قال مصدر مطلع على سير مفاوضات شرم الشيخ إن غرفة العمليات المركزية التي يرأسها مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد تعمل على مدار الساعة بالتنسيق مع الجانب القطري، لتذليل العقبات أمام التوصل إلى اتفاق بشأن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الحرب في غزة، مشيرًا إلى أن المفاوضات تشهد زخمًا متزايدًا مع انضمام الوفود الفنية والسياسية تباعًا.
وأوضح المصدر لـ "العربي الجديد"، أن حركة حماس أبدت مرونة كبيرة في التعاطي مع المقترحات الأميركية والمصرية، لكنها تتمسك بوقف شامل لإطلاق النار وانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع قبل الانتقال إلى ملف تبادل الأسرى.
وأشار إلى أن وفد الحركة شدد خلال الجلسات على أن عمليتي الانسحاب وتحرير الأسرى يجب أن تكونا في مسار واحد لا يتجزأ، رافضًا أي خريطة انسحاب تُبقي قوات الاحتلال في نقاط داخل غزة مثل تلة الشجاعية ومحور فيلادلفيا.
وبيّن المصدر أن الأجواء داخل شرم الشيخ إيجابية، وأن هناك فرصة حقيقية للتوصل إلى اتفاق مبدئي خلال الأسبوع الجاري، خصوصًا حول المرحلة الأولى من الخطة التي تشمل التهدئة وتبادل الأسرى وفتح الممرات الإنسانية بإشراف الأمم المتحدة.
وأكد أن انضمام المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف وصهر ترامب جاريد كوشنر إلى المباحثات غدًا الأربعاء يشكل دفعة سياسية قوية تعكس رغبة واشنطن في الدفع نحو تسوية تضمن الأمن للطرفين، وتفتح الطريق أمام المرحلة الثانية من خطة "السلام المتدرج" التي تتبناها الإدارة الأميركية بالتعاون مع القاهرة والدوحة.
وأشار المصدر إلى أن القاهرة تفرض سرية تامة على تفاصيل المناقشات داخل اللجان الفنية والسياسية، تجنبًا لتسريب المعلومات أو عرقلة التقدم المحرز، لافتًا إلى أن المؤشرات العامة توحي بتقارب غير مسبوق بين الأطراف نحو اتفاق شامل.
وأوضح أن النقاط الرئيسية المطروحة تتضمن تبادل الأسرى من الجانبين، وانسحابًا إسرائيليًا تدريجيًا من القطاع، وإدخال المساعدات وفتح المعابر الإنسانية، إضافة إلى تشكيل لجنة فلسطينية مستقلة لإدارة القطاع بعد التهدئة.
وفي وقت سابق، أعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أن المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف سيزور القاهرة خلال الساعات المقبلة، مشيرًا إلى وجود تحركات دبلوماسية تهدف لاعتماد خطة ترامب بشأن قطاع غزة في مجلس الأمن الدولي.
وأوضح عبد العاطي، خلال مؤتمر صحفي، اليوم الثلاثاء، أن مفاوضات شرم الشيخ تركز على تهيئة الظروف لتبادل الأسرى، وضمان الدخول الكامل للمساعدات الإنسانية إلى غزة دون عوائق، إلى جانب الاتفاق على خرائط لإعادة انتشار القوات الإسرائيلية تمهيدًا لانسحابها من القطاع.
وأضاف الوزير المصري: "كلنا ثقة بقدرة الرئيس ترامب على تنفيذ خطته التي تمثل أساسًا جديدًا للعمل عليها، خاصة وأنها تتضمن عناصر بناءة، بينها إنهاء الحرب، ورفض ضم الضفة الغربية، ومنع التهجير القسري".
وأشار عبد العاطي إلى وجود حرص عربي وإسلامي على إنجاح الخطة، مؤكدًا أن الجهود المصرية "لم ولن تتوقف"، وأن اجتماعًا سيُعقد في أوروبا نهاية الأسبوع لاستكمال التحرك داخل الأمم المتحدة لاعتماد الخطة.
وأفادت قناة "القاهرة الإخبارية" بانتهاء اليوم الأول من جولة المفاوضات غير المباشرة بين حركة حماس وإسرائيل في شرم الشيخ، وسط أجواء وُصفت بأنها إيجابية.
