فلسطين أون لاين

في صفقة طوفان الأقصى الأكبر تاريخيَّا ...

ملحمة الشَّعب والمقاومة... 1968 أسيرًا فلسطينيًّا ينتزعون الحرِّيَّة

...
ملحمة الشَّعب والمقاومة... 1968 أسيرًا فلسطينيًّا ينتزعون الحرِّيَّة
غزة/ نبيل سنونو:

الأسرى يتحررون، وسجانهم يجر ذيول الهزيمة. 1968 أسيرا فلسطينيا، بينهم قياديون، كسرت المقاومة قيدهم اليوم الإثنين، وودعوا ظلمة سجون الاحتلال لينعموا بنور الحياة بين أهلهم وشعبهم، في حصاد تاريخي لثمرة ملحمة الصمود بوجه آلة الحرب الإسرائيلية الغاشمة على مدار سنتين ويزيد.

هكذا، أوفت المقاومة بعهدها. صفقة طوفان الأقصى تبصر النور، في أكبر عملية تبادل بتاريخ الحركة الأسيرة، وتفرض شروطها على حكومة المستوطنين الفاشية، التي تعنتت، وماطلت، ثم رضخت.

صفقة توجت بها المقاومة في غزة ما حققته من انتزاع حرية مئات الأسرى أيضا في يناير/كانون الثاني الماضي، وقبلها في 2011، لتثبت مع شعبها أن الحرية حق، وانتزاعه حقيقة، للإنسان، والوطن.

ووسط احتفاء واستقبال شعبي واسعين، وصلت حافلات تقل محررين من سجون الاحتلال إلى مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة.

كما دخلت دفعة أخرى من المحررين إلى القطاع عبر حاجز كرم أبو سالم، في إطار تنفيذ بنود صفقة التبادل ووقف حرب الإبادة.

وقد وثقت مشاهد، انتشار رجال الأمن في غزة داخل مجمع ناصر الطبي لتأمين استقبال المحررين.

وفي رام الله، وصل المحررون المفرج عنهم من سجن عوفر إلى بيتونيا وسط الضفة الغربية المحتلة.

من جهته، أفاد مكتب إعلام الأسرى، بأن 154 أسيرا أفرج عنهم ونقلوا إلى مصر، وذلك تنفيذا لقرار إبعادهم.

وأفاد المكتب، بنجاح المقاومة في فرض الإفراج عن ثمانية أسرى كانوا قد تحرروا سابقًا ضمن صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011، قبل أن يُعيد الاحتلال اعتقالهم خلال عملياته العسكرية في قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر 2023.

وأوضح المكتب، في تصريح صحفي، أن هؤلاء الأسرى كانوا مبعدين إلى قطاع غزة بموجب الصفقة السابقة، لكن قوات الاحتلال أعادت اعتقالهم خلال اجتياحها الواسع للقطاع، مشيرًا إلى أن إدراجهم مجددًا في قوائم الإفراج الحالية يُعدّ انتصارًا قانونيًا وإنسانيًا للمقاومة التي أصرت على تحريرهم من جديد.

وذكر المكتب أن الأسرى الثمانية الذين شملتهم عملية الإفراج هم: حمد الله فايق حسن علي، وسعيد محمد سعيد بشارات، وطارق أحمد عبد الكريم حساين، وعمر أحمد أيوب عصيدة، ومحمود علي حسن قواسمة، ومنصور عاطف خضر ريان، ونادر رضوان عبد الحكيم أبو تركي، وشادي طلعت عواد بلاونة.

في السياق، أعلنت إدارة سجون الاحتلال أنها أتمت عملية الإفراج عن 1968 أسيرا، بموجب صفقة طوفان الأقصى.

محررو القدس

وشملت صفقة طوفان الأقصى، 24 أسيرًا من أبناء القدس المحتلة، معظمهم محكومون بالسجن المؤبد، بينهم رموز بارزة في الحركة الأسيرة، وعلى رأسهم القائد القسامي محمود موسى عيسى، معتقل منذ 03-06-1993، والمصنّف من قبل الاحتلال كـ"أخطر" أسير فلسطيني.

ويُعدّ عيسى أحد مؤسسي خلايا "القسام" في القدس وقائد الوحدة "101" لتحرير الأسرى، ومحكوم بثلاثة مؤبدات و45 عامًا.

عمداء الأسرى

من جهته، أعلن "مركز فلسطين لدراسات الأسرى"، أن 137 أسيرًا من "عمداء الأسرى" شملتهم صفقة طوفان الأقصى، في تطور وصفه المركز بأنه "إنجاز حقيقي" على طريق تحرير الأسرى من سجون الاحتلال.

وقال مدير المركز، الباحث رياض الأشقر، في بيان، إن هؤلاء الأسرى وردت أسماؤهم ضمن قائمة المحررين في الصفقة الجارية، مشيرًا إلى أن "عمداء الأسرى" هم من أمضوا أكثر من 20 عامًا متواصلة في الأسر، بغض النظر عن مدة الحكم، وإن كانت الغالبية محكومة بالمؤبد أو بعشرات السنين.

