طيلة الوقت والشعب الفلسطيني بكل فصائله وألوانه السياسية يؤكد أنه لا يتدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، وأنه لن يكون ضمن تحالفات دولية ضد تحالفات دولية أخرى، ومع ذلك، فكثير من الدول تحاول التدخل في كل كبيرة وصغيرة في شؤوننا الداخلية حتى امتلأت ساحتنا الفلسطينية بالأنوف الدخيلة، إلى درجة أننا لم نعد نمتلك القدرة على حلحلة مشاكلنا الداخلية التي هي في الأساس لأسباب خارجية.
المصالحة كما نرى تسير ببطء شديد، وفيها بعض الانحرافات التي نصحنا بتقويمها في أول اجتماع للفصائل، ولكن ما يهمنا هو ما يشاع عن تدخلات خارجية وتهديدات بإفشال المصالحة لأسباب مختلفة، حيث يقال إن جهات مانحة ستوقف دعمها إذا ما شاركت حركة حماس بالحكومة القادمة أو إذا تم دمج موظفيها بموظفي السلطة، ونحن هنا لا نعلم حقيقة الأمر إن كان صحيحا أم هو استغلال سيئ لجهات فلسطينية لمثل تلك الذرائع لتعطيل المصالحة أو لإقصاء حركة حماس عن السلطة تمهيدا لإقصائها عن المشهد السياسي برمته . طبعا مثل هذه المحاولات ستبوء بالفشل لأننا عندما نتحدث عن حركة حماس فهذا يعني أكثر من 40 بالمئة من الشعب الفلسطيني أو أكثر من نصف الشعب حسب آخر انتخابات تشريعية.
أحيانا تطرح علاقة حماس مع إيران على أنها قد تكون عقبة أمام الدعم الخارجي للسلطة الفلسطينية، وأنا أعتقد أن تلك العلاقة لها محددات لا تتجاوز المصالح الفلسطينية، وخاصة فيما يتعلق بالمقاومة، ولكن من يرفض العلاقة مع إيران يرفض علاقة حماس مع قطر، وكذلك مع تركيا، ولذلك يصعب علينا تحديد المعايير التي يريدونها من الشعب الفلسطيني ليحدد علاقته مع الآخرين، أما نحن فنعرف المعايير جيدا، وهو كل شيء في صالح القضية والشعب دون تدخل في شؤون الآخرين ودون انحراف عن أهدافنا المشروعة.
هناك قضية أخرى لا نعلم إن كانت جهات خارجية تثيرها أم لا وهي "سلاح المقاومة"، عبارة السلاح الواحد كشرط لنجاح المصالحة تتكرر كثيرا، حتى قال أحدهم إنه لا يتصور أن يكون مسؤولا في غزة مع وجود سلاح كتائب عز الدين القسام، السؤال الذي أطرحه: ماذا تريدون أن تفعل المقاومة الفلسطينية في غزة بسلاحها، هل تريدون إلقاءه في اليم؟ هل تريدون تدميره أم مصادرته؟ لا بد عند الحديث عن السلاح الواحد تبيان ما يجب فعله بسلاح المقاومة في غزة ليكون الناس على بينة من أمرهم.