ويوم أمس، انطلقت، في العاصمة المصرية القاهرة، المباحثات غير المباشرة بين وفود من حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة وعدد من الدول الإقليمية، في إطار الجهود الرامية إلى التوصل لاتفاق شامل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد مرور عامين على اندلاع الحرب الإسرائيلية المدمّرة ضد القطاع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتعد هذه المرحلة من المفاوضات الأولى من نوعها منذ إعلان ترامب خطته لإنهاء الحرب في غزة، والتي تتضمن وقفًا دائمًا لإطلاق النار، وتبادل الأسرى، وانسحابًا إسرائيليًا تدريجيًا من القطاع، تمهيدًا لإدارة فلسطينية انتقالية بإشراف دولي.
وقالت حركة حماس، في بيان مقتضب، بأن وفد الحركة برئاسة الدكتور خليل الحية رئيس حركة حماس في قطاع غزة إلى جمهورية مصر العربية لبدء المفاوضات حول آليات وقف إطلاق النار وانسحاب قوات الاحتلال وتبادل الأسرى.
وأوضحت قناة "القاهرة الإخبارية" عن مصادر مصرية لم تسمها، أن "الوسطاء المصريون والقطريون يبذلون جهودا كبيرة مع (الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي) لوضع آلية للإفراج عن الأسرى".
وأشارت إلى أن ملف الضمانات ما يزال العقبة الأبرز، إذ تتمسك حماس بالحصول على ضمانة واضحة لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، في ظل تجارب سابقة مع الاحتلال لم يلتزم فيها بتعهداته.
من جانبها، شددت حماس على أنها أبدت موافقة مبدئية على بعض بنود الخطة الأميركية، لكنها ترفض أي صيغة لا تضمن وقفًا دائمًا للحرب وانسحابًا كاملاً من القطاع.
وأكد قيادي في الحركة أن “ما يجري في الدوائر الأميركية والإسرائيلية هو استعراض إعلامي أكثر من كونه التزامًا فعليًا”، موضحًا أن حماس أبلغت الوسطاء بوضوح استعدادها للابتعاد عن إدارة القطاع، والدخول في هدنة طويلة الأمد، شريطة أن تكون تحت رقابة عربية ودولية، دون الحديث عن نزع السلاح أو تسليمه.
وأشار القيادي إلى أن الحركة تتمسك بإطلاق سراح رموز وطنية فلسطينية ضمن أي صفقة تبادل، وعلى رأسهم الأسير مروان البرغوثي والأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات، مؤكدًا أن ملف الأسرى “ليس أولوية تفاوضية” بل جزء من رؤية أوسع لإنهاء الحرب وضمان الحقوق الوطنية
ورغم الأجواء الإيجابية الحذرة، ما تزال خلافات جوهرية قائمة حول الجدول الزمني للانسحاب الإسرائيلي الكامل، وآلية الإشراف الدولي، إضافة إلى شروط تبادل الأسرى التي تسعى إسرائيل لربطها بملفات سياسية وأمنية.
ومع ذلك، تؤكد المصادر وجود رغبة حقيقية لدى الأطراف للتوصل إلى اتفاق تمهيدي يمهد لاتفاق شامل في المرحلة المقبلة.
وقالت حماس -في بيان لها- إنها وافقت على الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات، كما جددت تأكيدها الاستعداد لتسليم إدارة القطاع إلى هيئة فلسطينية من المستقلين (تكنوقراط)، تتولى الإشراف على شؤون غزة ضمن توافق وطني ودعم عربي وإسلامي.
لكن الحركة شددت في الوقت نفسه على أن مستقبل قطاع غزة وحقوق الشعب الفلسطيني سيُناقشان حصريا في إطار فلسطيني جامع.
ورغم هذه التحركات، تواصل إسرائيل – بدعم أمريكي – ارتكاب حرب إبادة جماعية ضد سكان قطاع غزة منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أسفرت عن استشهاد 67,173 فلسطينيًا وإصابة 169,780 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب مجاعة أودت بحياة 460 شخصًا بينهم 154 طفلًا.

