حذّر البنك الدولي من تفاقم أزمة الديون في الدول النامية، مؤكدَين أن تزايد مدفوعات خدمة الدين أصبح يهدد استقرار الاقتصاد العالمي ويقوّض نظام التجارة الدولية.
وأفاد تقرير للبنك الدولي صدر في أكتوبر/تشرين الأول الجاري بأن حكومات عديدة في الدول النامية والناشئة باتت تخصص جزءًا متزايدًا من موازناتها لسداد الديون وفوائدها على حساب قطاعات حيوية كالصحة والتعليم، مما يؤدي إلى تراجع الإنتاجية والمهارات، وتعطل سلاسل الإمداد، وازدياد السياسات الحمائية والاضطرابات السياسية، وهو ما ينعكس سلبًا على التجارة العالمية.
وفي السياق ذاته، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، خلال مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول، من أن نظام التجارة العالمي مهدد بالانحراف عن مساره بسبب تصاعد الديون وارتفاع الرسوم الجمركية وتزايد انعدام الأمن المالي في الدول الناشئة.
وأشار غوتيريش إلى أن نحو 3.4 مليارات شخص يعيشون في دول تنفق على خدمة الدين العام أكثر مما تنفق على الصحة والتعليم، داعيًا إلى خفض تكاليف الاقتراض، وتسريع دعم الدول المثقلة بالديون، وإصلاح المؤسسات المالية الدولية بما يضمن تمثيلًا أكثر عدلًا لاحتياجات البلدان النامية.
وشدد على أن البلدان النامية تواجه مخاطر عدم اليقين، وتراجع الاستثمارات، والتذبذب في سلاسل التوريد، و"نواجه خطر اندلاع حروب تجارية على السلع"، في حين "تُظهر توجهات الإنفاق العسكري أننا نستثمر بشكل متزايد في الموت بدلاً من (الاستثمار) في رخاء الناس ورفاههم".
وكشف أحدث تقرير لخبراء من البنك الدولي، في 15 أكتوبر الجاري، عن أن مجموع ديون 86 دولة لصندوق النقد الدولي يبلغ 118.9 مليار وحدة حقوق سحب خاصة، وهو ما يعادل تقريباً 162 مليار دولار. وتحتل الأرجنتين المركز الأول في ديون صندوق النقد الدولي بحوالي 57 مليار دولار، تليها أوكرانيا بمبلغ 14 مليار دولار، ثم مصر بمبلغ 9 مليارات دولار.
التجارة وعلاقتها بالديون
وتشرح التقارير الدولية تفاصيل الآلية التي تربط بين زيادة الإنفاق على خدمة الدين بدل التعليم والصحة، وكيف يهدد ذلك التجارة العالمية، مؤكده أن إنفاق العديد من الحكومات على خدمة سداد الديون أكثر من إنفاقها والاستثمار في الصحة والتعليم يؤثر على الإنتاج وتبادل السلع والخدمات عالمياً، ما يعطل سلاسل الإمداد، ويقلل التجارة الدولية.
وتبين تقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي حول آثار ذلك في عام 2025 أن تقليص الإنفاق على الصحة والتعليم يضعف شبكات الضمان الاجتماعي ويقلص دخل الأسر وإمكان الاستهلاك على المدى المتوسط، فيهبط الطلب على السلع المستوردة (سلع استهلاكية ووسائط إنتاج)، وتؤكد أن انخفاض الطلب في بلدان تعتمد على الاستيراد يعني طلباً أقل على صادرات البلدان الشريكة، فينخفض حجم التجارة العالمية.
وبحسب تقرير البنك الدولي في 2024، دفعت دول نامية 1.4 تريليون دولار خدمة دين في 2023، ما ضيق الميزانيات المخصصة للصحة والتعليم وقلل الإنفاق العام على التجارة.

