فلسطين أون لاين

الانطلاقة والإعاقة


في كانون الأول وكانون الثاني من كل عام تحتفل فصائل فلسطينية بذكرى انطلاقتها السنوية، وتكون الأجواء حماسية سواء أضاف الفصيل جديدًا إلى تاريخه النضالي أم لم يضف، ولكن إجمالًا تعم البهجة وترفع الرايات وتمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي بصور وأخبار تلك الفعاليات، وهناك في زاوية أخرى يقبع بعض أصحاب الأفكار الذين لا يعجبهم كل شيء تفعله الفصائل ومنهم من لا يحب الفصائل ولا شاغل له سوى انتقادها سواء أصابت أو أخطأت.

أحدهم اقترح إلغاء الفصائل لاحتفالاتها بسبب العدوان الروسي على حلب، وقد عجبت لمثل هذا الاقتراح، فحركة حماس على سبيل المثال قدمت أكثر مما يقترحه الأخ الفاضل دعما لسوريا وشعبها حين وقفت مع خيار الشعب في نيل حريته واستعادة كرامته والدفاع عن نفسه وقد ضحت بالكثير الكثير من أجل ذلك، بالمقابل هناك فصائل نحن نطالبها فقط بالوقوف مع الشعب السوري كما فعلت حماس ولتحتفل بانطلاقتها ولكن ليس باحتلال الروس لحلب وليس بالوقوف إلى جانب نظام سفاح سوريا.

بعض الإخوة يرى أن الاحتفال مضيعة للمال وأن كل راية يمكن أن نشتري بثمنها "ربطة خبز" ونوزعها على الفقراء، وهذا والله شعور جميل تجاه الفقراء وخاصة في قطاع غزة، ولكن العمل التنظيمي والعسكري والسياسي يختلف عن عمل الصيارفة وتحويل العملة، بإمكاننا أن نحول كل فعالية لخبز وحليب مساعدة للفقراء ولكننا لن نستطيع بعدها الدفاع عن غزة التي من الممكن أن تنتصر بوجود الفقر ولكنها لن تنتصر إن لم تعد السلاح والعتاد والرجال والشعب المقاوم الذي ترتفع معنوياته وعزيمته مع كل استعراض لمظاهر القوة من جانب المقاومة، ولكن يمكننا أن نحول الأموال التي تهدر في السفريات المكوكية الخارجية لقادة منظمة التحرير أو الرواتب الخيالية التي يتقاضاها قادة بعض الفصائل إلى مساعدات للفقراء لأنها لن تكون على حساب مصالح الشعب وأمنه وإنما على حساب بعض المستمتعين بأموال الشعب دون وجه حق، فلماذا إذًا نتحول إلى عباقرة في الاقتصاد والحساب عندما يتعلق الموضوع باحتفال للمقاومة ونكون عميا صما بكما حين يتعلق الأمر بإهدار المال العام من جانب أنصار السلام أو أصحاب "الدكاكين" السياسية الآيلة إلى الاندثار؟