"من قبره يعلن نصرًا كبيرًا على إسرائيل بسبب ضعفها الداخلي"، بهذه الكلمات يمكن تلخيص ما وصفه رئيس قسم العمليات السابق في جيش الاحتلال الإسرائيلي، يسرائيل زيف، حول الوضع الحالي لإسرائيل وحركة حماس في غزة.
وانتقد زيف، في مقال له، حكومة نتنياهو، مؤكدًا أنها منذ عامين تختبئ خلف الجيش، وتنسب الإنجازات العسكرية لنفسها، دون أن تتحمل مسؤولية أي قرار سياسي.
وأضاف أن إسرائيل تقف على مفترق حاسم، وأن الحكومة الضعيفة والمرتهنة لأجندات متطرفة داخلها تدفع البلاد نحو تورط جديد في عملية برية في غزة، يعرف الجميع مسبقًا أنها بلا جدوى وتتعارض مع أهداف الحرب، وعلى رأسها إعادة الأسرى.
وأوضح زيف أن ضعف نتنياهو الداخلي زاد الأزمة تعقيدًا، إذ لم يتخذ أي قرار استراتيجي طوال الحرب إلا بإملاء أمريكي، بدءًا من تفاهمات لبنان وسوريا وصفقات الأسرى، وحتى الهجوم على إيران الذي أطلقه الجيش وحصل على موافقة البيت الأبيض.
وأضاف أن نتنياهو وعد ترامب بإنجاز عسكري في غزة رغم استحالة ذلك، ما أدخل إسرائيل في ما وصفه بـ"فخ غزة"، مشبّهًا الوضع بـ"حافلة تندفع نحو هاوية يقودها سائق مشلول".
وحذر زيف من انعكاسات هذا النهج على الجيش والمجتمع، مشيرًا إلى أن الاحتلال الوشيك لغزة لن يحقق أي أهداف، بل يهدد بتفتيت التوافق الداخلي وتقويض معنويات الجنود الذين ارتبطت دافعيّتهم بملف إعادة الأسرى.
كما أشار إلى أن رئيس أركان الجيش لا يتلقى تعريفًا واضحًا لما تريد الحكومة تحقيقه، فيما يسعى نتنياهو لكسب الوقت السياسي فقط، على الرغم من التوقعات المتناقضة بين الأطراف المختلفة: سموتريتش يريد حربًا بلا نهاية، ترامب عملية قصيرة، ورئيس الأركان يراها طويلة.
وعلى المستوى الدولي، أشار زيف إلى أن حرب التجويع التي تتهم إسرائيل بها حوّلت دول العالم من مؤيدة إلى معارضة شبه كاملة، مستشهدًا باستطلاع لمعهد "غالوب" الأميركي الذي أظهر تراجع التأييد لإسرائيل من أكثر من 60% عام 2022 إلى نسبة مماثلة ضدها اليوم، خصوصًا بين الشباب، ما يمثل ضررًا تاريخيًا للأمن القومي الإسرائيلي.
وختم زيف بالإشارة إلى أن حكومة نتنياهو أفشلت جميع صفقات الأسرى منذ عام ونصف، وأن رفضها الرد على مقترحات حماس الأخيرة يعكس مسؤوليتها المباشرة عن تعطيل المفاوضات، في حين تكسب الحركة الفلسطينية نقاطًا سياسية دولية مهمة رغم الضربات التي تلقتها، محققة نبوءة يحيى السنوار خطوة بخطوة على حساب صورة "إسرائيل" وشرعيتها الدولية.