وبحسب الأشقر، بلغ عدد عمداء الأسرى قبل الصفقة الأولى التي نُفذت في كانون ثاني/يناير، وشباط/فبراير الماضيين 543 أسيرًا، أُفرج منهم عن 299 أسيرًا في سبع دفعات، فيما تبقى 244 أسيرًا.

وشملت الصفقة الحالية الإفراج عن 137 منهم، أي ما نسبته 56% من إجمالي من تبقى، ليرتفع عدد المحررين من هذه الفئة إلى 436 أسيرًا، وهو ما يمثل 80% من مجموع عمداء الأسرى في سجون الاحتلال، بحسب الأشقر.

وأوضح أن من بين المفرج عنهم ثمانية من "قدامى الأسرى"، المعتقلين منذ ما قبل اتفاق أوسلو، بينهم عميد أسرى القدس سمير أبو نعمة المعتقل منذ عام 1986، وعميد أسرى قلقيلية محمد عادل داوود المعتقل منذ 1987، إضافة إلى ناصر ومحمود أبو سرور من بيت لحم، ومحمود عيسى من القدس، والشقيقين محمد وعبد الجواد شماسنة، وعلاء الكركي من الخليل، وجميعهم معتقلون منذ عام 1993.

وعد الأشقر أن الصفقة الحالية، هي الأكبر والأهم منذ بدء الصراع مع الاحتلال، سواء من حيث عدد الأسرى أو فئاتهم، واصفًا إياها بأنها "صفقة تاريخية كسرت كل المعايير التي فرضها الاحتلال في صفقات سابقة".

وأضاف أن الاحتلال، الذي كان يرفض إطلاق سراح أي أسير فلسطيني ويهدد باستعادة أسراه بالقوة، اضطر بعد عامين من الحرب والدمار إلى القبول بصفقة تُفرج بموجبها المقاومة عن مئات الأسرى الذين صنّفهم الاحتلال سابقًا بأنهم "خطرون" و"لن يخرجوا أبدًا من السجون".

وبحسب مؤسسات الأسرى، يتجاوز عدد المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، 11 ألف معتقل، يعانون أوضاعا وظروفا كارثية تشمل التعذيب والتجويع والإهمال الطبي الممنهج، ما أدى إلى استشهاد عدد منهم في الأسر.

فيما بلغ عدد المعتقلين المحكومين بالسجن المؤبد 350، ومن تقدمت بحقهم لوائح اتهام تمهيدا لإصدار أحكام بالسجن المؤبد 40 معتقلا، وعدد الأسيرات 53، بينهن ثلاث من غزة، وطفلتان، والأطفال الأسرى نحو 400 يقبعون في سجني (عوفر، ومجدو)، فيما بلغ عدد المعتقلين الموقوفين -دون محاكمة-، نحو 3380، حتى شهر تشرين الأول/أكتوبر الجاري.

وأمس، أفرجت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، عن جميع أسرى الاحتلال الأحياء، وأربعة جثامين، في إطار صفقة طوفان الأقصى لتبادل الأسرى.

وكانت حماس قد أعلنت، الخميس (9 تشرين الأول/أكتوبر)، التوصل إلى اتفاق يقضي بإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، وانسحاب الاحتلال من القطاع، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، إلى جانب تنفيذ صفقة تبادل أسرى، وذلك عقب مفاوضات أجرتها الحركة وفصائل المقاومة في مدينة شرم الشيخ، بناءً على مقترح قدمه الرئيس الأميركي.

ودخل الاتفاق حيز التنفيذ، عقب مصادقة حكومة الاحتلال الإسرائيلي عليه. فيما نفذ تبادل الأسرى، أمس، وفقا لقوائم تم إعدادها مسبقا.

ووفق بيانات المقاومة، فقد أسفرت صفقات التبادل مجتمعة خلال عامين عن تحرير أكثر من 3985 أسيرًا فلسطينيًا من مختلف الفصائل والانتماءات، بينهم 486 محكومًا بالمؤبد، و319 من أصحاب الأحكام العالية، و144 أسيرة، و297 طفلًا، إضافة إلى 2724 أسيرًا من أبناء قطاع غزة.

ونفذت المقاومة في 7 أكتوبر/تشرين الثاني 2023 عملية طوفان الأقصى، التي شملت هجوما بريا وبحريا وجويا وتسللا للمقاومين إلى عدد من مستوطنات بمحاذاة غزة.

وفي 22 نوفمبر/تشرين الثاني صدقت حكومة الاحتلال على اتفاق لتبادل أسرى ومحتجزين في غزة مع حركة حماس، وإرساء هدنة مؤقتة في القطاع مدتها 6 أيام.

وفي 15 يناير/كانون الثاني 2025 أعلن في العاصمة القطرية الدوحة عن اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في قطاع غزة، انقلبت عليه حكومة الاحتلال في مارس/آذار.

وفي 2011، أبرمت المقاومة "صفقة وفاء الأحرار"، التي حررت بموجبها مئات الأسرى مقابل الجندي في جيش الاحتلال جلعاد شاليط.

وتعدّ صفقة طوفان الأقصى تأكيدًا على قدرة المقاومة على فرض إرادتها السياسية والإنسانية في ملف الأسرى، واستمرارها في معركة تحرير الإنسان الفلسطيني رغم كل الظروف الميدانية والضغوط الإسرائيلية والدولية.

المصدر / فلسطين أون لاين