في ظل الظروف الأمنية والاجتماعية المضطربة، يصبح التواصل عبر منصات التواصل الاجتماعي ساحة مفتوحة للتعبير عن المواقف الشخصية التي تعكس تنوعًا في الآراء والاتجاهات.
تختلف هذه الآراء وفقًا لمشاعر الأفراد ودوافعهم النفسية، ما بين الغيرة والحقد، والجهل، والألم الشخصي، بل وفي بعض الأحيان، توجهات خارجية.
وفي هذا السياق، من الضروري دراسة تأثير هذه الديناميكيات النفسية على الأفراد والمجتمع ككل.
الغيرة والتحليل العاطفي: تأثيرات الصراع الداخلي
من الناحية النفسية، يُعتبر الشعور بالغيرة على المصلحة العامة من أقوى العواطف التي قد تثير ردود فعل حادة وغاضبة.
في هذا السياق، نجد بعض الأفراد يعبرون عن استيائهم العميق من الأوضاع الراهنة نتيجة لقيادة أوصلتهم إلى ما هم عليه.
هذا النوع من التعبير يمكن أن ينشأ من الضغط النفسي المرتبط بفقدان الثقة، إذ يرى الأفراد أن وضعهم الاجتماعي أو الوطني ليس كما كان يجب أن يكون.
وفي هذه الحالة، تتأثر الدوافع العاطفية، مثل الغضب والإحباط، مما يؤدي إلى التصريحات القاسية التي قد تعكس أكثر مما تُظهره من نوايا واضحة.
ومن الناحية النفسية، يمكن تفسير هذه التصرفات بأنها آلية دفاعية ضد الشعور بالعجز أو الفقدان.
كما أن هذه الاستجابة العاطفية، على الرغم من كونها صادقة، قد تسهم في تعزيز مشاعر الانقسام بدلاً من بناء الوحدة المجتمعية، مما يزيد من حدة الصراع الداخلي.
الجهل والإنكار: آثار نقص الوعي الجماعي
في المقابل، هناك فئة أخرى من الأفراد الذين يعبرون عن آراء غير ناضجة أو سطحية، وهم غالبًا لا يمتلكون وعيًا كافيًا بالحقائق أو السياقات التي تحيط بالأزمة.
هذا النوع من السلوك يمكن فهمه من خلال نظرية الإنكار، حيث يلجأ الأفراد إلى تجاهل الحقائق المؤلمة أو المعقدة كآلية دفاعية لحماية أنفسهم من الشعور بالعجز أو القلق الناتج عن الوضع الراهن. وبذلك،
تصبح تصرفاتهم أكثر سذاجة، مما يزيد من انتشار الشائعات ويسهم في عدم الاستقرار النفسي والاجتماعي.
على المستوى الجماعي، يمكن أن يساهم هذا النوع من الجهل في إعاقة الوعي الجماعي الذي يُعد أساسًا للتغلب على الأزمات.
حيث يؤدي عدم الفهم الصحيح للموقف إلى زيادة الفوضى النفسية والإعلامية، وبالتالي يضعف القدرة على مواجهة التحديات بشكل منسجم.
الألم النفسي والآثار العاطفية السلبية
أما بالنسبة لأولئك الذين يعبّرون عن ألمهم الشخصي، فيمكن أن نرى أن الجرح العاطفي يظل مفتوحًا، مما يؤدي إلى مشاركة المشاعر السلبية والتجارب المؤلمة.
هذا النوع من التعبير لا يشير بالضرورة إلى ضعف الشخصية بقدر ما يعكس تفاعلًا نفسيًا طبيعيًا مع ظروف صعبة ومعاناة حقيقية.
لكن في السياق الجماعي، يمكن أن يؤدي استمرار هذا التعبير إلى نقل الألم الجماعي بدلاً من تحفيز الشفاء أو الإصلاح.
من الناحية النفسية، يُعتبر التعبير عن الألم بغير وعي أداة لتفريغ التوترات النفسية، لكنه قد يؤدي إلى تعزيز مشاعر العزلة والتفكك الاجتماعي، مما يُزيد من صعوبة التوصل إلى حلول عملية.
وبالتالي، يحتاج المجتمع إلى تقنيات التأقلم التي تُمكّن الأفراد من تجاوز الأزمات الشخصية وتعزيز التفاعل الإيجابي مع الآخرين.
الحرب النفسية.. تأثير العوامل الخارجية على الإدراك الجماعي
تعد الفئة الأخطر من هؤلاء الأفراد أولئك الذين يتوجهون بنوايا خفية تُعززها تأثيرات خارجية، مثل تلك التي يمارسها الاحتلال أو الأجهزة الاستخباراتية.
هؤلاء لا يسعون إلى التعبير عن مشاعرهم بقدر ما يحاولون توجيه العقل الجمعي نحو أهداف متناقضة مع مصلحة الوطن.
من الناحية النفسية، يمكن اعتبار هذا النوع من التأثير هو إستراتيجية السيطرة على العقول، حيث يتم استغلال الحاجة إلى الانتماء والهوية الجماعية لتفتيت المجتمع وإضعاف الجبهة الداخلية.
هذه الأنماط من التوجيه النفسي لا تقتصر على الأفراد فحسب، بل يمكن أن تنتقل إلى المجتمع ككل، مما يخلق بيئة اجتماعية مليئة بالشكوك والتوترات.
ويعني ذلك أن التوجيه الخارجي يصبح أداة فعّالة في إحداث خلل في التحليل العقلي الجماعي، حيث يتم التأثير على آراء الأفراد بما يخدم مصالح الجهات المتلاعبة.
النصيحة النفسية في ظل الحرب: توجيه العقل الجمعي نحو الوحدة
من منظور علم النفس الاجتماعي، من المهم للغاية تعزيز قدرة الأفراد على التمييز بين مشاعرهم الشخصية والنظرة العقلانية إلى المواقف.
في زمن الحرب والأزمات، تصبح القدرة على الحفاظ على الاتزان النفسي والجماعي أمرًا حيويًا لضمان الوحدة المجتمعية والتماسك الوطني.
من الضروري أن يتم استخدام آليات الحوار العقلاني والاستماع الفعّال، مع محاولة فهم النوايا الكامنة وراء التصريحات والمواقف المتباينة.

