين من حرب الإبادة التي خلّفت تداعيات كارثية على مختلف مناحي الحياة، وفي مقدمتها قطاع التعليم، الذي تعرّض لضربات قاسية ما زالت آثارها ماثلة حتى اليوم.

وقد أدّت الحرب إلى تعطّل العملية التعليمية في المدارس والجامعات لفترات طويلة، وتدمير عدد كبير من المؤسسات التعليمية، فضلًا عن تعذّر استخراج الشهادات الرسمية، وتراكم الرسوم والأقساط الجامعية، الأمر الذي وضع آلاف الطلبة أمام مستقبلٍ مجهول، وهدّد بضياع سنوات طويلة من الجهد والتعب، مع غياب حلول واضحة لمعالجة هذه الأزمة.

تقول الطالبة فداء أموم (23 عامًا)، وهي طالبة بكالوريوس في إحدى جامعات غزة، إن الحرب وضعتها أمام واقعٍ صعب بعد سنوات من الدراسة، موضحةً: "أنهيت متطلبات التخرج قبل الحرب، لكنني لم أستطع استخراج شهادتي أو سداد الأقساط المتراكمة. أشعر أن سنوات تعبي مهددة بالضياع، ولا أعرف كيف أبدأ حياتي المهنية دون شهادة تُثبت جهدي."

وتشكّل الرسوم والأقساط الجامعية عائقًا كبيرًا أمام الطلبة، في ظل الانهيار الاقتصادي وفقدان آلاف الأسر لمصادر دخلها، ما دفع كثيرين إلى التفكير بترك مقاعد الدراسة والبحث عن أي وسيلة لإعالة أسرهم.

وفي هذا السياق، تؤكد الطالبة آلاء عبيد (18 عامًا)، من طلبة الثانوية العامة، أن الحرب حرمتها من الانتقال الطبيعي إلى المرحلة الجامعية، قائلةً: "نجحت في الثانوية العامة وسط ظروف قاسية، لكنني لا أستطيع الالتحاق بالجامعة بسبب الرسوم، إضافة إلى عدم وضوح وضعي الأكاديمي خلال فترة الحرب. أشعر أن مستقبلي توقّف عند هذه المرحلة."

ولا تقتصر هذه المعاناة على مرحلة دراسية بعينها، بل تمتد لتشمل طلبة الدبلوم والبكالوريوس والماجستير، وحتى الدكتوراه، الذين بات كثيرٌ منهم مهدّدين بفقدان منحهم الدراسية أو إيقاف تسجيلهم الجامعي، نتيجة عدم قدرتهم على الوفاء بالالتزامات المالية أو استكمال الإجراءات الإدارية.

وفي ظل هذا الواقع، يطالب الطلبة وممثلوهم بتشكيل صندوق وطني شامل، بدعم من المؤسسات الرسمية والأهلية والقطاع الخاص والمانحين، يتولى تغطية الرسوم الجامعية وتسديد الأقساط المتراكمة، إلى جانب معالجة الإشكاليات الأكاديمية الناتجة عن تعذّر استخراج الشهادات خلال فترة الحرب، بما يضمن عودة الطلبة إلى مقاعد الدراسة دون عوائق.

ويرى الطالب عايش أبو شريم، وهو طالب ماجستير، أن إنشاء الصندوق أصبح ضرورة لا تحتمل التأجيل، قائلًا: "ما جرى كان قهريًا، والحرب فرضت علينا ظروفًا استثنائية، ولا يجوز أن يُعاقَب الطلبة على أمرٍ خارج عن إرادتهم. التعليم حق أساسي."

من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي ماهر الطباع أن دعم التعليم في قطاع غزة يُعد استثمارًا استراتيجيًا لا يقل أهمية عن الإغاثة الإنسانية، موضحًا أن انهيار العملية التعليمية سيترك آثارًا طويلة الأمد على الاقتصاد والمجتمع.

وقال الطباع لصحيفة "فلسطين" إن فقدان جيلٍ متعلم يعني فقدان القدرة على إعادة الإعمار والتنمية مستقبلًا، مشددًا على أن إنشاء صندوق دعم تعليمي يُسهم في حماية رأس المال البشري، ويحدّ من معدلات البطالة والفقر على المدى البعيد.

وأضاف الطباع أن إشراك القطاع الخاص والمانحين في هذا الصندوق يعزّز من استدامته، ويعكس التزامًا وطنيًا ومجتمعيًا تجاه فئة الشباب، التي تمثّل عماد المستقبل الفلسطيني.

 

المصدر / فلسطين أون لاين